أدت زيادة متوسط الرواتب بنسبة 11.4٪ المترافقة مع انخفاض في الأسعار بمعدل 1.5٪ إلى زيادة طلب المستهلكين بمقدار خمسة أضعاف الطاقة الإنتاجية المحلية، بحيث أجبر الاقتصاد على النمو فوق إمكاناته، كما تظهر الإحصاءات الرسمية التي تم تحليلها من قبل وكالة ميديا فاكس للأنباء. ووصلت امكانات النمو الاقتصادي في رومانيا إلى نسبة 4٪، ولكن النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي وصل إلى 4.8٪ في عام 2016، وذلك لأن معظم المجالات التي يوجد فيها استهلاك السكان – مثل التجارة والسياحة والخدمات -سجلت إيجابيات برقمين، وهو ما يتجاوز الإنتاج المحلي الصافي. وأدت الزيادات في الأجور التي أوصلت متوسط صافي الربح إلى 2300 لي (بزيادة معدلها 11.4٪ مقارنة مع نهاية عام 2015) إلى الإفراط في الاستهلاك، وتراجع في أسعار السلع والخدمات بنسبة 1.5٪ في المتوسط. وفي مواجهة هذه الموجة من المشترين الذين بدوا وكأنهم مصممين على إفراغ الرفوف، لم يكن لدى تجار التجزئة أي خيار سوى الاستيراد من الخارج. بعض الأمثلة المستمدة من بيانات المعهد الوطني للإحصاء (INS) – تجارة التجزئة: المؤشر الذي يعكس استهلاك السكان – قد زاد في المتوسط بنسبة 13.5٪، ومبيعات المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 13.7٪، وارتفعت قيمة السلع غير الغذائية بنسبة 15.2٪، وزاد بيع وتسجيل السيارات بنسبة 19٪. إلا أن الإنتاج الصناعي (المحلية) نما في العام الماضي 1.7٪ فقط، وتم تلبية الطلب المتبقي عن طريق الواردات التي ارتفعت بنسبة 7٪. وتم ملاحظة هذا العجز بشكل أفضل في مجال الغذاء، حيث سجلت الواردات رقما قياسياً تاريخياً مقداره 4.8 مليار يورو في عام زراعي يعتبر الأفضل خلال السنوات العشرة الأخيرة، وزاد انتاج الصناعات الغذائية المحلية بنسبة 2.7% فقط في حين زادت مبيعات الأغذية بمقدار خمسة أضعاف. وفقط الحليب زادت واراداته بحوالي 25% حيث وصلت الواردات من الخارج إلى حد أقصى تاريخي إلى نسبة 45% من الاستهلاك الوطني.
وبالتالي هناك مفارقات، فالمفارقة الأولى: من جهة، امكانات النمو هي 4٪ فقط وذلك بسبب أن البنية التحتية والقدرات المحلية لإنتاج هي في حالة سيئة، إن لم يكن عفا عليها الزمن، ولكن من ناحية أخرى، فإن الطلب المحلي كان قوياً لدرجة أجبر فيها النمو الاقتصادي للوصول إلى نسبة 4.8٪.
والمفارقة الثانية في تنفيذ موازنة العام الماضي: فعلى الرغم من أن الأشكال الرئيسية للتجارة الذي تولد ضريبة القيمة المضافة قد زادت من نسبة 13٪ إلى 19٪ إلا أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة انخفضت بنسبة 9.6٪.
أما العلامات الأفضل في عام 2016 فقد جاءت من قطاع الخدمات، والذي حصته في الناتج المحلي الإجمالي بازدياد مستمر. وكمتوسط عام، فقد زاد حجم أعمال الشركات في قطاع الخدمات بنسبة 8.4٪، والسياحة (الفنادق والمطاعم) بنسبة 15٪، والاتصالات 4.9٪. أما قطاع النقل – وهنا مفارقة أخرى-فقد نما بنسبة 13.1٪ في عام 2016 حتى دون أن تزداد شبكة الطرقات والطرق السريعة ولا خطوط السكك الحديدية بأي كيلو متر. وأخبار سارة أخرى جاءت من إحصاءات المصرف الوطني بخصوص الاستثمار الأجنبي الذي ارتفع بنسبة 18% ليصل إلى 4 مليارات يورو (رقم قياسي بعد الطفرة التي حصلت في عام 2008)، وكذلك الأخبار القادمة من وزارة المالية التي تشير زيادة الاستثمار العام -إنفاق الموازنة الرأسمالي -بنسبة 5.4٪.
وجاء الخبر السيء الوحيد من قطاع البناء والتشييد، الذي لم يتمكن من المعافاة حتى في عام 2016. حيث انخفض حجمه بنسبة (-4.8٪)، على الرغم من التوقعات الرسمية التي تم إصدارها مسبقاً والتي توقعت نمواً بنسبة 4.2٪ في عام 2016.
وتقدر اللجنة الوطنية لعام 2017 إمكانات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.6٪ فقط ونمو اقتصادي بنسبة 5.2٪، وهو ما يعني أن هذا العام سوف يكون مثل عام 2016، وهو عام المفارقات والنمو المدفوع بالقسر نتيجة لزيادة الاستهلاك.
(المصدر: وكالة الأنباء ميديا فاكس بتاريخ 15/02/2017)