دمشق-سانا
من ميادين العلم والعمل إلى مواقع صنع القرار أثبتت المرأة السورية حضورها وتأثيرها وقدرتها على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعها منذ عقود مستندة إلى دستور كفل حقوقها وقوانين وتشريعات أمنت لها الحماية والقوة والدعم.
ووصلت المرأة السورية إلى مواقع ومفاصل مهمة في العمل الحكومي والأهلي والخاص ولم تغب عن أسرتها وأدوارها المؤثرة في أبسط مجالات الحياة بل زاولت مهام كثيرة كانت للرجال فقط نتيجة ظروف فرضتها الحرب على سورية.
سانا التقت نساء وصلن إلى مواقع صنع القرار وسجلن بصمتهن في ميادين مختلفة ومن مجلس الشعب الذي يضم 32 امرأة تحت قبته أشارت عضو مجلس الشعب عن محافظة إدلب فاطمة خميس إلى أن المرأة السورية هي الأم والعاملة والفلاحة والطبيبة والقاضية التي ناضلت على كل الصعد وسجلت تضحيات وبطولات ولا سيما خلال سنوات الحرب.
ولفتت خميس إلى أن المرأة التي حضرت في الأسرة والعمل وميادين القتال تبوأت مناصب عديدة على كل المستويات من بينها نائب رئيس جمهورية ورئيس مجلس الشعب ووزيرة وقائدة للمنظمات الشعبية مستندة إلى دستور ساوى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات.
ورأت خميس أن التاريخ حافل بإنجازات المرأة السورية وهي اليوم تواصل دورها في تنمية المجتمع وتطويره والحفاظ على تماسكه معتبرة أن “وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار يتطلب صبراً وقوة وكفاحاً ومحاربة للكثير من العادات والتقاليد”.
وحول تجربتها قالت خميس: “منذ كنت طالبة شاركت في الشأن السياسي والاجتماعي عبر المنظمات الشعبية وبعد تخرجي من كلية التربية توسع نشاطي من خلال تكليفي مسؤوليات قيادية كما عملت مع منظمات دولية لها علاقة بشؤون الأسرة والمرأة والطفل والثقافة والتنمية المستدامة”.
وفيما أعربت خميس عن أملها بزيادة تمثيل النساء في مجلس الشعب ومختلف المؤسسات لفتت إلى أن التعديل الأخير الذي شمل 73 مادة من قانون الأحوال الشخصية جاء لمصلحة المرأة ونتيجة نضال ومطالبة عبر عدد من الأدوار التشريعية.
القاضي زاهرة بشماني رئيس محكمة قضايا الإرهاب اشارت بدورها إلى أن أي مطلع على واقع المرأة السورية تسترعى انتباهه النسبة التي تشغلها السيدات في السلطة القضائية فقد ترأست المرأة القاضي مختلف المحاكم بكل اختصاصاتها الجزائية والمدنية ودرجاتها بما فيها محكمة النقض وهي أعلى مرجع قضائي كما أنها توجد كعضو في مجلس القضاء الأعلى وهو ما لم تشغله أي امرأة في الوطن العربي كما تشغل سيدتان منصب معاون وزير العدل الحالي.
وحول عملها رئيساً لمحكمة قضايا الإرهاب وهي أول امرأة تشغل هذا الموقع أوضحت القاضي بشماني أن العمل الموكل إليها في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به سورية حملها مسؤولية السعي الدؤوب من أجل تطبيق القانون والوصول إلى تحقيق العدالة بأفضل صورها لتكون جديرة بالثقة والتكليف الذي منحت إياه.
وأكدت القاضي بشماني أن المرأة السورية قادرة بعملها وإرادتها ووجدانها على الوصول بالمجتمع إلى أرقى درجات الازدهار والتقدم متخطية كل العقبات وهي جديرة بأن تتحمل أي عبء وتكون أهلاً للثقة والمسؤولية بعملها إلى جانب الرجل.
بدورها اعتبرت عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دير الزور الدكتورة سهام الخاطر أن المرأة في مواقع صنع القرار أثبتت أنها على درجة عالية من المسؤولية والقدرة على المساهمة في وضع الخطط التنموية وتحديد الاحتياجات ورسم السياسات للمكان الذي تمثله نتيجة لمهاراتها في الإلمام بكل التفاصيل فضلاً عن دورها في مجالات كثيرة مشيرة إلى وجود مهندسات في المكاتب الفنية بالمحافظة أثبتن كفاءتهن بإعداد دراسات وكشوفات خاصة بمرحلة إعادة الإعمار.
وذكرت الخاطر أن الأدوار والمسؤوليات الجديدة التي ألقيت على عاتق المرأة خلال سنوات الحرب رفعت مستوى التحدي لكنها أثبتت جدارتها في الاستجابة للواقع الجديد وحققت النجاح ففي دير الزور نجد مثلاً فتيات يشاركن في أعمال ترحيل الأنقاض التي خلفها الإرهاب وقالت: إن “الحرب أزالت فروقات العمل بين الرجل والمرأة”.
الخاطر التي تنقلت من عضو مكتب تنفيذي في محافظة دير الزور إلى مديرة شؤون اجتماعية بالمحافظة ومديرة وحدة حماية الأسرة بدمشق ثم تعود منذ عام إلى موقعها الأول عضو مكتب تنفيذي أكدت أهمية مشاركة المرأة في مرحلة إعادة الاعمار وتوفير التسهيلات أمامها لذلك.
من جانبها بينت عميدة كلية الآداب بجامعة الفرات الدكتورة طليعة صياح أن تكافؤ الفرص في المجتمع السوري شجع النساء على مواصلة التعليم والحصول على أعلى الشهادات ففي جامعة الفرات وصل عدد عضوات الهيئة التدريسية إلى 15 سيدة يحملن شهادة الدكتوراه إضافة إلى عدد كبير من المحاضرات والمعيدات والقائمات بالأعمال والموفدات داخلياً وخارجياً للحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه.
مديرة الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندسة ميس بيتموني رأت أن وجود المرأة في مواقع صنع القرار عزز لديها روح التحدي لتقديم صورة حقيقية عن كفاءتها وخبرتها وتأثيرها في مختلف المجالات.
يشار إلى أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان أنهت إعداد الإطار الوطني لتمكين المرأة وهو الآن قيد الاعتماد في لجنة التنمية البشرية في مجلس الوزراء ليتحول إلى برامج عمل ضمن الوزرات يتم على ثلاث مراحل بين 2019 و2030 ووقعت سورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” عام 2002.
واعتمدت منظمة الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الـ8 من آذار رسمياً وللمرة الأولى في العام 1977 ليصبح هذا التاريخ مرتبطاً بالنساء اللواتي ناضلن من أجل الحصول على حقوقهن وحقوق غيرهن.