يتحول الشباب في دول جنوب شرق آسيا إلى الوهابية ولاسيما أن السعودية لا تتورع عن ضخ الأموال لنشر الوهابية هناك، فإذا ما كانت الولايات المتحدة جادة بمحاربة الإرهاب، كما تزعم، فمن الحري بها كسر العلاقة السعودية- الوهابية من خلال تفكيك المجمع الديني الوهابي بما فيه من مدارس ممولة سعودياً لنشر التطرف باعتبارها مصانع لتفريخ الإرهابيين من إفريقيا إلى أوروبا والآن آسيا. فهل يكون جنوب شرق آسيا ساحة للمعركة الإرهابية القادمة؟
سؤال طرحه موقع «آسيا تايمز» الصيني في مقال له لفت فيه إلى أنه في شهر أيار من العام الجاري صعقت ماليزيا العالم عندما أعلنت حكومة نجيب عبد الرزاق عن تطبيق بعض التعاليم الوهابية بعد أنباء عن حصول عبد الرزاق في نيسان الماضي على «هدية» من السعودية بلغت قيمتها 681 مليون دولار، الأمر الذي وصفه الدبلوماسي الماليزي المتقاعد دينيس أغناطيوس بـ«سعودة جنوب شرق آسيا»، محذراً من أن الوهابية السعودية تشكل أكبر تهديد للسلام والاستقرار في العالم اليوم وخاصة أن الرياض أسست على مر السنين كادراً كبيراً من «الأكاديميين» الوهابيين الذين كانوا بمنزلة جماعات ضغط تحرض على مزيد من التطرف وتعمل من وراء الكواليس للتأثير في السياسة الرسمية وتشكيل الرأي العام. ونتيجة لذلك، بحسب أغناطيوس، فإن ثقافة العنف والتعصب والكراهية التي تسود جزءاً كبيراً من منطقة الشرق الأوسط تتبدى الآن في جنوب شرق آسيا من خلال جاذبة الشباب من ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة والفلبين إلى القتال في صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية. وبالفعل فقد طالت الأعمال الإرهابية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين العاصمة الإندونيسية جاكرتا في ظل أن التنظيمات الإرهابية الوهابية باتت تنتشر كالطاعون في جنوب شرق آسيا.
ويعود الموقع للتساؤل: هل ستواصل الولايات المتحدة حماية العلاقة السعودية – الوهابية تحت جناحيها؟ ليجيب: لمن المفارقات أن الوهابية السعودية يتم تعزيزها وحمايتها تحت مظلة الأمن الأمريكي مع أن واشنطن تزعم بأنها «رائدة في الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب»، غير أنه ومن منظور آسيوي فإن الوهابية هي السبب الرئيس للإرهاب في الغرب والآن في آسيا، إذا ما تركنا جانباً دعم واشنطن للعلاقة السعودية- الوهابية الذي يجعلها مسؤولة عن هذه الآفة ما يقوض وبشدة «شرعية» مزاعم الولايات المتحدة بـ«مكافحة الإرهاب».
وأكد الموقع نقلاً عن أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز أبحاث السياسات ومقره نيودلهي براهما تشيلاني أن أمريكا تستخدم التطرف سلاحاً لإسقاط الأنظمة المعادية لها كما في أفغانستان والعراق وليبيا، في حين لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال لها تحت عنوان « العالم يحصد ما زرعه السعوديون» إلى أن الولايات المتحدة مدانة في دعمها للتطرف السعودي الوهابي.
وتابع الموقع: علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة تدعم أجندة السعودية في تحويل سورية إلى ما يسمى «إمارة» من خلال دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية أمثال «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية تماماً مثلما دعمت حركة «طالبان» الإرهابية في أفغانستان. والآن تدخل الولايات المتحدة على الخط من خلال سعيها إلى «إسقاط» الدول العلمانية والتعددية واستبدالها بـ«إمارات».
وخلاصة القول بحسب الموقع: إن تشدق واشنطن المستمر بأنها «المدافع عن الديمقراطية والحرية» في النظام العالمي الليبرالي الجديد لم يعد يحتمل، فها هي الدول الآسيوية تحصد الآن النتائج المترتبة على هذه السياسة الأمريكية الداعمة للإرهاب والتي لا مفرّ لواشنطن من وجوب إعادة رسمها، فهي بحاجة إلى إثبات اتباعها نهج مكافحة الإرهاب الذي تزعمه بالأفعال لا بالأقوال.
(المصدر: صحيفة تشرين السورية، بتاريخ 16/6/2016)