تتواصل عمليات إخلاء الأهالي من الأحياء التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية المسلحة شرق حلب تزامناً مع التقدم السريع الذي يحققه أبطال الجيش العربي السوري في استعادة السيطرة على ما تبقى من هذه الأحياء وإعادة الأمن والاستقرار إليها حيث يتم تأمين ممرات آمنة لهم ونقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة التي وفرتها المحافظة لهم في حيي جبرين ومساكن هنانو.
وعبر الأهالي الذين خرجوا من الأحياء المحاصرة عن فرحهم وسعادتهم بالوصول لحضن الوطن والمناطق الآمنة ولحسن الاستقبال الذي لمسوه من أبطال الجيش العربي السوري الذين يؤمنون لهم كل الوسائل اللازمة لحياة كريمة.
ويقول سعيد شحادة الذي استطاع الخروج من حي الحيدرية ويقيم في مركز جبرين للإقامة أن “المسلحين منعوا عن أسرته الطعام والإعانات الغذائية واحتفظوا بالأهالي كدروع بشرية وعندما حاولوا الخروج من هذه الأحياء أطلقوا عليهم الرصاص وأصيب العديد من الأهالي قبل أن يتمكنوا من الفرار تحت جنح الليل والوصول إلى نقاط الجيش العربي السوري الذي أمن خروجهم وإيصالهم لبر الأمان”.
من جهته قال عبدالله خليفة الذي خرج من حي الأرض الحمرا أن “الأهالي في الأحياء المحاصرة يتعرضون لمختلف أنواع الضغط النفسي والحصار من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ومنهم الأجانب الذين أطلقوا النار وبشكل عشوائي على 40 أسرة كانت تحاول الخروج من تحت نير استعبادهم” مشيراً إلى إصابة رجل كان يحاول الخروج معه وأضاف أنه “سعيد جداً بالوصول للأماكن الآمنة والرعاية والاهتمام التي حظيت بها أسرته في مركز الإقامة”.
وتقول أم عبدو التي كانت عيناها مليئة بالدموع أنهم تعرضوا “للمهانة والذل والتجويع” من قبل الإرهابيين الذين حاصروهم في الأحياء الشرقية حيث كان هؤلاء الإرهابيون “يوزعون ستة أرغفة من الخبز على عائلة كاملة مؤلفة من عشرة أشخاص فلم تكد تكفي شيئاً إضافة للارتفاع المذهل بأسعار المواد الغذائية والتموينية وقلتها وعدم وجود وقود التدفئة” مضيفة أنه مع وصولها لمركز الإقامة تم تأمين المسكن المناسب لأسرتها وتوفير الأغطية والألبسة والطعام وأهم شيء أنها شعرت بالأمان مع وجود “حماة الوطن قوات الجيش العربي السوري”.
وتقول الطفلة حلا حسن دراج أن أسرتها هربت مع أهل حارتها وساروا طيلة الليل وأصوات الرصاص ترعبها من العصابات المسلحة قبل أن يتمكنوا من الوصول لنقطة الجيش العربي السوري حيث شعرت بالفرح يغمر قلبها وعلى الفور حملها جندي وركض بها إلى مكان تجمع فيه الأهالي وتم تقديم الطعام لهم وعبرت عن فرحتها باللباس الجديد الذي قدمه لها الجيش في المركز مشيرة إلى أنها ستعود إلى مقاعد الدراسة التي حرمت منها طيلة السنين الماضية.
ويقول علي عبدالله محمد أنهم خرجوا من حي الصاخور تحت رصاص الإرهابيين مشيراً إلى أن اثنين من الأهالي استشهدوا فيما واصلوا الركض إلى أن تمكنوا من الوصول إلى نقاط الجيش العربي السوري حيث احتضنهم وأمن لهم الطعام واللباس وتم نقلهم لمركز جبرين للإقامة.
وفي مساكن هنانو التي بدأت باستقبال العائلات العائدة لمنازلها وتأمين المستلزمات من كساء وغذاء وأغطية وحرامات كان قسم كبير من الأهالي يعودون لتفقد منازلهم التي شهدت أعمال التخريب والتهديم والسرقة والنهب حيث وقف أبو مدين محمد يتفقد منزله الذي تضرر وسرقت أجزاء كبيرة من محتوياته من قبل المسلحين وقال إنه حتى لو خسر الكثير في منزله إلا أنه حظي بالأمن والأمان في حضن الوطن.
كما عبر مصطفى الأحمد عن فرحه بعودته لحيه الذي أجبر على الخروج منه لسنوات مشيراً إلى أنه وجد منزله وقد سرقه الإرهابيون الذين كانوا ينتشرون في الحي بالكامل وقال أنه شعر بالارتياح عندما تم منحه السلل الإغاثية والطعام واللباس والأغطية من مركز الإقامة المؤقتة الذي تم افتتاحه بحي مساكن هنانو.
من جهته أشار الدكتور عبد الغني قصاب عضو المكتب التنفيذي المختص بمجلس محافظة حلب المسؤول عن مراكز الإقامة المؤقتة إلى انه تم “تأمين برامج إغاثية كاملة وتوفير مراكز إقامة للعائلات والأهالي في جبرين وصالات جبرين ومساكن هنانو وتأهيل فريق طبي وإسعاف وتأمين الطعام واللباس وكل مستلزمات الأهالي إضافة إلى تشغيل خط للنقل الداخلي ليصل هذه المراكز بمدينة حلب و تنظيف حي مساكن هنانو وتأمين خزانات مياه الشرب وتوفير الطعام والوجبات السريعة وإنشاء نقطة طبية وتزويدها بمختلف أأنواع الأدوية الإسعافية واللقاحات ووحدة حماية شرطية حرصاً على المنازل والممتلكات ريثما يعود الأهالي إليها”.
ولفت قصاب إلى أن المحافظة “لا تزال تعمل على استقبال الأهالي والعائلات التي تخرج من الأحياء الخاضعة للمجموعات الإرهابية المسلحة إلى أن يستكمل أبطال الجيش العربي السوري تطهير هذه الأحياء من رجس الإرهاب والمجرمين”.
ويقول إبراهيم ماسو مدير التربية بحلب أنه تم “افتتاح مدرسة في مركز إقامة جبرين تحتوي 17 قاعة صفية وتستوعب 1200 طالب وذلك بالتعاون مع المنظمات الأهلية وتم تشكيل فريق للاستيعاب المدرسي وإجراء سبر للأطفال وتوزيعهم على الصفوف إضافة لتشكيل فريق للدعم النفسي كي يعود الطلبة للاستقرار” مشيراً إلى افتتاح مدرسة في مركز محالج جسرين تستوعب 300 طالب كما تم تجهيز مدرستين لاستقبال الطلاب في مساكن هنانو بالتوازي مع العمل على ترميم مدرستين إضافيتين لوضع الجميع بالخدمة مع افتتاح المدارس الأسبوع المقبل.
وخرج خلال الأيام القليلة الماضية آلاف المدنيين من الأحياء الشرقية الذين كان الإرهابيون يتخذونهم دروعاً بشرية حيث قامت الجهات المعنية بالمحافظة بتأمين مختلف المواد والاحتياجات الأساسية لهم.
وأعادت وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة أمس الأمن والاستقرار إلى أحياء أغيور وكرم الدادا وكرم القاطرجي والشعار والمرجة والشيخ لطفى وأحكمت سيطرتها على تلة الشرطة في حين أمنت خروج أكثر من 200 مدني وألقت القبض على عدد من الإرهابيين.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 8/12/2016)