دعا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف حسام الدين آلا الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها إلى التوقف عن تجاهل مسؤولية التدابير القسرية الاحادية المفروضة على الشعب السوري والإرهاب الذي يطاله بدعم خارجي عن الأوضاع الإنسانية الصعبة في سورية مشيرا إلى أن “المقاربات المسيسة للملف الإنساني في سورية باتت نمطا ثابتا في تقارير وتصريحات المسؤولين الأممين وبما يتناغم مع ألاعيب الدول التي تتبنى موقفا معاديا للشعب السوري”.
وقال السفير آلا خلال اجتماع نظمه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للامم المتحدة /أوتشا/ حول الاوضاع الإنسانية في سورية وجوارها اليوم.. “إن يوم الاثنين الماضي كان داميا.. فقد خلاله العشرات من المواطنين السوريين حياتهم وتعرضوا لاصابات مختلفة نتيجة ستة تفجيرات ارهابية نفذها انتحاريون في محافظات طرطوس وحمص وريف دمشق والحسكة وهذه التفجيرات الارهابية التي استهدفت المدنيين السوريين هي مثال لما يتعرض له الشعب السوري من جرائم القتل والتفجير واستهداف الاحياء السكنية بالقذائف الصاروخية العشوائية على يد المجموعات الارهابية المسلحة المدعومة من حكومات بلدان مجاورة واقليمية ودولية تجاهر علنا وصراحة بدعمها لهؤلاء الارهابيين القتلة وتتظيماتهم التي تصر على توصيفها بانها جماعات معتدلة”.
وأضاف آلا.. “إن هذه الجرائم الدامية التي لم نسمع حتى الان أي ادانة لها من الامم المتحدة يجب ان تكون مناسبة للتوقف عن تجاهل مسؤولية الارهاب الذي يطال حياة السوريين والممتلكات العامة والخاصة والمرافق والبنى التحتية مثل المدارس والمشافي ومحطات توليد الكهرباء والمياه في التقارير الاممية التي تتناول الاوضاع الانسانية في سورية”.
وأشار آلا إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية لمكافحة الارهاب باعتباره المسبب الاساسي للازمة الانسانية ولإعادة الامن والاستقرار لكامل المناطق والمدن السورية بشكل يسمح بعودة موءسسات الدولة الخدمية واعادة تأهيل البنية التحتية وكذلك بعودة سريعة للنازحين والمهجرين الى بيوتهم وحياتهم الطبيعية.
ولفت آلا الى استمرار الحكومة السورية بالتعاون مع الوكالات الانسانية التابعة للامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر في مواجهة تبعات الازمة الانسانية وتلبية احتياجات مواطنيها في كل المناطق السورية دون تمييز.
وأوضح آلا أن الاحاطات التي قدمها ممثلو /اوتشا/ والوكالات الانسانية وتقييمهم للاوضاع الراهنة في سورية تفتقر إلى نقاط اساسية لفهم الاوضاع الانسانية وعدم الاكتفاء بالتعامل مع ارقام مجردة وفي مقدمة هذه النقاط هو أن الحكومة السورية توفر رغم الاوضاع الاستثنائية التي تمر بها والحصار الاقتصادي المفروض عليها ما نسبته 75 بالمئة من المساعدات الاغاثية مع الاستجابة للاحتياجات الانسانية لمواطنيها.
وبين آلا أن تعاون الحكومة السورية مع الوكالات الانسانية أتاح توفير وايصال مساعدات اغاثية لما يزيد على اربعة ملايين مستفيد في اطار خطط الاستجابة الاعتيادية الشهرية وايصال مساعدات اغاثية منذ بداية العام الحالي ولغاية الثاني والعشرين من اب الماضي لما يزيد على مليون وخمسمئة وخمسين ألف مستفيد في التجمعات والمناطق غير المستقرة.
ولفت آلا إلى أن هذا النجاح في ايصال المساعدات الى المناطق المستقرة وغير المستقرة ما كان من الممكن تحقيقه دون تعاون وثيق من الحكومة السورية ولكن التقارير الاممية لا تعكس هذا الواقع بل تصور الامر وكأن الاستجابة الانسانية وايصال الامم المتحدة للمساعدات يحصلان في فراغ ودون تعاون وتسهيلات من الحكومة السورية.
وقال آلا.. “إن هذه المقاربة المسيسة باتت نمطا ثابتا في التقارير والتصريحات التي يتم اطلاقها في اجتماعات مجلس الامن الدولي في نيويورك وفريق العمل المعني بالوصول الانساني في جنيف ومن يستمع الى بيانات وتصريحات وكيل الامين العام ستيفن اوبراين في نيويورك ومستشار المبعوث الخاص يان ايغلاند في جنيف يجد انها تتناغم في النهج والمضمون مع الالاعيب السياسية والاعلامية التي تمارسها الدول التي تتبنى موقفا معاديا للدولة السورية والتي جعلت من الام ومعاناة السوريين وسيلة لتحقيق سياساتها واهدافها”.
وأضاف آلا.. “لعل البيانات المتهورة التي صدرت في اعقاب التسوية التي تم التوصل اليها لاخراج المسلحين من داريا والبيانات التي صدرت بعد المبادرة الانسانية السورية الروسية بشأن المعابر الانسانية هي نماذج واضحة عن المواقف والبيانات التي تتخذ من المعاناة الانسانية رهينة للاجندات السياسية بنفس الطريقة التي تتخذ فيها الجماعات المسلحة من المدنيين دروعا بشرية ورهائن لابتزاز الحكومة السورية والمجتمع الدولي”.
وشدد آلا على أن الاهمال المتعمد الذي يتعرض له الوضع المعيشي والصحي المتدهور لسكان مدينتي الفوعة وكفريا ومعاناتهم من الجوع والعطش والاستهداف اليومي لبيوتهم وارزاقهم بمختلف انواع القذائف العشوائية التي تطلقها الجماعات الارهابية المسلحة يشكل نموذجا عن الانتقائية في الاستجابة الانسانية للاحتياجات في مختلف المناطق السورية حيث تستمر الامم المتحدة في التلطي وراء ذرائع مصطنعة لتبرير عجزها عن ايصال المساعدات الى الفوعة وكفريا وفي التهرب من ممارسة الضغوط على الجماعات الارهابية التي تحاصر المدينتين وعلى الدول المشغلة لهذه المجموعات وتتجاهل لاعتبارات لا علاقة لها بالمبادىء الانسانية ان الفوعة وكفريا هما المنطقتان الوحيدتان اللتان لم تتمكن طواقم الامم المتحدة والصليب الاحمر الدولي من دخولهما على الاطلاق للاطلاع على اوضاع السكان هناك وتقييم احتياجاتهم منذ بداية العام الحالي حتى الان.
وبين آلا أن القواعد الناظمة لعمل الامم المتحدة الانساني تقتضي منها ضمان ايصال المساعدات وليس السماح بتحويل قضية ايصال المساعدات الى رهينة بيد الجماعات الارهابية والرضوخ لابتزازها كما يحصل في حالة كفريا والفوعة.
وشدد آلا على أن الارقام المتعلقة بتقدير الاحتياجات في المناطق السورية المختلفة يجب ان تستند الى تقييمات موثوقة وذات مصداقية وان تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية التي تمتلك معطيات دقيقة حول حجم الاحتياجات الحقيقية لمواطنيها لافتا إلى أنه من غير المقبول استمرار التلاعب بتقديرات الاحتياجات في ظل شكوك جدية حول مصداقية وحيادية الاطراف التي تقدم التقديرات للامم المتحدة والتضخيم المريب لاعداد المستفيدين من المساعدات المرسلة عبر الحدود ليصل الرقم الى الملايين في مناطق لا يتجاوز تعداد السكان فيها الالاف.
واستهجن آلا التغطية على ما كشفته كثير من التقارير حول الفساد والتجاوزات التي جعلت من المساعدات المرسلة عبر الحدود عرضة للوقوع بيد الجماعات المسلحة في المناطق المستهدفة او للبيع في الاسواق وغياب الشفافية المتعمد حول ضمان وصول المساعدات الى مستحقيها.
وقال آلا.. “رغم الاقرار بتداعيات التدابير الاقتصادية القسرية احادية الجانب المفروضة ضد قطاعات خدمية حيوية تستجيب لاحتياجات السوريين اليومية واتساع تأثيرها على الوضع المعيشي للافراد وعلى القطاعات الاقتصادية والخدمية لكن الجهات المعنية بالشؤون الانسانية في الامم المتحدة تستمر بالامتناع عن اثارة هذه المسألة في تقاريرها وعن المطالبة برفع هذه التدابير غير القانونية وغير الاخلاقية التي فرضتها الدول التي تتباكى في الاجتماعات الدولية على الاوضاع الانسانية للسوريين والتي خلقت مصاعب امام توفير المستلزمات الاساسية لقطاعات حيوية كقطاعات الصحة والتعليم والطاقة والنقل والغذاء والمياه والكهرباء وغيرها وساهمت في خلق ظروف اقتصادية دفعت العديد من السوريين للهجرة والنزوح عبر الحدود”.
وختم آلا بالتأكيد على أن نجاح الحل السياسي القائم على الحوار السوري السوري بقيادة سورية ودون تدخل خارجي وتحسن الوضع الانساني يعتمد بشكل كبير على توافر مناخ دولي يؤدي الى الالتزام الدولي والاقليمي بمحاربة الارهاب بشكل جدي وبالتنسيق الكامل والشراكة مع الحكومة السورية مشددا على أن النشاط الاغاثي والانساني القائم سيظل قاصرا عن الاستجابة بشكل كامل للاحتياجات الكبيرة ما لم يتم الاعتراف بمسببات الازمة الانسانية والعوامل التي ادت لتفاقمها ومعالجتها وفي المقدمة مكافحة الارهاب والقضاء عليه والرفع الفوري للتدابير القسرية الاحادية المفروضة على الشعب السوري دون أي سند قانون أو أخلاقي.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 8/9/2016)