أقر رئيس وزراء مشيخة قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني بأن مشيخته تدخلت في سورية عبر المال وتجنيد المرتزقة بموجب ضوء أخضر من جهات لم يسمها موضحا أن مملكة بني سعود لم تكن تريد حينها الانخراط بالأزمة في سورية.
وقال بن جاسم في لقاء أجرته معه صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ردا على ما إذا كان يتحمل جزءا من مسؤولية هزيمة محوره في سورية “سأقول لك أمرا واحدا وربما تكون هذه المرة الأولى التي أقول بها ذلك.. عند بداية تدخلنا في سورية حصلنا على ضوء أخضر يفيد بأن قطر ستقود هذا الأمر”.
ولم يفصح بن جاسم عن الجهة التي أعطته الضوء الأخضر لكن المراقبين يرجحون أنها أمريكا و”إسرائيل” حيث أن المشروع الأمريكي في المنطقة ينصب على حماية أمن “إسرائيل” باستخدام أموال النفط والمعروف أن أكبر المستفيدين مما يجري في سورية هي “إسرائيل”.
واعترف بن جاسم أن تنافسا كبيرا وقع بين السعودية وقطر على قيادة عمليات التدخل في سورية وقال “السعودية لم ترغب بداية بقيادة الأمر لكن بعد ذلك حصل تغير في السياسة ولم تعلمنا السعودية أنها تريدنا في المقعد الخلفي.. وانتهى بنا المطاف الى التنافس وكان هذا غير صحي” في إشارة إلى انكفاء المشروع الغربي ضد سورية والذي اضطلعت في تنفيذه قطر والسعودية وتركيا.
وعلى نفس المنوال اعتبر بن جاسم أن سبب فشل سياسة مشيخته في ليبيا مرده تعدد الأطراف المتدخلة وقال “كان يوجد في ليبيا عدد كبير من الأطراف وهو ما أدى إلى إفساد الأمر هناك”.
وكانت قطر أول من أرسل طائرات ومقاتلين إلى ليبيا لمقاتلة الجيش الليبي بعد أن أقنعت جامعة الدول العربية بتنبي قرار يطلب من الأمم المتحدة التدخل في ليبيا عام 2011 انتهى بتدخل حلف الناتو وتدمير الجيش الليبي ونقل ليبيا من مرحلة الدولة إلى مرحلة الميليشيات والفوضى.
وفي تعليقه على العلاقات مع إيران اعترف بن جاسم بأن إيران تفوقت على الخليجيين وأنها أكثر ذكاءا منهم وقال “الإيرانيون أكثر ذكاء منا وأكثر صبرا وهم أفضل المفاوضين.. انظر كم عاما استمروا بالتفاوض مع القوى الكبرى.. هل تعتقد أن دولة عربية ستستمر بالتفاوض لتلك المدة..”.
وركزت الصحيفة في تغطيتها التي أخذت طابع المقال الموثق أكثر منه اللقاء على الثروة الكبيرة التي يملكها بن جاسم وأسرته وقالت إنه “أصبح أحد أغنى الرجال في قطر والعالم وواجهة لموجة شراء تقوم بها إمارة صغيرة وذلك إما بنشر ثروة عائلته أو دولته”.
وأضافت الصحيفة “ما علينا سوى تسمية أي شيء وسنجد أن حمد اشترى حصة فيه فعلى سبيل المثال يملك حمد شقة في منطقة الهايد بارك وفي متاجر هارودز وفي بورصة لندن وغيرها الكثير لذلك من غير المفاجئ أن نلتقي في مطعم فاخر تملكه العائلة الملكية القطرية” ويدل كل ذلك على مستوى الفساد في المشيخة التي تسيطر عليها العائلة المالكة وأنسباؤها في حين تغرق الصحف العالمية باخبار الانتهاكات القطرية بحق العمال حيث لا يحصلون على أجورهم ولا يتمتعون بأي درجة من الرعاية الصحية وهذا ما وثقته منظمة العمل الدولية في أكثر من تقرير.
وأشارت الصحيفة إلى أن بن جاسم أقيل أو تمت تنحيته من منصبه كرئيس وزراء لقطر الصغيرة منذ ثلاث سنوات كجزء من اتفاق تنازل بموجبه حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لصالح ابنه تميم.
وأشارت الصحيفة إلى أن اسم حمد ورد في ما سمي “أوراق بنما” التي كشفت استخدامه شركة “أوفشور” لإدارة يخته الفاخر الراسي في مايوركا والذي تبلغ قيمته 300 مليون دولار ما يعني أنه بعد كل هذه الثروة يسعى للتهرب الضريبي وفي إشارة إلى النفوذ الذي يتمتع به المال الخليجي في أوروبا في لندن قالت الصحيفة أن بن جاسم معروف في لندن بتسمية “ملك لندن للعقارات” مشيرة إلى أنه لا يكاد يخرج من قطر حتى يستبدل بـ “ثوبه الأبيض وغطاء رأسه” بدلة فاخرة عندما يكون في الخارج في إشارة إلى أنه يمارس دورا ترويجيا ولا يعنيه ذلك الذي يلبسه إلا بقدر ما يحقق له من مكاسب.
وكان لافتا أن حمد أقر أخيرا بتراجع نفوذ الولايات المتحدة التي تضع أهم قواعدها العسكرية في بلاده وقال “نحن حليف يمكن الاعتماد عليه ويجب أن تكون لدينا علاقة ممتازة مع الولايات المتحدة لكنها لم تعد توجد في المنطقة كما كانت سابقا”.
كما اعترف حمد بأن الخليجيين لم يحصلوا على شيء من أمريكا مقابل تبعيتهم لها وقال “لم يكن هناك أبدا توازن في العلاقات الأمريكية الخليجية.. على مدى 30 عاما كانت السعودية تقود الخليج الذي كان يتحكم بسعر النفط للغرب لكن على ماذا حصلنا بالمقابل.. عندما كان السعر يهبط بشكل كبير كانوا يقولون لنا إن نضبط السعر لكن بالمقابل عندما يرتفع السعر يبدؤون بالصراخ ويتهموننا بأننا محتكرون ويقولون إنه لا يمكننا القيام بذلك”.
يشار إلى أن بن جاسم استخدم نفوذه المالي في بريطانيا لشطب دعوى ضده قدمت من مواطن قطري أكد فيها أن بن جاسم استولى على أرضه مستخدما سلطته وقربه من العائلة المالكة.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 21/4/2016)