أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة استنكار سورية الشديد إصرار المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف على عدم التطرق للأوضاع في الجولان السوري المحتل مشيراً إلى تجاهل “إسرائيل” لمئات القرارات الأممية التي تطالبها بإنهاء احتلالها للأراضي العربية وارتكابها انتهاكات ممنهجة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان وصلت إلى درجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وقال الجعفري في بيان أدلى به اليوم أمام مجلس الأمن حول “الحالة في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية”.. “تعرب سورية عن استنكارها الشديد إزاء إصرار ملادينوف على تجاهل الحديث عن الأوضاع في الجولان السوري المحتل وإبراز موقف الأمم المتحدة من الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 497-1981 ناهيك عن عدم تطرقه للمرة العاشرة ربما إلى الممارسات الإسرائيلية غير القانونية المستمرة فيه وإلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق فصل القوات لعام 1974 من خلال تعاون “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال مع الجماعات الإرهابية المسلحة التي احتلت مواقع تابعة لقوات الاندوف على خط الفصل على الرغم من أن تلك الأمور تندرج في صلب البند قيد النقاش وتشكل جزءاً لا يتجزأ من ولاية ملادينوف كمنسق خاص لعملية السلام في الشرق الاوسط”.
وأضاف الجعفري أن اجتماع اليوم “يتصادف مع مرور نحو 50 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية و 50 عاماً على صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 و70 عاماً على اعتماد الجمعية العامة للقرار رقم 181 وبالرغم من اعتماد الأمم المتحدة لمئات القرارات خلال هذه العقود الطويلة التي تطالب كلها “إسرائيل” بإنهاء احتلالها للأراضي العربية ووقف جرائمها فقد دأبت حكومات “إسرائيل” المتعاقبة على رفض تنفيذ هذه القرارات وارتكبت انتهاكات ممنهجة وموثقة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الانسان وصلت إلى درجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وتابع الجعفري: “أكثر من نصف قرن من حملات الاستيطان وطرد السكان الفلسطينيين من بيوتهم وهدم منازلهم ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم.. أكثر من نصف قرن من التجاهل الإسرائيلي الكامل لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بإنهاء احتلال إسرائيل “مشيراً إلى مداخلة مندوب “إسرائيل” حيث قال بأن “قرارات مجلس الأمن لن تساعد الفلسطينيين بأي شيء”.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى مضي أكثر من نصف قرن من الدعم الأعمى الذي تقدمه دول نافذة بعينها من داخل مجلس الأمن لاستمرار سياسات الاحتلال الإسرائيلية في الأراضي العربية وذلك من خلال استخدام حق الفيتو وبالأحرى “امتياز الفيتو- لـ 44 مرة منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة ضد مشاريع قرارات حول الصراع العربي-الإسرائيلي.
وأشار الجعفري إلى تعرض المواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل منذ ما يناهز النصف قرن لأبشع سياسات القمع والتمييز العنصري والاعتقال والتعذيب والمحاكمات الصورية وحرمانهم من مواردهم الطبيعية ومن حقهم في الدراسة وفقاً لمناهج التعليم الوطنية السورية وحمل هوية وطنهم سورية ومن حقهم في بناء مشاف وطنية سورية في بلداتهم المحتلة في الجولان.
وقال الجعفري: “لم تكتف إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بكل ذلك بل تستمر في سياساتها الاستيطانية العدوانية التوسعية الرامية إلى تهويد الجولان السوري المحتل غير آبهة بقرارات الشرعية الدولية فقد قامت حكومة الاحتلال الإسرائيلية مؤخراً بمنح مستوطنات الجولان الأفضلية في صرف الميزانيات للبناء وذلك بعد اجتماعها الاستفزازي الأخير في الجولان في شهر نيسان المنصرم وهو الاجتماع الذي لم يثر حفيظة أحد في الأمانة العامة للأمم المتحدة وفي إدارة عمليات حفظ السلام والذي لم ينتبه إليه ملادينوف”.
وأضاف الجعفري: “كما تقدم إسرائيل الحوافز للمستوطنين الجدد مثل إعفائهم من الضرائب وإقامة مشاريع زراعية والمصادقة على خطط بناء آلاف الوحدات السكنية في الجولان السوري المحتل على غرار ما تقوم به في القدس المحتلة والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك في انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة”.
وأشار الجعفري في هذا الصدد إلى أن رئيس بلدية مستوطنة “كتسرين” الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل أعلن مؤخراً مخططات لبناء 4000 وحدة سكنية جديدة فيها لافتاً إلى أن هذا التوسع يأتي بمناسبة الذكرى الـ 40 لبداية الاستيطان الإسرائيلي في مستوطنة كتسرين التي أقيمت على أنقاض القرى السورية التي تمت إزالتها على الأرض وهي قرى قصرين والشقيف والدورة.
وأوضح الجعفري إلى أن “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال أضافت منذ بدء الأحداث في سورية فصلاً جديداً من أعمالها العدائية وانتهاكاتها لاتفاقية فصل القوات ولقرارات مجلس الأمن لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب تمثلت بتقديم كل أشكال الدعم للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل بما فيها “جبهة النصرة” المدرجة على قائمة مجلس الأمن حول الكيانات الإرهابية وذلك من خلال التواصل مع إرهابيي هذه الجماعات عبر خط وقف إطلاق النار وتسهيل عبورهم وحركتهم من أقصى جنوب منطقة الفصل إلى منطقة الشمال وتقديم الدعم اللوجستي والطبي لهم بشكل علني على شاشات التلفزيون الإسرائيلي بما في ذلك نقل الإرهابيين الجرحى عبر خط الفصل إلى المشافي الإسرائيلية ليتم علاجهم هناك على نفقة النظام القطري ومن ثم إعادتهم إلى داخل الأراضي السورية عبر خط الفصل أيضاً ليتابعوا نشاطاتهم الإرهابية في تلك المنطقة.
وقال الجعفري إن هذه الأمور “فاتت على أنظار ملادينوف وهي أمور وثقتها تقارير الأمم المتحدة كافة ويجب الانتباه هنا جيدا إلى أن هذه المساعدة الإسرائيلية للإرهابيين لا تشكل انتهاكاً فاضحاً لاتفاق فصل القوات ولولاية قوة الاندوف وللقانون الدولي فحسب بل تعرض حياة قوات الأمم المتحدة العاملة هناك للخطر وتقوض عملها وهذا ما حصل بالضبط عندما قامت تلك المجموعات الإرهابية في عدة مرات بخطف حفظة سلام تابعين للاندوف أو إطلاق النار عليهم واستهداف مواقعهم وقمنا بإبلاغ ادارة عمليات حفظ السلام بكل التفاصيل المتعلقة بما اشرت إليه بما في ذلك مسألة تواطؤ الاستخبارات القطرية في خطف حفظة سلام تابعين للاندوف من الكتيبة الفلبينية وطلبنا التحقيق في ذلك”.
وبين الجعفري أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسعى مؤخراً إلى بسط نفوذها على منطقتي وادي اليرموك ووادي الرقاد بريف درعا المتاخمتين للجولان السوري المحتل وصولاً إلى الحدود السورية الأردنية وذلك بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية المسلحة التابعة لـ “جبهة النصرة” والجماعات المرتبطة بها حيث تعمل هذه الجماعات على إفراغ العديد من القرى من سكانها عبر الضغط عليهم وحرمانهم من حاجاتهم اليومية والاستيلاء على المنازل التي غاب مالكوها لمدة تتجاوز اليومين ومنعهم من العودة إليها.
وقال الجعفري إن “الجيش العربي السوري يقوم بما يلزم لمنع “إسرائيل” والإرهابيين المتعاونين معها من تنفيذ مخططاتهم العدوانية ونقلنا في عشرات الرسائل معلومات موثقة حول الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ومازلنا ننتظر أن يقوم مجلس الأمن باتخاذ الاجراءات الفورية ضد “إسرائيل” لوقف اعتداءاتها وانتهاكاتها والزامها بالانسحاب من كامل الجولان السوري إلى خط الرابع من حزيران لعام 1967 وفقاً لقرارات مجلس الأمن ولاسيما رقم 242 و338 و497″.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 20/10/2016)