نجا باسم الرفاعي رئيس وردية للتنقيب في المؤسسة العامة للجيولوجيا من موت محقق جراء انفجار لغم من مخلفات إرهابيي “داعش” بسيارة كانت تقله وثلاثة من زملائه إلى عملهم في منطقة أبو الشامات شرق مدينة الضمير بريف دمشق الشمالي الشرقي.
لكن باسم الذي أصيب مع اثنين آخرين من زملائه بشظايا ورضوض في الأطراف والوجه والصدر فقد زميله فادي حمادة شهيدا إثر إصابته البالغة وهو الأب لأسرة مهجرة من حي القابون بدمشق.
ويقول باسم خريج معهد نفط من على سرير في مشفى الأسد الجامعي في لقاء مع مراسلة سانا وقد لطخت الدماء وجهه ولف شاش طبي حول ساعده الأيمن: “نحن مجموعة عمال من عدة محافظات نعمل في منطقة أبو الشامات بمنطقة الضمير بأعمال حفر وتنقيب ومقالع الإسمنت وأثناء توجهنا بسيارة إلى العمل سلكنا أحد الطرق الفرعية فانفجر لغم زرعه إرهابيون قبل أن يحرر الجيش المنطقة وانقلبت السيارة وأصبت بعدة شظايا لكن زميلي فادي الذي كان يجلس إلى جواري استشهد على الفور فيما جرى إسعافي مع اثنين آخرين إلى المشفى”.
باسم وزملاؤه مجموعة من ضحايا كثر لمفخخات خلفها الإرهابيون وراءهم في المنازل والشوارع والمباني ومزارع وحقول الفلاحين في مناطق عدة بريف دمشق قبل أن يحررها الجيش العربي السوري وهو ما يجعل عملية كشفها معقدة جدا وباتت مصدر تهديد لحياة المدنيين إضافة إلى عرقلتها عودة المهجرين إذ أدى انفجار بعضها لارتقاء وإصابة العديد من الأهالي أثناء مزاولة عملهم وحياتهم الطبيعية والأطفال خلال لعبهم في مناطق الغوطتين الشرقية والغربية.
في تموز الماضي استشهدت ثلاث نساء بانفجار لغم بسيارة كانت تقلهن وهن عائدات من العمل بإحدى مزارع المليحة كما استشهد ثلاثة أطفال على أطراف حي جوبر شرق دمشق بانفجار لغم أرضي وتكررت هذه الحوادث في بلدات أخرى على مدى أكثر من عام منذ تحرير الجيش الغوطة في نيسان عام 2018.
ولمواجهة خطر مخلفات الإرهابيين من العبوات الناسفة والألغام والمتفجرات والذخائر شرعت إدارة الهندسة بالجيش منذ تحرير الغوطة بوضع خطة عمل عبر تشكيل فريق من عناصر الهندسة بدأ عمله الميداني لتنظيف البلدات والمزارع وإزالة المفخخات وتأمينها وتمكين الأهالي من ممارسة أعمالهم الطبيعية حيث يقوم بجمع المفخخات وتفجيرها بمكان آمن بعد إعلام سكان المنطقة بالتوقيت والإعلان عنه إعلاميا لتفادي أي مخاطر من عمليات التفجير وقد أنجز حتى الآن مسح أكثر من عشرين بلدة بعد التخلص من أطنان من العبوات الناسفة والألغام والذخائر.
وأثناء التحضير لتفجير سبعة أطنان من مخلفات الإرهابيين من عبوات محشوة وذخائر فارغة في مزارع العب بمحيط مدينة دوما التي بقيت لسنوات تحت سيطرة تنظيمات إرهابية يقول العميد مياس عيسى قائد مجموعات التأمين الهندسي: “إزالة مخلفات الإرهابيين عمل مضن يحتاج إلى خبرة ودقة وجهد كبير ونظرا لمساحة الغوطة الواسعة قسمناها إلى قطاعات حيث نقوم بالمسح والتنظيف الهندسي للأبنية والشوارع والمزارع والأنفاق لكن باطن الأرض خارج عن إرادتنا وبعد ذلك نقوم بجمع مخلفات الإرهابيين وتفجيرها بمكان بعيد عن الأماكن السكنية وبعد إبلاغ الأهالي بالتوقيت الدقيق لموعد التفجير واتخاذ تدابير الحيطة والأمان قبل إتلافها “.
ويضيف: “تمكنا منذ الانخراط بهذه المهمة بعد تحرير الغوطة من مسح أربع وعشرين قرية وبلدة وتفجير 163 طنا حتى الآن حيث تعيش هذه البلدات حياة طبيعية ولم تشهد أي حادثة تفجير والعمل قائم حتى تنظيف كامل الغوطة “.
ويشير العميد عيسى إلى تعاون الأهالي بإبلاغ عناصر الهندسة عن الأجسام الغربية بالقول: “أصبح هناك وعي لدى المدنيين وفي أغلب البلدات لمسنا تعاونهم وإبلاغ عناصر الهندسة عن أي جسم مشبوه”.
الملازم محمد ديوب اختصاص هندسة الذي يقوم بمد دارة التفجير وشبكة من الأشرطة ووضع كمية من مادة سريعة التفجير في حفرة واسعة احتوت على كومة من الألغام والمفخخات يقول عن عملية المسح “نسبر الأرض خطوة خطوة في عمل تسجل نسبة الخطورة فيه على عناصر الهندسة 70 بالمئة” مشيرا إلى أن المفخخات من أنواع وأحجام مختلفة.. عبوات ناسفة وألغام وصواريخ وعبوات أسطوانية من قاظانات وأسطوانات غاز منزلي التي تزن من 10 إلى 20 كغ زرعها الإرهابيون بالمنازل والمدارس والساحات العامة والطرقات والأنفاق.
يعطى الأمر بالتفجير محدثا دويا قويا تتبعه أعمدة من الغبار تحمل معها شظايا المفخخات المتناثرة تتساقط في الأرجاء على مسافات بعيدة يعود الهدوء مجددا إلى المنطقة .. يتنفس مروان مرجاني أحد مزارعي دوما الصعداء الذي تقع مزرعته بالقرب من المكان يقول وعيناه معلقتان على مكان التفجير “أثناء حراثة الأرض وقطف المحاصيل نعثر على عبوات ناسفة وذخائر .. نخبر عناصر الهندسة على الفور .. يأتون وينقلونها إلى مكان بعيد .. الله يحميهم “.
شهيدي عجيب