صرح المستشار السياسي للسفارة الأمريكية في بخارست، ديفيد ألين شيلايفر، في مقابلة مع على محطة Digi24 أن محاولات روسيا على مدى السنوات القليلة الماضية يعتبر على مستوى البعثة الامريكية في بخارست مصدر قلق كبير في خلق انقسامات ضمن المجتمع الروماني من خلال الدعاية (البروباغاندا)، ومن خلال المنشورات والمشاركات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقال الدبلوماسي الأمريكي “أريد أن أركز على روسيا، لأنها الشغل الشاغل لأمريكا، وكذلك على رومانيا، وعلى هذا الجزء من العالم. روسيا بالتأكيد مصدر قلق كبير لسفارتنا في بخارست، ونحن نرى أنه خلال السنوات القليلة الماضية هناك محاولات روسية استراتيجية للتأثير على كل من السياسة الحالية في أوروبا الشرقية، أو على أوروبا ككل، وليس هذا فحسب، ولكن أيضا لإضعاف الدول في بعض النواحي، على المدى الطويل (…) ونحن قلقون جداً من محاولات روسيا في رومانيا بخلق فكرة ما، من خلال “البروباغاندا”، وباستخدام منصات تقليدية، مثل سبوتنيك وغيرها، وباستخدام أشرطة الفيديو التي تصبح سموماً على شبكات التواصل الاجتماعي وكل ذلك لإضعاف رومانيا، وخلق انقسامات في المجتمع الروماني، وخصوصاً لخلق خلافات في الإدراك بين رومانيا وشركائها الغربيين، وإضعاف العلاقة عبر الأطلسي بين رومانيا والولايات المتحدة، ولكن أيضا لإضعاف انتماء رومانيا للاتحاد الأوروبي وكل هذا لمصلحة السياسة الخارجية لموسكو كمعارضة للمصالح المشروعة لرومانيا”.
وحذر الدبلوماسي الأمريكي أنه من الممكن وبوقت حقيقي مشاهدة “الجهود الروسية الرامية إلى التلاعب بالانتخابات وهذا لا يعني أنها سوف تسعى لانتخاب مرشح معين، بل إلى خلق مزيد من الانقسام خلال الدورة الانتخابية، في محاولة لجعل الناس أقل ثقة بمؤسساتهم وبالنظام الانتخابي” ، وهذا ما رأيناه في الانتخابات الأميركية الأخيرة.
“لدى رومانيا الكثير من القواسم المشتركة مع روسيا”
وأشار الدبلوماسي الأمريكي أيضاً إلى أن المستهدف من خلال هذه “الاستراتيجية المتطورة للغاية” هم الشباب في رومانيا، في مسعى من روسيا إلى تآكل العلاقات بين رومانيا وحلفائها الغربيين على المدى الطويل .
وأضاف “يمكنني على المدى الطويل الإشارة إلى استراتيجية أخرى تؤكد مثل هذه الروايات ومضمونها حيث تستهدف الشباب على وجه الخصوص، لأنهم لا يتذكرون الحقبة الشيوعية “تشاوشيسكو” ومعاناتها أو أنهم كانوا أطفالاً في ذلك الوقت ولم يعيشوا تجارب تلك الأوقات أو ما حدث مباشرة بعد الثورة (1989)، لذلك يمكن أن يكونوا أكثر عرضة لمثل هذه الرسائل، لذلك لدى “رومانيا الكثير من القواسم المشتركة مع روسيا أو مع دول أخرى في الشرق أكثر مما لو كانت الشركاء والحلفاء في مناطق أخرى خارج أوروبا الوسطى والشرقية. لدينا ثقافات وانتماءات دينية. وهذه الأمور كلها جيدة وإيجابية وقد تكون أمثلة للاحتفال بها في سياق الروابط القائمة بين رومانيا ودول مثل روسيا أو دول أخرى، ولكنها تحولت بدلاً من ذلك إلى شيء سلبي، بدلاً من أن تكون شيئاً إيجابياً يستحق الاحتفال به، ووتحولت لتصبح أداة لإبعاد رومانيا عن الغرب. ليس لرومانيا الكثير من القواسم المشتركة مع الأميركيين ولم يكن لديها الكثير من القواسم المشتركة مع الأوروبيين في الغرب، وعليه ليس لديها ما تبحث عنه في تلك المجتمعات. نحن قلقون من أنه وبمرور الوقت سيكون هذا النوع من الرسائل خطيرٌ جداً، يضعف ويهدد العلاقات على المدى الطويل بين رومانيا والغرب”.
وأشار المستشار السياسي للسفارة الأمريكية في بخارست، ديفيد ألين شيلايفر إلى أنه ونتيجة لهذه الاستراتيجية وعلى المدى الطويل سيتم إضعاف رومانيا كدولة، وليس بالضرورة إخراجها من الاتحاد الأوروبي أو من حلف شمال الأطلسي. وأضاف “هذا لا يعني أن رومانيا سوف تخرج من الاتحاد الأوروبي أو شيء من هذا القبيل، بالطبع لا، ولكن أعتقد أن هذا قد يعني أن مشاعر الناس بخصوص تلك الروابط قد تضعف، وهذا يضعف رومانيا كدولة، ويجعل من الصعب على رومانيا التفاعل الفعال مع الشركاء والحلفاء الذين يريدونها أن تكون قوية مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وهذا هو مصدر قلق كبير من الآن فصاعداً”.
“إستراتيجية تستهدف رومانيا”
وشدد الدبلوماسي الأمريكي على أن هذا النوع من الدعاية آخذ بالتزايد في الآونة الأخيرة، والرسائل الموجهة إلى رومانيا مخاطة على مقاس رومانيا وتختلف عن الرسائل التي يتم إرسالها إلى دول أخرى في المنطقة.
وأوضح الدبلوماسي في السفارة الأمريكية أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء ما يحدث في أوروبا الشرقية ومنطقة البحر الأسود على مدى السنوات الخمس الماضية. وقال “نحن نرى هذه الاستراتيجيات تترافق مع أعمال عسكرية، ونرى تشجيعاً على العنف وعلى زعزعة الاستقرار في كامل البحر الأسود في المياه الإقليمية الرومانية، مع الترويج للدعاية التي تحدثنا عنا وهي الحرب الهجينة وحرب المعلومات. نحن لا نعتقد أن هذه الأشياء جاءت من فراغ، بل نعتقد أنها استراتيجية وضعت عمداً لزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة وفي هذا الجزء من العالم، وبالتالي، فإن مخاوفنا تتعلق أساسا بروسيا”.
(المصدر: مونيتورول اباراري، بتاريخ 24/2/2019)