ألقى رئيس رومانيا، السيد كلاوس يوهانيس يوم الثلاثاء بتاريخ 2 نيسان 2019 خطابًا في قصر البرلمان الروماني خلال الجلسة الرسمية المشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب المخصصة للذكرى الخامسة عشرة لانضمام رومانيا إلى الناتو والذكرى السبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي، ونورد فيما يلي الخطاب:
“نحتفل في هذا الاجتماع الرسمي بمرور 15 عامًا من انضمام رومانيا إلى أقوى تحالف في تاريخ البشرية.
ونحن منذ عام 2004 لسنا فقط في شراكة مخلصة مع هذه المنظمة السياسية العسكرية القوية، ولكننا أيضًا أعضاء محترمون في نادي الدول الديمقراطية. وهذه مسألة هامة للغاية لأن تأتي قوة الناتو ومتانتها أولاً وقبل كل شيء من خلال الالتزام بالقيم الأساسية التي تعهد بلدنا باحترامها. وهذه القيم هي الحرية والديمقراطية وسيادة القانون.
يصادف هذا العام أيضاً الذكرى السبعين لتوقيع الوثيقة التأسيسية لحلف الناتو في واشنطن والتي يستند إليها دفاعنا الجماعي وهي تضمن ليس فقط الأمن بل أيضاً الرخاء والتعبير الحر والديمقراطي عن آراء الدول الأعضاء.
لقد أثبت التاريخ أن المبادئ الديمقراطية والمجتمعية القائمة على التضامن والمسؤولية باتجاه أمن الحلفاء هي جوهر المشروع الأوروبي الأطلسي ومفتاح نجاح مهام الناتو.
سيداتي وسادتي،
لم يكن من السهل بالنسبة لبلادنا العودة إلى الديمقراطية بعد الحقبة الشيوعية السوداء ولذلك نستحق اعتبار وتقدير الجهود المشتركة لجميع القوى السياسية والدبلوماسية والجيش في رومانيا الذين مع بعض حولوا الرغبة الوطنية إلى الحقيقة وأخذوا رومانيا إلى حلف شمال الاطلسي ودخلوها إلى فضاء القيم الأوروبية الأطلسية.
ولذلك ما تقوم به غالبية حزب الـ PSD من الإجراءات الحالية التي تشكل اعتداءاً لا سبق له مثيل في السنوات الثلاثين الماضية ضد سيادة القانون، من المرجح أن يضعف موقع بلدنا ضمن حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
إن تغيير القوانين لصالح أشخاص والغوغائية والهجومات ضد الاستقرار الاقتصادي والمالي في رومانيا والتضخم وانخفاض قيمة العملة، التعسف وانعدام المهنية، فهي السياسات الحقيقية لحكومة PSD وليس تقوية الديمقراطية، ولا تعزيز العدالة أو المسؤولية والقدرة على التنبؤ في الاقتصاد، وليس البنية التحتية التي تضمن سلامة الناس، فهذه ليست هي سياسات هذا الحزب.
وعلى الرغم من أن لدى رومانيا جميع الصفات المطلوبة لكي تلعب دوراً هاماً في المنطقة ولكي تكون ركناً للديمقراطية يفشل الحزب الاجتماعي الديمقراطي في قيامه وعمله وفقاُ لمستوى رومانيا الحقيقي وخاصة في هذا الوقت الاستراتيجي.
وقد توج عدم الاحترام الذي أبداه هذا الحزب للجيش بمحاولة الطعن في المحكمة على مرسوم تمديد ولاية رئيس أركان الدفاع. رفضت المحكمة هذا العمل الذي لا أساس له من قبل الحزب الاجتماعي الديمقراطي والذي وضع القوات المسلحة الرومانية في موقف حساس لأسباب سياسية فارغة فقط.
وإذا أضفنا عدم القدرة على تحديث التشريعات المتعلقة بالأمن القومي، ليس هي إلا عدد قليل من القضايا التي تبين PSD عدم الكفاءة وسوء فهم كل ما تعنيه قيادة دولة تتم فيها حماية المواطنين بشكل فعلي.
كرئيس لدي مسؤولية ضمان حسن سير عمل السلطات العامة. ومن المهام الدستورية لي أن أشير إلى أن الحكم الرشيد وحكومة نظيفة ونزيهة هي جزء من الضمانات الأمنية لرومانيا، في حين تشكل هذه الحكومة الفاشلة في حد ذاتها خطراً على البلاد.
إننا نواجه تهديدات متزايدة في التعقيد وهي كلاسيكية وغير كلاسيكية وهجينة، نابعة عن اتجاهات استراتيجية متعددة تؤثر على حلف الناتو بشكل متزايد.
لهذا السبب هناك حاجة إلى التماسك السياسي الداخلي في كل دولة من دول الحلفاء وكذلك إلى الوحدة السياسية والتضامن على مستوى منظمة حلف شمال الأطلسي.
سيداتي وسادتي،
يحتاج حلف الناتو إلى تعزيز موقفه الرادع والدفاعي في الجبهة الشرقية. ونحتاج تحقيقًا لهذه الغاية إلى الجمع بين دور الناتو الفريد والشامل في دفاعنا الجماعي مع النهج المتكامل للاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات. يمكننا تحقيق هذا الارتباط من خلال الجمع، في جهد قائم على التآزر والتكامل، بين الأدوات والموارد المتاحة للمنظمتين. لا شك أن النتائج ستفيد المواطنين لأنها ستزيد من الأمن الأوروبي والأوروبي الأطلسي. وعلاوة على ذلك، فإن الوحدة والتماسك يحددان بشكل أساسي أولويات الرئاسة الرومانية للمجلس. نولي اهتمامًا خاصًا لتطوير التعاون بين الناتو والاتحاد الأوروبي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى وجه الخصوص لتحسين الحراك العسكري في القارة الأوروبية وزيادة مرونة الشركاء ومكافحة التهديدات الهجينة، كما ستواصل رومانيا مساهمتها بنشاط في هذا الموضوع.
في الوقت نفسه سوف يستمر بلدنا في دعم تعزيز التضامن داخل الناتو، بما في ذلك عن طريق تعزيز العلاقة عبر الأطلسي.
وتشكل العلاقة بين حلف شمال الأطلسي وطرفي الأطلسي الضمان للقيام بالأداء الأمثل للحلف والدفاع الجماعي كما جاء تعريفه في المادة الخامسة من معاهدة واشنطن.
سيداتي وسادتي،
تعمل رومانيا باستمرار وثبات لتعزيز مكانتها داخل التحالف عبر عدة أبعاد إستراتيجية: السياسة والدبلوماسية والدفاع والاستخبارات والاتصالات الإستراتيجية التي تعطي نظرة عامة واضحة على الأهداف التي نقترحها على الناتو. لكن يجب علينا جميعًا أن نفهم أن الدفاع الجماعي يبدأ في الداخل ويتطلب الاستثمار في كل من الموارد البشرية والقدرات العسكرية من كل حليف.
وحققنا في السنوات الأخيرة نتائج هامة من خلال تخصيص 2٪ من إجمالي الناتج المحلي للدفاع وقد تم التوصل إلى هذه الاتفاقية بتشجيع مني، مما سمح بتطوير برامج المشتريات الوطنية الضرورية لرومانيا لتعزيز دورها كمورد للأمن. لقد كانت هذه العملية نتيجة إجماع سياسي من مبادرتي.
وعلى الحكومة ووزارة الدفاع الوطني الآن تنفيذ استراتيجية تجهيز الجيش من خلال برامج متماسكة التي توجد شروط مسبقة مواتية للتمويلها.
لكن لسوء الحظ ، فإن الحقائق تشير إلينا أشياء مختلفة تمامًا: إلغاء إجراءات المشتريات أو طعنها من قبل أولئك الذين بدؤوا بها وعدم القدرة المزمن على إدارة هذا المجال الحيوي للأمن القومي.
إن عدم كفاءة أعضاء الحكومة والبرلمان يخاطر حتى بالتأثير على الطريقة التي نفي بها بالتزاماتنا ومسؤولياتنا داخل الناتو.
سيداتي وسادتي ،
لقد أشرتُ خلال مؤتمرات قمة الناتو التي عقدت مؤخراً في وارسو وبروكسل إلى الحاجة إلى تعزيز عملية تكييف الحلف من خلال تدابير لتعزيز الدفاع في الجهة الشرقية. وأشير هنا إلى وجود الحلفاء في منطقة البحر الأسود وكذلك في بولندا ودول البلطيق.
وأدت كل هذه الجهود إلى اعتماد قرارات جديدة عملياتية. أنشأنا اللواء الجنوبي الشرقي المتعدد الجنسيات في كرايوفا ونشارك الجنود في بولندا في مجموعة القتال التي تقودها الولايات المتحدة. كما تمت الموافقة على قيادة الفرقة الجنوبية الشرقية المتعددة الجنسيات واعتمادها بقدراتها التشغيلية النهائية في العام الماضي.
سأستمر في دعم موقف رومانيا وبحزم تجاه النهج الوحدوي والمتماسك عبر الكتلة الشرقية بأكملها، من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، وهو شرط أساسي للإدارة الفعالة للتحديات المتزايدة للبيئة الأمنية الإقليمية.
سيداتي وسادتي،
ونجحت رومانيا في السنوات الأخيرة في تعزيز وجودها على أجندة الحلفاء للوضع الأمنية في منطقة البحر الأسود والتي تم قبولها من قبل جميع الحلفاء باعتبارها ضرورية للأمن الأوروبي الأطلسي.
إنه جهد شاركتُ فيه شخصياً وسأواصل القيام بذلك لأنه في مصلحة رومانيا الاستراتيجية.
إن زيادة الأنشطة العسكرية المستمرة في شبه جزيرة القرم، والحادث الأخير في مضيق كيرتش، والنزاع القائم في شرق أوكرانيا، والأعمال الاستفزازية على الطائرات والسفن الحليفة الموجودة في البحر الأسود لا تظهر سوى أن التهديدات في الشرق لا تزال تؤثر على استقرار المنطقة.
لذلك، من الضروري ضمان وجود متسق لسفن الحلفاء في البحر الأسود، وكذلك إنشاء هياكل القيادة والسيطرة العسكرية الأكثر كفاءة في منطقتنا.
رومانيا مروجة لسياسة الباب المفتوح. يُظهر التاريخ أن خيار الانضمام من قبل المزيد من الدول في حلف الناتو مكّن من تعزيز مناخ من السلام والاستقرار، وفتح إمكانات جديدة للتعاون، وخلق إطارًا لبناء أوروبي – أطلسي قائم على القيم المشتركة والسلام والديمقراطية.
سيداتي وسادتي،
لا يمكنني أن أختتم بياني دون التشديد مرة أخرى على حقيقة أن الناتو أصبح، خلال 70 عامًا من وجوده، المنظمة الوحيدة التي يمكنها توفير بيئة أمنية قوية مع ضمان فعال لأمن جميع أعضائها. لقد سمح الجهد المشترك لجميع الحلفاء للمنظمة بتأكيد نفسها عالميًا كضامن للاستقرار والسلام والحوار.
أؤكد بشدة من جديد أن رومانيا ستستمر في كونها حليفًا موثوقًا به، ومروجًا للقيم المشتركة التي يتقاسمها أعضاء التحالف وأحد داعمي الاستقرار والأمن في منطقة البحر الأسود حتى يكون المواطنون الرومانيون في أمان. وكرئيس، سأواصل العمل بتصميم على أن يكون حلف الناتو أكثر قوة وأن تكون صورة رومانيا في الحلف أكثر وضوحًا وتعزيزًا. أؤكد لكم أننا سنظل فاعلاً ذا صلة وجديرة بالثقة في الناتو يحترم جميع التزاماتنا! كل عام ورومانيا بخير! كل عام والناتو بخير!
(المصدر: الموقع الإلكتروني للرئاسة الرومانية presidency.ro ، بتاريخ 02/04/2019)