تفشل شركات المقاولات الرومانية في الخروج من المستنقع الذي أوقعهم في أزمة. ويبدو أن مستقبل بعض الشركات أقرب إلى الإعسار وتفشل في الحد من الدين سوى من خلال الزيادة في السوق والتطوير وكسب مواقع جديدة. فالشركات الرومانية مثقلة بكثير من الديون تجاه الموردين والبنوك والدولة ولها هيكل إداري ضعيف.
فيجب على العديد من الشركات القيام بتعزيز الإدارة المالية، أي أن تأتي بمدير مالي يمكنه القيام بالتعديل والتصحيح وفقاً لموارد الشركة ووفقاً لخطط المالك الذي غالباً ما يتوسع في كل الاتجاهات، على الرغم من أنه في كثير من الأحيان ليس لديه أي معرفة أو خبرة في مجالات أخرى سوى المعرفة الأساسية.
لماذا هذا العدد الكبير من الشركات التي دخلت الإعسار، بحيث لم تتمكن من الخروج منه؟ في الحقيقة فإن أصحاب الشركات والمقاولين لا يعترفون بالواقع، بل قاموا بتأجيل إعادة الهيكلة على أمل أن تحصل معجزة، واستخدموا الموارد على المدى القصير من أجل استثمارات طويلة الأجل في مجالات أخرى ولم يكن لديهم أشخاص في الشركة يتناسبون مع ما يقومون به. على الرغم من أنهم رأوا ما حدث في الأزمة، إلا أن رجال الأعمال الرومانيين لم يستفيدوا كثيراً من الدروس المستقاة من الأزمة.
ويقول يوجين انيشيسكو مدير رومانيا لتحليل المخاطر في الشركة الفرنسية كوفاس إنه إذا كانوا قد نجوا من الأزمة فهذا لا يعني أنهم لن يواجهوا أزمة قادمة. بل يتعين على الشركات الرومانية توفير المزيد من السيولة وزيادة الربحية من خلال التمايز والابتكار.
وإذا نظرنا إلى البيانات المجمعة في عام 2015 فإن توازن الشركات الرومانية لا يبدو جيداً. ربما تتحسن النتائج كثيراً في عام 2016.
ويقول ليفيو فوينيا، نائب حاكم المصرف الوطني الروماني BNR إنه في هذه اللحظة يقوم الموردون والمؤسسات المالية غير المصرفية والبنوك في الخارج بأخذ مكان البنوك في الإقراض.
ولأن البنك لم يعد يعطي الائتمان، نظراً لعدم تحسن الوضع ولم يعد يأتي المقاول بالأموال من جيبه، وهي الأموال التي حصل عليها خلال فترة الازدهار، فيتم تمويل العديد من الشركات الريادية الرومانية من الموردين الذين بدورهم يرغبون بإلحاح بالبيع أكثر وإعطاء البضائع بالدين على أمل أنها سوف تسدد لاحقاً. ومن مدة 90 يوماً، أصحب دفع ثمن البضائع يتم بما يقرب من 150 يوماً، الأمر الذي لم يعد مشجعاً بالنسبة للموردين، أو للشركات الرومانية.
وتقول ألينا بوبا، مدير شركة كوفاس إن الديون تجاه الموردين تمثل ما لا يقل عن 40٪ من أصول الشركة وفيها أخطار مرتفعة للغاية إذا لم يدفع العميل.
فإذا كان البنك يعطى لياً واحداً، فإن المورد يعطي 3 ليات.
ويقول فيليشيو باراسكيف صاحب محلات السوبر ماركت في فرانتشا، إنه لتحسين أداء ريادة الأعمال في رومانيا، يجب على الدولة أصدار قانون بموجبه يتم دفع كل شيء على الفور. ومن شأن هذا السلوك المالي أن يخرج من السوق العديد من الشركات التي تعيش على مال الموردين دون الاستثمار في أي شيء ومن شأنه أن يحسن أوضاع العديد من الشركات الأخرى.
إن النمو الاقتصادي الذي سجل في السنوات الأخيرة في رومانيا، والذي هو تقريباً أعلى المعدلات في أوروبا، يُرى قليلاً في الشركات الرومانية وأكثر من ذلك في الشركات المتعددة الجنسيات.
ومن المفارقات، فإن رومانيا لديها أعلى معدل للنمو الاقتصادي في أوروبا، نرى أن الشركات الرومانية تتراجع. حيث أن الشركات الرومانية التي لها أكبر حصة في الأسواق فقط هي التي استفادت بشيء من اتجاه النمو الاقتصادي هذا.
ولن يتحسن الوضع في السنوات المقبلة، بل على العكس من ذلك، فإن الشركات متعددة الجنسيات هي التي تكسب المزيد لأن لديها السلطة والموارد.
ويفضل الحزب الاجتماعي الديمقرطي PSD، الذي تولى الحكم في منتصف عام 2012، تحقيق النمو الاقتصادي عبر الاستهلاك ومن خلال زيادة رواتب العاملين الدولة وزيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات وبشكل أقل من خلال نموذج الاستثمارات أو إعادة الهيكلة الإدارية.
ولكن زيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية يتم دعمها من قبل الدين، وتأجيل الديون القديمة وتوليد ديون جديدة. والفرق هو أن القروض هي أكثر بالعملة المحلية منها باليورو أو الدولار، الأمر الذي يجذب اهتماماً أقل.
إن تراجع استثمارات الدولة إلى أدنى مستوى له خلال السنوات العشر يؤثر على الشركات الرومانية التي هي من موردي المشاريع الرئيسيين.
في هذه الظروف، قد نشهد “احتجاج” للشركات الرومانية ورجال الأعمال الرومانيين الذين لا يريدون الدخول في صراع، وسوف ينسحبون تدريجياً من قطاع الأعمال والاقتصاد.
(المصدر: الصحيفة المالية، 28/05/2017)