أدت أزمة اللاجئين، والتدخل الروسي في أوكرانيا والجهود المبذولة للحفاظ على نفوذها تجاه بعض دول أوروبا الشرقية، وخروج بريطانيا، والعلاقة القوية عبر الأطلسي، إلى تفضيل التنفيذ الدقيق للمبادرة الفرنسية الألمانية بيسكو PESCO (التعاون المنظم الدائم) وتضخيم جهود الدفاع في قارة تضم بالفعل حلف الناتو والعديد من الاتفاقيات الدفاعية الثنائية والمتعددة الأطراف.
وعلى الرغم من أن المبادئ الأساسية للتعاون المنظم الدائم (بيسكو) تتضمن ترشيد البحوث في مجال الدفاع الأوروبي والتموين، وتطوير القدرات اللوجستية الأكثر استقلالية وإثارة للإعجاب، مقابل الحمائية (السياسة الاقتصادية لتقييد التجارة بين الدول( وكفاءة الصناعات الدفاعية لدول أوروبا الشرقية إلا أنها يمكن أن تسبب مشاكل خطيرة في تنفيذها.
ومن خلال مفهوم التعاون المنظم الدائم (بيسكو) تجري محاولة إعادة تعريف الدفاع الأوروبي من خلال تكامل الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، وهي خطوة مهمة ولكن سيتم تعديلها وفقاً لخصوصيات المنطقة.
ويؤثر التزام قوي من قبل البلدان في أوروبا الشرقية بحلف شمال الأطلسي، ووجود دول أعلنت حيادها (النمسا وفنلندا وايرلندا والسويد)، والحماية المفرطة تجاه تجمع صناعات الدفاع الأميركية وكذلك الصناعات التي تسيطر عليها الدولة بشكل عام، تؤثر على هذه المبادرة من حيث تطوير الاستراتيجيات المشتركة، وتناقص القدرة التنافسية وغير ذلك.
وتولد أهمية شركات الدفاع للسياسات الوطنية بالضرورة الحمائية، وخاصة أن سبع دول أعضاء هي من بين مصدري الأسلحة.
وفي الوقت نفسه، فإنه من غير المحتمل أن تقوم شركات مثل داسو Dassault ، وBAE بي أي إي سيستمز (هي شركة متعددة الجنسيات مختصة في الصناعات الجوية والدفاعية مقرها في لندن ولها فروع في جميع أنحاء العالم. ومن بين أكبر شركات الصناعات الدفاعية في العالم. المرجع ويكيبيديا)، يوروفايتر المحدودة، وشركة ساب Saab وفينميكانيكا Finmeccanica بالتخلي عن المزايا التنافسية لخدمة المشروع الأوروبي الأوسع. لأن مثل هذه المنافسة ستؤثر على الجهود الرامية إلى إنشاء قاعدة صناعية وتكنولوجية موحدة.
وعمليات الشراء التي تتم من قبل الدول الأعضاء، لنسبة 80٪ من معدات الدفاع في السوق المحلية، أدت إلى تنوعها (37 نوعاً رئيسياً من الدبابات و12 نوعا من الطائرات من نوع التزويد بالوقود و19 أنواع مختلفة من الطائرات المقاتلة، وما إلى ذلك) سوف تضع هياكل الدفاع الأوروبية أمام صعوبة كبيرة على المستوى الأوروبي في مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع عددها 180 ويجب تخفيضها إلى 30 نظاماً.
إن أي تقدم حقيقي في التكامل الدفاعي الأوروبي يتطلب التوفيق بين الأولويات الاستراتيجية بين الدول، من أجل البدء في معالجة استراتيجية مشتركة للاستثمار والتدريب. ومع ذلك، ستؤدي الضرورات الاستراتيجية التنافسية بالدول إلى تبني أو رفض المبادرات الجديدة، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى أوروبا ذات سرعات متعددة.
تعاون القوات المسلحة الألمانية والقوات المسلحة الهولندية والتشيكية والرومانية المستوى الثنائي، من خلال مفهوم الأمم الأساسية في حلف شمال الأطلسي (مفهوم الأمة الإطار) بالإضافة إلى مبادرة جديدة للتدخل الأوروبي التي اقترحتها فرنسا، تمثل ما يسمى بالعناصر التي تؤدي لتكوينات من القوات مع الدول الشريكة. وتهدف هذه المبادرات إلى إنشاء مذهب استراتيجي مشترك من أجل تخطيط الإمكانيات والمشتريات العامة واعتماد صناعة الدفاع والحمائية القائمة على أساس متعدد الأطراف.
إذا تذكرنا حقيقة أن مقترحات مشروع التكامل الفرنسي الألماني ترافقت بالشكوك من قبل وارسو وبودابست، فإن ترتيباً بخصوص اعتماد مشروعات متعدد السرعات من شأنه أن يخلق معضلة لتلك الدول التي هي في صراع سياسي مع الدول الرئيسية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ولكن حتى مع وجود اختلافات في النهج بين ألمانيا التي تريد أن يكون مشروع التكامل أكثر شمولاً وفرنسا التي تؤكد على الإدارة الذاتية على المستوى الاستراتيجي، فإن التطورات في كل من الدولتين تشير إلى درجات من التقارب بشأن هذه المسألة.
وعلى الرغم من هذا النهج والنظرة بأن أوروبا بسرعات مختلفة ربما هي أكثر صحة من أوروبا شاملة، والذي أدى إلى العرقلة وعدم الكفاءة في مجال الدفاع، فقد أدى مفهوم التعاون المنظم الدائم بيسكو إلى إحياء السياسة الأمنية الأوروبية والتكامل المسبق كحل متفائل ذي عواقب مفيدة للدفاع الأوروبي.
(المصدر: وكالة أجير برس بتاريخ 10/6/2018)