أقامت وزارة الثقافة مساء اليوم حفل تسليم جوائز الدولة التقديرية لعام 2017 للفائزين في مجال النقد والدراسات والترجمة للأب الياس زحلاوي وفي مجال الفنون للفنانة ميادة حناوي وفي مجال الأدب للأديب حسن م يوسف وذلك على مسرح قاعة الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون.
وخاطب وزير الثقافة محمد الأحمد الفائزين خلال كلمة له “إن ثقافة بلدكم وشعبكم تتشرف بكم وبعطائكم وبما بذلتموه من كد وجهد من أجل أن تقدموا صورة ناصعة وحقيقية عن حضارة سورية وإرثها الغني وإسهامها الكبير في تاريخ الإنسانية”.
وأكد وزير الثقافة أن سورية تحظى بطاقات هائلة كما ونوعا وتضم كوادر في مجالات عديدة ففيها رغم الحرب الظالمة وفرة من المبدعين بالشعر والقصة والرواية والمسرح والسينما ومختلف الفنون الذين لم يتوقفوا عن ممارسة دورهم وزادتهم الحرب إصراراً وصمودا وتحديا وتناغموا بروعة مع جيشهم وشعبهم في درء العدوان.
وتابع الأحمد “إن سورية صمدت بفضل قيادتها وجيشها وأبنائها المدافعين عنها وبفضل ثقافتها العريقة وحضارتها الممتدة في التاريخ وبفضل الأدباء والباحثين والفنانين المبدعين”، مؤكداً أن إرادة السوريين هي المضي قدماً في الطريق التي يشقونها اليوم بصلابة واقتدار من أجل إعلاء كيان الحب والحياة والخير والجمال وأن النشاطات الثقافية المقامة يوميا تشكل إيقاعاً لحياتنا الثقافية التي تأبى الرضوخ والاستسلام.
وعاد الأديب حسن م يوسف في كلمته بذاكرته إلى الماضي البعيد منذ نشأته وشبابه الباكر في قريته الدالية بريف اللاذقية إلى دراسته الجامعية بدمشق وتفاصيل أثرت في مسيرة حياته مستذكرا شخصيات وقفت معه وآمنت به وساندته حتى شق طريقه في عالمي الأدب والصحافة قائلاً “لم نعط الكلمات لنختبئ خلفها والكلمة التي لا تجعل الإنسان أرقى وأنقى هي مجرد كتابة في الهواء”.
وقال “حاولت من خلال فيلم رؤية صلاح الدين من إخراج وإنتاج نجدت إسماعيل أنزور قبل 17 عاماً أن أصرخ بوجه العرب وأن يطلقوا سراح عقولهم لكن الصرخة تبددت” موجهاً الشكر لأبطال وشهداء الجيش العربي السوري الذين صانوا وحدة التراب الوطني وحرسوا أيامنا وليالينا ومكنونا أن نعيش ونكتب ونحتفل ونحظى بالتكريم.
وختم يوسف كلمته بالقول “أقصى الصلابة فولاذ دمشق.. وأقصى النعومة بروكار دمشق وأقصى العذوبة فيجة دمشق وأقصى الجمال نساء دمشق وأقصى الدماثة إنسان دمشق وأقصى البطولة يوسف عظمة دمشق وأقصى القداسة تراب دمشق”.
وقال الأب الياس زحلاوي في كلمته “كان حسبي في كل ما قدمته أن يكون انعكاسا لما يمليه علي الواقع الذي أعيشه في وطني بالكلمة المغناة والموضوعة والمترجمة وكان همي الكبير في كل ما عملت به هو الإنسان في سورية والوطن العربي والعالم حيث اكتشفت بفضل تعاوني مع الشباب في سورية قضايا مطروحة وحساسة من أهمها نزعة الهجرة لدى الشباب الجامعي منذ عام 1962 ولمست أن هؤلاء محرومون من الفرح كونهم كانوا يعانون من أمور ضاغطة لا تتيح التعبير بالكلمة الحرة عن أعماقهم”.
وأشار الأب زحلاوي إلى أن ما يحدث اليوم في نطاق ما يسمى الربيع العربي هو ترجمة حرفية للفساد الذي استشرى وباتت فيه بعض القيادات العربية تبيع دولها وشعوبها للعالم أجمع ولا سيما للكيان الصهيوني الذي زرع في أرضنا وأخذ يبتلعنا شيئاً فشيئاً ويؤلبنا على بعضنا مستعرضا مؤلفاته البحثية وترجماته التي تناولت التعايش بين أبناء الديانات السماوية في سورية والخطر الذي تمثله السياسات الأميركية إزاء شعوب الأرض وجوقة الفرح التي أسسها لبناء جسور روحية بين أبناء الوطن الواحد في سورية ومع الوطن العربي والعالم.
وختم الأب زحلاوي كلمته قائلاً “لقد من الله علي أن أخلق وأعيش في سورية وانطلق منها للعالم لأقول من أراد أن يكرم الله فليكرم الإنسان ومن أراد أن يصلي فليتصل بالإنسان وهذا بنظري أهم وجوه أي بحث يستطيع فرد أن يقدم عليه وكل الأبحاث خارج الإنسان لا قيمة لها”.
وشكرت الفنانة ميادة حناوي وزارة الثقافة على هذا التكريم الذي يأتي ضمن مباردة وطنية تسعى لتكريم المبدعين السوريين.
وكانت حناوي أعربت في تصريح سابق لوكالة سانا عن سعادتها بهذه الجائزة ولا سيما أنها كرمت على أرض وطنها سورية الحبيبة التي قدمت مئات الشهداء في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب لتبقى عزيزة وصامدة مؤكدة فخرها لكونها تكرم مع قامات سورية كبيرة كالأب الياس زحلاوي والأديب حسن م يوسف متمنية عودة الأمن والأمان لربوع سورية وأن تبقى شامخة بوجود أبنائها المخلصين.
وسلم كل من عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الدكتور مهدي دخل الله ووزير الثقافة محمد الأحمد في ختام الحفل جائزة الدولة التقديرية وميدالية ذهبية مع براءتها.
والأب إلياس زحلاوي ولد في دمشق عام 1932 وتعلم فيها دروسه الابتدائية ثم تابع دراسته الإعدادية والثانوية في القدس بفلسطين ورياق في لبنان ودرس الفلسفة واللاهوت في القدس ورسم كاهنا في دمشق عام 1959 ودرس في مدارس دمشق الخاصة والحكومية وقاد جوقة الكاتدرائية حتى عام 1966.
وأنشا عام 1968 أسرة الرعية الجامعية وأسس مع المخرج الراحل سمير سلمون فرقة هواة المسرح العشرون التي قدمت العديد من المسرحيات العربية والأجنبية.
وكتب عام 1971 مسرحية المدينة المصلوبة عن الصراع العربي الإسرائيلي وعين عام 1977 كاهناً في كنيسة سيدة دمشق فأسس جوقة الفرح بخمسة وخمسين طفلاً وهي تضم اليوم أكثر من 600 منشد وموسيقي وزارت الجوقة فرنسا وهولندا وألمانيا وبلجيكا واستراليا والولايات المتحدة وقدمت أمسيات دينية مشتركة مع فرقة حمزة شكور وأسس عددا من الجمعيات الخيرية المختلطة ازداد نشاطها بعد الحرب على سورية.
ودرس الأب زحلاوي اللغة اللاتينية والترجمة بين 1973-1978 واللغة الفرنسية وتاريخ المسرح بين 1977-1978 في المعهد العالي للفنون المسرحية وله 23 كتاباً موضوعاً ومترجماً بينها 3 مسرحيات واثنان بالفرنسية كما ترجم الكتاب المعرفي الموسوعي وتاريخ المسرح وفي خمسة أجزاء وسيصدر له قريبا كتاب يتضمن بعض حياته وتجربته.
أما الأديب حسن م يوسف من مواليد قرية الدالية بريف اللاذقية عام 1948 عمل كمحرر ثقافي رئيسي وكاتب عمود ساخر في جريدة تشرين يكتب حالياً في جريدة الوطن السورية وشارك في لجان تحكيم عدد من المهرجانات الفنية والمسابقات الأدبية وكتب سيناريوهات عدد من الأعمال الدرامية واستطلاعات وتحقيقات صحفية عن عمان والعراق ومصر وسورية والصين والهند هنغاريا وقرغيزيا وفنلندا وأمريكا كما ترجمت بعض قصصه إلى الفرنسية والإنكليزية والصينية والإسبانية والروسية وكتبت عنها أطروحات جامعية.
وأجرى حوارات مع عدد كبير من أبرز الوجوه الثقافية العربية والعالمية أمثال فانيسا ريدغريف وسعيد حورانية وميرنال سين وعاصم الباشا وعبد الرحمن منيف ونيقولاي خايتوف ومريام ماكيبا ودريد لحام وعادل قرشولي وجنكيز إيتماتوف وزياد الرحباني وثيو أنجيلوبوليس وخوسيه ميغيل بويرتا.
وصنف عام 2014 من مجلة أريبيان بزنس كواحد من أكثر مئة شخصية عربية مؤثرة في العالم عن فئة المفكرين وشارك في عدد من المعارض السنوية لجمعية التصوير الضوئي بدمشق كما ترجم العديد من القصص والمقالات والدراسات من الإنكليزية إلى العربية.
والفنانة ميادة الحناوي من مواليد مدينة حلب لقبت بمطربة الجيل وصنفت في الصف الأول بين المطربات العرب حيث غنت في صغرها وتبناها فنيا الموسيقار محمد عبد الوهاب كما تعاملت مع كبار الملحنين بمصر على رأسهم محمد الموجي ومحمد سلطان وحلمي بكر في حين كانت انطلاقتها الكبرى مع الموسيقار بليغ حمدي.
وغنت حناوي مع بليغ حمدي أروع أغانيها الطربية منها “أنا بعشقك” و”الحب إلي كان” و”أنا أعمل إيه” و”سيدي أنا” وغيرها من أروع الأغاني التي حققت لها انتشارا كبيرا بالعالم العربي وبين الجاليات العربية بأميركا وأوروبا.
ولحناوي العديد من الأغاني الوطنية بدءاً من “جبهة المجد” و”يا شام” و”يسلم ترابك ياشام” التي تعاملت خلالها مع كبار الشعراء والملحنين في سورية والوطن العربي.
وكانت وزارة الثقافة منحت جائزة الدولة التقديرية لعام 2016 للكاتبة ناديا خوست في مجال الآداب والفنانة سلمى المصري في مجال الفنون والأديب محمد حسن قجه في مجال النقد والدراسات والترجمة.
(المصدر: وكالة سانا للانباء، بتاريخ 13/7/2017)