على الرغم من أن ميزان الإنجازات في مجال مكافحة الفساد العالي المستوى في رومانيا لا يزال إيجابياً، إلا أن أحدث تقرير آلية التعاون والتحقق MCV حول مكافحة الفساد العالي المستوى في رومانيا (وهو المعيار الثالث من المعايير الأربعة التي تتم رقابتها بشأن رومانيا) يلاحظ أن هناك علامات التأثير السلبي الموجود بسبب استمرار الضغط الذي تتعرض له كل من الإدارة الوطنية لمكافحة الفساد DNA والمحكمة العليا للقضاء والتمييز (ÎCCJ).
ويعتبر التقرير الذي اعتمده اجتماع كلية المفوضين الأوروبيين الذي عقد في ستراسبورج في هذا السياق “أمراً حيوياً” وحقيقة أنه في شهر حزيران من هذا العام قام مجلس النواب الروماني بتعديل نظامه الداخلي المتعلق بمقاضاة الأعضاء أو الأعضاء السابقين في الحكومة الذين هم نواب، وأشار التقرير إلى أن السلطة التنفيذية الأوروبية تتطلع إلى تنفيذ هذه التغييرات “بلاصبر”، بما في ذلك من منظور التوصية الأوروبية بإشراك السلطات القضائية والمجتمع المدني في النقاشات، وتشجع مجلس الشيوخ الروماني على اعتماد لائحة مماثلة.
…ومن ناحية أخرى، يشير التقرير إلى نص قوانين العدل المعدلة الذي غير بشكل مفاجئ متطلبات الأقدمية في المنصب، والتي انعكست سلباً على قدرة الإدارة الوطنية لمكافحة الفساد DNA بتنفيذ عمله.
كما تشير الوثيقة المنشورة على موقع المفوضية الأوروبية على الإنترنت إلى أن الخطر الذي تم تحديده في شهر تشرين الثاني 2018 (وهو الخوف من احتمال استخدام اللجنة الخاصة لتغيير مسار ملفات الفساد عالية المستوى والضغط على القضاة) “قد تحقق” وأنه، على الرغم من أن الشخص المعين في رئاسة الإدارة الوطنية لمكافحة الفساد DNA قد تمكن من الحفاظ على عمل المؤسسة الصحيح، إلا أن الطابع المؤقت للتعيينات المؤقتة “يضيف عنصراً من عدم اليقين والضعف” في كل ما يتعلق بعمل المؤسسة.
…ويشير التقرير أيضاً إلى أنه في وقت سابق من هذا العام “تم النظر في فرصة تبني مرسوم طارئ والذي، في حال اعتماده، كان سيسمح بإعادة فتح جميع ملفات الفساد عالية المستوى التي كانت قد أغلقتها المحكمة العليا للقضاء والتمييز بموجب قراراتها النهائية الصادرة منذ 2014 حتى الآن، “مع الإشارة إلى أنه على الرغم من إعاقة اعتماد مرسوم الطوارئ هذا بسبب الانتقادات المحلية والدولية لهذا الاقتراح،”سيكون من المهم للسلطات الرومانية أن تتخلى عن مثل هذه الأهداف وأن توضح أنها لا ترى ضرورة اعتماد تشريعات يكون لها تأثير على القضايا التي تم إغلاقها نهائياً من خلال قرارات المحكمة الدستورية وعلى الجانب الروماني إعادة تأكيد التزامه بمكافحة الفساد بشكل فعال.”
ويحذر التقرير في هذا السياق من أن قرارات المحكمة الدستورية لها تأثير مباشر على قضايا الفساد عالية المستوى، ولا سيما منذ التعديلات التي أُدخلت على القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية، والتي لم تأخذ في الاعتبار توصيات تشرين الثاني 2018 بشأن الحاجة إلى التوافق مع قانون الاتحاد الأوروبي ومع الصكوك الدولية لمكافحة الفساد.
…وعلى الرغم من حقيقة أن كلا الإدارة الوطنية لمكافحة الفساد DNA والمحكمة العليا للقضاء والتمييز (ÎCCJ) واصلت التحقيقات ومعاقبة الفساد على المستوى العالي، وانها قد أظهرت الاحتراف في ظروف عمل صعبة للغاية فإن الهجمات ضد نشاطهم والتغييرات المتتالية في الإطار التشريعي المطبق واحتمال المس بسلطة اتخاذ القرارات النهائية في المحاكم، يثير علامات استفهام بشأن استدامة نتائج مكافحة الفساد على المستوى العالي في رومانيا. وخلص التقرير إلى أنه على الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة، فإن توصية اللجنة رقم 10 (بشأن اعتماد معايير واضحة وموضوعية بكل ما يتعلق بصنع وتبرير قرارات رفع حصانة البرلمانيين، وذلك لضمان عدم استخدام الحصانة لتجنب التحقيق في جرائم الفساد وملاحقتها) لا يعد من الممكن اعتبارها كافية لتحقيق هدف توصية رقم 3 لمحاربة الفساد على المستوى العالي.
…ومن ناحية أخرى، تعتبر المفوضية الأوروبية أنه في وزارتي الداخلية والمالية لا يعتبر منع الفساد “أولوية سياسية مهمة”. في الوقت نفسه، واصل مكتب المدعي العام ضمان الملاحقة الجنائية الفعالة لجرائم الفساد التي لا يقع ضمن إطار عمل الإدارة الوطنية لمكافحة الفساد DNA ، والضغط الذي تتعرض له هذه المؤسستين الرئيسيتين بالإضافة إلى التغييرات التشريعية المعمول بها أو التي اعتمدها البرلمان، كان له حتما تأثير سلبي على مكافحة الفساد عموماً، والتغييرات التي أُجريت على القانون الجنائي و الإجراءات الجنائية، وكذلك تلك التي أُقيمت على إطار النزاهة، لها آثار على جميع مستويات الإدارة العامة.
وتجدد المفوضية في هذا السياق استنتاجها في شهر تشرين الأول 2018، وهو أن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لإحراز تقدم نحو تحقيق هذا المعيار، مذكّرة مرة أخرى بأن منع الفساد يعوقه تطورات سياسية تقوض مصداقية التقدم.
(الكاتبة: ميهايلا توث ، المصدر: الموقع الإلكتروني لوكالة آجربريس للأنباء agerpres.ro ، بتاريخ 22/10/2019)