| هناء غانم
أكد رئيس مجلس الوزراء عماد خميس أن هناك إجراءات اقتصادية ومصرفية سوف تصدر قبل نهاية العام الحالي تتعلق بالسياسة المصرفية والمالية والاستثمار، وتخص القروض وأسعار الفائدة وغيرها من القضايا التي تسهم في نهوض الاقتصاد.
جاء ذلك خلال لقائه أمس بالقائمين على القطاع المصرفي من وزراء ومديري المصارف العامة والخاصة، مبيناً أن الاجتماع يعتبر تقييماً لسياسة الإقراض المتبعة في المصارف العامة والخاصة خلال المرحلة الماضية، لجهة الأولويات والضمانات والفوائد والبيئة التشريعية الناظمة، وأهمية توظيف الكتلة النقدية لدى المصارف في الإقراض للمشاريع المتوسطة والصغيرة لدعم الإنتاج.
وتساءل رئيس الحكومة عما يخفيه مديرو المصارف من هواجس لم يصرحوا بها حتى الآن، وحول ما يراود الجميع عن أسباب تغير سعر الصرف والتقلبات السريعة، موضحاً أن القائمين على الاقتصاد يعرفون ثوابته، مؤكداً أن المتغيرات السريعة صعوداً وهبوطاً تتبع لعوامل عديدة، وتتبع لقرارات معينة، وإشاعات إعلامية أو صفقات لمضاربين مستفيدين يدفعون عليها ملايين الدولارات، مبيناً أن بعضها اليوم مرتبط بانتقال العملة بشكل منظم وغير شرعي إلى بعض دول الجوار.
وتحدث عن ثبات التشريع الضامن لحقوق للقطاع الخاص، رغم كل الضغوطات، فلا يوجد حق ضائع لأحد.
وأشار إلى أنه لا يوجد دولة في العالم تصون ملكية الأفراد والمؤسسات والاقتصاد ورجال الأعمال مثل الحكومة السورية، فالدولة تدعم المؤسسات منذ أكثر من 40 عاماً، وكل المبالغ التي نما بها القطاع الخاص هي من الدعم الحكومي للمؤسسات الخاصة، وليس من التجارة الشفافة، مؤكداً «أننا كحكومة لن نقبل إلا أن تكون المصارف العامة قدوة للمصارف الخاصة، وقد تم الإيعاز بضرورة تقييم المصارف الخاصة لمعرفة إذا ما حققت دورها، والفائدة المرجوة منها، بما فيه مصلحة المواطن»، مضيفاً «لن نسكت عن الخلل في أي مصرف».
وطالب رئيس الحكومة بضرورة إعداد رؤية مشتركة لتطوير البيئة الناظمة للإقراض، وإيجاد المحفزات التي تعزز استمرار المصارف بخدمة التنمية، وتأكيد التعاون والتنسيق بين مصرف سورية المركزي والمصارف العاملة لتذليل كل الصعوبات أمام المضي قدماً بسياسة إقراض متوازنة وسليمة، مع الاستمرار بتقييم عمل المصارف الخاصة لناحية آليات عملها وسياستها المالية ودورها في التنمية، ليتم تصويب عملها بتعزيز الإيجابيات لتمارس الدور المنوط بها في التنمية.
الحاكم يتحدث عن المصارف
قال حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول خلال الاجتماع: «مازلنا مؤمنين كمصرف سورية المركزي بسياسة المرونة في التعامل مع المصارف الخاصة، خصوصاً في المرحلة الحالية، ومازلنا مؤمنين بأن حماية العملة الوطنية لن تكون عبر خنق الاقتصاد، ونحن مستمرون بالإنفاق الاستثماري، ومنح القروض الإنتاجية، وسياستنا مازالت مبنية على أسس سليمة رغم كل الصعوبات التي فرضتها الحرب».
وأضاف: «أثبت القطاع المصرفي وجوده رغم أن المخطط كان لإجهاض مؤسسات الاقتصاد الوطني، لكن القطاع المصرفي أثبت متانة المؤسسات في سورية، ورغم كل الظروف استمر في الصمود، علماً بأن السياسة المصرفية حساسة جداً وتخضع لمعايير دولية»، لافتاً إلى أن الآمال معقودة على المصارف للمساهمة في النمو الاقتصادي وإعادة الثقة بالليرة السورية.
وأضاف الحاكم: «نحتاج اليوم إلى بناء الثقة، لأن المصرف هو عين على الاقتصاد، وأخرى على العملة الوطنية، بغية تحقيق التوازن، وهناك إستراتيجية نعمل عليها بشكل سليم وأسس ائتمانية، ومصارفنا تملك كل شيء يؤهلها لتسريع وتيرة العمل، ونطالب اليوم بإحداث مراكز متخصصة لتقيم الجودى الاقتصادية للمشاريع التي سيتم تمويلها».
تدني العملة بحسب وزير العدل
وزير العدل هاشم الشعار بيّن أن من أسباب تدني قيمة العملة تهريب الأموال إلى الخارج، مضيفاً «هناك إجراءات يجب العمل عليها نظراً للعديد من الشكاوي التي تردنا، والتي تتعلق بوضع الدولار وطريقة الإيداع، والتي يشتكي منها الكثيرون، فأحدهم يودع بالدولار، وعندما يطلب ليسحب بالدولار لا يتم التجاوب معه، الأمر الذي يلعب دوراً سلبياً بإيداع الأموال».
بدوره، قال وزير المالية مأمون حمدان: «إننا اليوم أمام مناقشة الصعوبات التي تعترض عمل المصارف العامة والخاصة، والدعم الحكومي لهذه المصارف، لتجاوز هذه الصعوبات، والاستمرار في تقديم خدماتها للمواطنين، ودور هذه المصارف في تمويل قطاع الإنتاج وتطوير الاستثمار في القطاعات الصناعية».
وأشار إلى أن «هدفنا هو الاستثمار ثم الإنتاج، والمعايير المطبقة في المصارف السورية سواء للمحاسبة أم التدقيق هي معايير عالمية».
مديرو المصارف
تحدث الرئيس التنفيذي للمصرف الدولي للتجارة والتمويل سلطان الزعبي عن أهمية التعاون بين القطاعين المصرفي العام والخاص للوصول إلى حلول للمشاكل التي تواجه العمل المصرفي، وتعزيز دور المصارف في دفع عجلة التنمية نحو الأمام، مطالبا بتعزز دور المصارف في توسيع المحافظ الائتمانية ودعم المشاريع الإنتاجية، مبيناً أن المرحلة المقبلة محفزة للإقراض ولاستخدام الرساميل الخارجية.
وأضاف: «لكن، هناك مشكلة تواجهنا في استرداد الأموال المتعثرة، لذا فإن الإجراءات يجب أن تكون صارمة في هذا الخصوص، لأنه حتى بعد الحكم القطعي نجدننا مطلوبين لإعادة النظر بالقضية لأسباب يعتبرونها قانونية».
بدوره، تحدث مدير عام المصرف التجاري علي يوسف عن ضرورة وضع ضوابط لتوسيع الإقراض، مؤكداً الحاجة إلى بيئة قضائية تشريعية محفزة للإقراض، ولاستقدام الرساميل من الخارج.
مدير عام فرنسبنك نديم مجاعص بين أن هناك عدة أسئلة يجب طرحها، منها؛ هل البيئة التشريعية القائمة تسمح بالإقراض؟
ونوّه بأن اليوم ليس هناك أي مشكلة بممارسة سياسة الإقراض بشكل سليم في سورية، ويشهد للمصارف السورية أنها تأقلمت مع قرارات السلطة النقدية التي فرضت الحرب أحيانا أن تكون قاسية، ولكن بالمجل كانت السلطة النقدية تتأقلم مع ما يحدث خلال الحرب من أحداث ومتغيرات لم تحدث في أي بلد آخر.
وفيما يخص الإقراض، تحدث عن ضرورة أن يذهب التمويل للقطاعات الإنتاجية، بما يحقق مصلحة الاقتصاد المحلي على المدى الطويل، والتأكد من أن التوسع في الإقراض لا يؤثر سلباً على قيمة العملة السورية.
من جانبه، قال مدير عام المصرف الصناعي عمر سيدي: «إن بنية المصارف لدينا قوية، ولديها الإرادة في الاستمرار بدعم الاقتصاد الوطني، وتم تهيئة كوادر جديدة ذات خبرة».
وأضاف: «بما أن السيولة متوفرة، يمكن خلال الفترة القادمة أن تنطلق المصارف في موضوع الإقراض بشكل أوسع مما هو عليه الآن، وهنا تجدر الإشارة إلى موضوع الضمانات الذي يجب إعادة النظر فيه».
أما الرئيس التنفيذي لبنك سورية الدولي الإسلامي بشار الست، فقال: «يجب أن نشكر المصرف المركزي على المرونة التي يتمتع بها في تعامله مع المصارف الخاصة، ولدينا تجارب حول بعض القرارات التي ناقشنا فيها المصرف المركزي وتم إعادة النظر فيها حتى وصلنا إلى نتيجة تحقق المصلحة العامة، وهناك تنسيق عالٍ بيننا فيما يتعلق بالسياسة النقدية، ولا يوجد تقصير لدى المصارف في منح التسهيلات اللازمة للإقراض، ولم نلاحظ رغم تغيرات سعر الصرف سحب الإيداعات للمضاربة على بالعملة، وهذا أمر إيجابي، وبالعكس كانت تزداد الإيداعات بالليرة السورية».
من جهته، أكد مدير عام المصرف العقاري مدين علي أهمية تكامل السياستين المالية والنقدية، مبيناً أن أهم مشاكل عدم وجود إقراض هو انخفاض الدخل، وعدم استقرار سعر الصرف، وهو يجعل كل دراسات الجدوى للمشاريع وهمية، إضافة لضعف المرونة في العمل المصرفي.
وأضاف: «نحتاج إلى التحرر أكثر من القيود، وإلى رؤية أكثر وضوحاً في أولوية القطاعات التي تحتاج إلى دعم مشاريع التنمية فيها، على اعتبارنا ذراعاً تنفيذية لخطة الحكومة».
وأكد أن سعر الصرف هو نتاج لسياسة اقتصادية أوصلتنا إلى ما نحن فيه، لذلك فإن الحل هو توقيف الإصدار النقدي والتمويل بالعجز حتى لا تنتقل إلى حلقة أخطر في نهاية المطاف، لو استمررنا على هذه السياسة.
وتحدث مدير عام مصرف التسليف الشعبي نضال العربيد عن دراسة كيفية توظيف الأموال الفائضة لدى المصارف العامة والمتاحة للإقراض من خلال منح القروض للمشاريع الإنتاجية والمشروعات المتوسطة والصغيرة ودعم قروض ذوي الدخل المحدود.
مذكرات مغلقة
أشار الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء قيس خضر إلى النقطة الإيجابية بقدرة الدولة السورية على إجادة اللغة المصرفية ومحاكاة العالم فيها، وقال: «لدينا ثقة أنه لدينا القدرة على إدارة هذا القطاع المصرفي بالشكل الأمثل، لافتاً إلى أن الإشكالية اليوم هي أن الإدارة المصرفية ابتعدت عن المخاطر».
ولفت إلى أن المؤسسة المصرفية هي جزء من مشكلة التعثر، مضيفاً «لذلك لابد من التركيز على إدارات المصارف ومجالس الإدارة لمعرفة نقاط الخلل، لأنه للأسف هناك موظفون هم السبب في التعثر».
واستتبع قائلاً: «الإشكالية ليست في ضخ المال، وإنما أين يذهب المال، ونحن الآن بحاجة ورقة عمل من المنظومة المصرفية العامة والخاصة توضح مقترحات للعمل خلال المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالإقراض».
وفي الختام، طلب رئيس الحكومة من مديري المصارف إعداد مذكرات مغلقة إلى مكتب رئاسة مجلس الوزراء حول أي رؤية أو دراسة، أو مشكلة لم توضح خلال الاجتماع.
وتم الطلب من وزارتي المالية والعدل والمصرف المركزي والمصارف العاملة استكمال انجاز مشروع قانون المصارف العامة وإعداد مسودة قانون للمصارف الخاصة ليتسنى لهذه المصارف توسيع مظلة استثماراتها والدخول بالاستثمار المباشر.
المصدر: جريدة الوطن