ولى زمن المظاهر في عملية تغيرات الأسعار. فخلال مدة عامين 2015 و2016، حيث كان لدى المستهلكين والكثير من وسائل الإعلام في رومانيا الانطباع بأن الأسعار في رومانيا تنخفض بشكل كبير. وكانوا يكتبون بأن “لديهم انطباع” وأما في الواقع فالأسعار لم تنخفض.
شيء آخر حدث: الأرقام المعلنة على بطاقات محلات المواد الغذائية سجلت قيماً أقل. لم تكن تعبر عن انكماش الأسعار. لأن التسميات على البطاقات لها قيمتين اثنتين. المكون الأول هو ضريبة القيمة المضافة، والذي يذهب كلياً للدولة إلى جانب إيرادات الميزانية. والمبلغ الآخر يشكل تكلفة المنتج المعد للتسويق بالإضافة إلى معدل (غير محدود) يتمثل بالهامش التجاري. ما استجد من أمر؟ المكون الثاني من البطاقة، يحتوي على الجزء الذي يعود إلى التجار ويدفعون منه للمنتجين، ولم يمسه أحد. وعلاوة على ذلك، في هذا المكون “ضاعت” اثنين إلى ثلاثة في المئة، وخاصة بالنسبة للسلع الغذائية، تضاف على حساب المستهلكين الذين لا على كل الأحوال يدفعون أقل نتيجة لتخفيض ضريبة القيمة المضافة. لذلك: فلا يمكن الحديث عن الانكماش بأي حال من الأحوال.
كما انخفض بشكل كبير الجزء العائد لميزانية الدولة: من نسبة 24 إلى نسبة 9 في المئة ضريبة القيمة المضافة على السلع الغذائية. ومن نسبة 24 إلى نسبة 19 في المئة ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات غير الغذائية. وهكذا وصلنا إلى التضخم السلبي. لعامين.
الثلاثاء 11 تموز اعلمتنا الاحصائيات أرقام تحركات الأسعار في حزيران 2017. معدل التضخم السنوي (حزيران 2017 إلى حزيران 2016) هو إيجابي. بزيادة تصل إلى 0.9 في المئة. في الواقع، انها زيادة تعود إلى بداية هذا العام. سنفهم بشكل أفضل الكيفية التي أوصلتنا إلى هنا إذا قمنا بدراسة بحثية في تاريخ الـ 27 سنة ونصف السنة بعد كانون الأول 1989.
كيف جنت الأسعار؟ السبب واضح: لأن سياسة الإصلاحات عموماً تفتقر إلى شجاعة فتح الحقول على مصراعيها. بينما في رومانيا منذ عام 1990 وحتى الآن، تم تناول كل الإصلاحات الضرورية على الاطلاق -إصلاح الأسعار، وإصلاح التكاليف في الشركات المملوكة للدولة، وإصلاح عقود، الإصلاح الإداري، وإصلاح الهياكل الصناعية، وإصلاح البيئة الاقتصادية – وحقيقة أن جهد التغيير تم تنفيذه بشكل “انتقائي” فمرة في مجال ومرة في مجال آخر دون فتح كل الجبهات في وقت واحد، أدت إلى التأخير من حيث الكفاءة. وفي هذه الظروف، اعتادت العديد من الشركات، لا سيما من ذوي الإدارة الضعيفة “على اللجوء” إلى التضخم.
وكانت الذروة في عام 1993، عندما ارتفع التضخم إلى 300 في المئة. وشكل كارثة في حينها. وفي الفترة من تشرين الثاني 90 إلى كانون الأول عام 93 تم تحطيم مدخرات الأسر والشركات. وبعدها بدأ التضخم في التراجع. في الواقع، في عملية تبادلية فمرة تضخم ومرة انكماش، وحركة الأسعار كانت تتم ببطء. من 300 في المئة في عام 1993 حتي 1.79 في المئة في عام 2012. ثم ارتفعت من جديد لتقترب من نسبة 5 في المئة في أوائل عام 2013. وانخفضت بعدها مرة أخرى.
ولكن عتبة 1.79 في المئة في شهر أيار عام 2012، بينت لنا معيارا. فعند هذا المستوى، أي حوالي 2 في المئة فإن حركة السعر هي الحركة المثلى. هنا يجب أن يعود وأن يبقى التضخم لدينا. ومن المؤكد فقد انصدمنا بنظريات غريبة مثل: إن معدلات التضخم مرتفعة تساعد الناتج المحلي الإجمالي، وهذا هراء. لأنه لن يتم دفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (والمستدام) بتحريك الأسعار التي تتحرك صعوداً بدورها، ولكن فقط عن طريق النمو السليم القائم على المنافسة والتنافسية والفعالية.
ولتحقيق نمو اقتصادي قوي فإن التضخم بحاجة الى مسار واحد فقط وهو التوجه نحو الأسفل … ولكن ليس أقل من نسبة 2 في المئة عندما يرتفع التضخم. أو، مثل ما هو عليه الآن، حيث أن التضخم هو أقل من 1 في المئة والاتجاه المطلوب هو نحو الأعلى … ولكن ليس فوق 2 في المئة.
لماذا لا أقل ولا أكثر من نسبة 2 في المئة؟ لأن 2 في المئة أو أقل، مع توجه الأسعار نحو الانخفاض ستبدو الأسواق والمحلات التجارية فارغة من البضائع. ومن ثم، فقدوم المزيد من المال سيكون دون فائدة إذا أصبحت البضاعة أقل! ولكن إذا ارتفع التضخم إلى قيم أعلى من المال الجديد فإن هذه الأموال لن تصل إلى أنشطة جيدة أو استثمارات مربحة وإنما إلى الأسعار. ويسعى المصرف المركزي الأوروبي منذ بداية الأزمة أن يزيد التضخم إلى 2٪. إلا أنه لم ينجح حتى الان.
(المصدر: الصحيفة المالية بتاريخ 11/07/2017)