كتب الصحفي المشهور يون كريستويو تحليلاً حول الوضع السياسي الحالي في رومانيا نورد فيما يلي نصه:
“كنت من بين المعلقين الذين شاهدوا الحرب الأهلية داخل حزب PNL بدأت من أجل الفوز في الانتخابات الداخلية في اجتماع الحزب بتاريخ 25 أيلول 2021. ومن بين الملاحظات الأخيرة حول المعركة هي تلك التي كتبتها سابقاً والتي تحتوي على إشارات إلى استطلاع رأي وطني جاء في نهايته السؤال التالي:
من سيكون أفضل رئيس لـ PNL؟
تبدو النتيجة كالتالي:
لودوفيك أوربان – 41٪
فلورين كتسو – 20٪
لا أعرف كيف ستبدو النتيجة إذا تم طرح السؤال على أعضاء PNL فقط. ولا أستبعد احتمال أن يكون فلورين كتسو في المرتبة الأولى ولودوفيك أوربان في الثانية. وذلك لأن معايير التقييم تختلف اختلافاً جذرياً في حالة تم طرح السؤال أمام أعضاء الحزب عن الحالة التي تم فيها طرح السؤال أمام الناخبين. قد يلعب الدعم الذي قدمه كلاوس يوهانيس لفلورين كتسو دوراً مهماً حيث لا يزال حزب PNL يعتبر الرئيس يوهانيس حاميه العظيم ولكن أيضاً الرجل الذي يلعب الألعاب الهامة عندما يتعلق الأمر بتعيين رئيس الوزراء وحتى الوزراء.
ورداً على هذا السؤال من قبل جميع الناخبين، فإن إجابة الناخبين لا تفاجئني.
وأشرت إلى أنه بغض النظر عن نتيجة المؤتمر فإن الفائز الأخلاقي هو لودوفيك أوربان.
وكان استنتاج تحليلي مفاجئاً قبل ثمانية أيام من انعقاد مؤتمر PNL. ولكن الآن، بعد 20 يوماً من هذا المؤتمر وبعد أن ثبت لنا أن فلورين كتسو هو المنتخب أضعف مما كان عليه قبل المؤتمر وعندما أقول إنني لا أعني رئيس الوزراء فلورين كتسو هو الضعيف بل رئيس الحزب الوطني الليبرالي فلورين كتسو هو الضعيف في حين أصبح لودوفيك أوربان الذي خسر الانتخابات في الحزب رسمياً قد أصبح فائزاً على المستوى الوطني والأخلاقي. مما أجبر (من خلال أدائه بعد المؤتمر وخسارته) العديد من أولئك الذين صوتوا لفلورين كتسو أن يسأل أنفسهم أين كانت أذهانهم عندما لم يختاروا لودوفيك أوربان.
وما الذي أعتمد عليه هذا الاستنتاج الذي ثبت صحته بالفعل؟ أعتمد على ملاحظة أن معركة الحزب الوطني الليبرالي سرعان ما مرت ولأسباب عدة من المرحلة الصغيرة وهي المواجهة بين شخصيتين ضمن حزب ما إلى صراع أكبر وهو مواجهة اعتبرتها رومانيا كلها صراع واسع من أجل الانتخابات الرئاسية للدولة وليس لقيادة حزب فقط.
وبفضل هذه الحقيقة التي لم يكن فلورين كتسو ولا كلاوس يوهانيس على علم بها، وعلى الرغم من هزيمتهما في مؤتمر الحزب، أثبت لودوفيك أوربان بعد المؤتمر الذي خسر رئاسة الحزب فيه (حيث أعلن عن استقالته شرفاً من منصب رئيس مجلس النواب في البرلمان لأنه لم يعد له شرعية ودعم سياسي كونه خسر رئاسة الحزب)، أنه الفائز الأخلاقي في المواجهة على المسرح الكبير، للبلد بأسره. ومن المقارنة البسيطة لسلوك الاثنين، أدرك الناخبون الوطنيون أن فلورين كتسو قطة صغيرة وفقيرة (أعتذر من القط لهذه المقارنة!) وربما جزء من موجة الكراهية القومية ضد رئيس الوزراء فلورين كتسو سببته قناعة الرومانيين بأن لودوفيك أوربان هو الفائز الأخلاقي بهذا التصرف الشريف.
لقد قدمت هذه المقدمة الطويلة حول قضية لودوفيك أوربان لأن شيئاً مشابهاً يحدث الآن مع داتشيان تشولوش. وهناك بالفعل إجماع في الصحافة حول تعيين داتشيان تشولوش على أنه كان فخاً نصبه كلاوس يوهانيس له. وهو فخ على أساس وقع فيه داتشيان تشولوش الذي لن يكون لديه فرصة حقيقية ليصبح رئيساً للوزراء بسبب عدم وجود أغلبية تدعمه لأن PNL يعرف ويستغل هذا الحساب السياسي حيث يريد إعادة كتسو في منصب رئيس الوزراء وهذا هو الرأي العام.
لكن لماذا أقول إنه فخ؟
يقول الجميع أن داتشيان تشولوش لن يكون قادراً على تحقيق الأغلبية. إما أنه يرفض التفويض أو سيفشل في التصويت. وإذا حدث ذلك سيتلقى داتشيان تشولوش ضربة قاتلة وسوف ينتهي كسياسي وسيتم أيضاً الانتهاء من حزبه كله USR PLUS، حيث سيكون عزله على الساحة السياسية واضح.
لكن هل هذا صحيح؟
سيكون هذا هو الحال فقط إذا وقعت مثل الأحداث في الأوقات العادية الطبيعية في السابق ففي الأوقات العادية كان من الممكن أن يتعرض داتشيان تشولوش للسخرية لأنه قد اقترح نفسه لمنصب رئيس الوزراء ومعه كان في الأوقات الطبيعية من الممكن أن تتم سخرية حزبه لأنه اعتقد نفسه أكبر وأهم مما هو عليه حقيقةً.
لكننا لا نعيش في الأوقات العادية هذه الأيام.
بل يتحول الوباء بين عشية وضحاها إلى مأساة وطنية. بل حتى الأسوأ من ذلك بكثير، حيث أصبحت الجائحة المأساة التي ينظر إليها فلورين كتسو وكلاوس يوهانيس والوزراء كلهم بإهمال.
لقد ارتفعت أسعار فواتير الطاقة بالفعل ويجب أن تدار الأموال من بروكسل. ربما كانت هذه الأزمات ستحدث حتى لو كان لرومانيا حكومة كاملة الصلاحيات وبدعم الأغلبية في البرلمان. لكن الشتاء قادم والسلطات ليست جاهزة.
لكن من المؤكد أن رومانيا تمر بأزمة سياسية لمدة شهر وأسبوع وبشكل أكثر تحديداً هذه الأزمة موجودة منذ 1 أيلول 2021 عندما انتهك فلورين كتسو بروتوكول الحكومة والتحالف الحاكم بإقالة وزير العدل ستيليان أيون، دون إبلاغ شريكه في الحكومة وهو حزب USR PLUS. ومنذ ذلك اليوم أدرك الرومانيون لكهم أن لا أحد يهتم بإدارة البلاد وأن السياسيون عالقون في معركة شاذة لمصالحهم الشخصية.
ولا شك في أن الرومانيين ينتظرون سياسياً يتولى الرجولة لوضع حد لهذا المشاجرة.
ولم يكن هذا السياسي كلاوس يوهانيس. ولم يكن فلورين كتسو. ولم يكن حتى مارتشيل تشيولاكو رئيس حزب المعارضة PSD. بل كان هذا الرجل داتشيان تشولوش.
إن حزبه USR PLUS هو الحزب الذي عامله حزب PNL وكذلك حزب PSD وكأنه حزب غير ناضج وهو الحزب الذي تعرض للفضيحة فجأة وكان لديه القوة ليقول “قف!” وتولى مهمة تشكيل الحكومة على الرغم من جميع رؤى الفشل لدى الآخرين. وسيضع هذا الحزب حكومة يحدد برنامجها حل أزمة الصحة الرومانية وأزمة الطاقة وأزمة المال القادمة من بروكسل.
أنا، لو كنت داتشيان تشولوش، ما كنت سأقوم بلفتته وأقترح نفسي رئيساً للوزراء.
وليس لأنني متقنع أن الحركة كلها فخ نصبه يوهانيس لفرض رغباته بعد فشل تشولوش بسبب عدم وجود الأغلبية التي تدعمه في البرلمان، بل لأن أي سياسي سيكون رئيساً للوزراء في الفترة المقبلة سوف يتم تدميره كصورة عامة. وسيتعين عليه حل المشاكل التي تركتها حكومة كتسو دون حل منذ تاريخ 1 حزيران 2021 عندما بدأت الخلافات داخل حزب PNL وبعد ذلك في 1 أيلول عندما كسر التحالف الحاكم من خلال إقالة وزير العدل دون علم وتشاور USP PLUS (حيث كان وزير العدل عضو هذا الحزب). لا يمكن حتى لويستون تشرشل أن ينجح في الخروج حياً دون أن يصاب بأذى سياسي من مثل هذه المحنة الكبيرة التي هي إدارة رومانيا حتى فصل الربيع.
ولا أعرف ما إذا كان داتشيان تشولوش سيصبح رئيساً للوزراء لأنه فعلاً من الصعب أن يجب أغلبية تدعمه في البرلمان لتمرير حكومته.
لكني أعرف الحقيقة التالية:
بغض النظر عما إذا كان قد سيفشل في تشكيل الحكومة أم لا، فإن داتشيان تشولوش سيفوز بانتصار أكبر: وهو الانتصار المعنوي الاخلاقي أمام الرومانيين.
سوف يكون هو في أعين الرومانيين بصفته رجل دولة لديه القوة لتولي حكومة البلاد في مثل هذه الأوقات الصعبة وأولئك الذين فعلوا كل ما في وسعهم حتى لا ينجح (مثل فلورين كتسو وقيادة PNL) هم الخاسرين الحقيقيين.
وهذه هي الحقيقة الأساسية حتى ولو سيفوز كلاوس يوهانيس من خلال تلاعباته السياسية وسيصبح فلورين كتسو رئيساً للوزراء مرة أخرى.
بل أكثر من ذلك أقول إن إذا فشل داتشيان تشولوش في تشكيل حكومته فسيكون كلاوس يوهانيس هو الخاسر الأكبر. وحتى لو لم ينصب فخاً ل تشولوش كما يفكر الجميع فسيكون الانطباع الوطني أنه نصب له هذا الفخ من خلال ألعابه القذرة. وكل هذا فقط من أجل دعم فلورين كتسو وهو الرجل الذي انتهى به الأمر ليصبح أسوأ من نيكولاي تشاوتشيسكو ومكروه أكثر منه لدى الرومانيين.
وهناك مسلسل تلفزيوني حول شخصية عثمان المؤسس البيزنطي وهناك العديد من المواقف التي نصب فيها البيزنطيون فخاً لعثمان. وعندما اكتشف عثمان الأمر والفخ، قام هو نفسه بوضع ونصب لهم فخاً آخر. أي فخ في فخ.
ولذلك إذا لم يتمكن داتشيان تشولوش من تحقيق الأغلبية بسبب الفخ الذي قد نصبه له يوهانيس فقط ليتم رفضه من قبل البرلمان ولإحضار من يريده PNL، فإن الضربة التي يتعرض لها يوهانيس ستكون قاتلة على أي حال. يمكننا القول إذن أن داتشيان تشولوش قد نصب أيضاً فخاً للرئيس كلاوس يوهانيس. أي فخ في فخ مثل وضع المسلسل التاريخي!
وإذا ثبت أن تعيين داتشيان تشولوش كانت فقط كذبة وتلاعب سياسي (في كثل هذا السياق الصحي الصعب وفي سياق أزمة الطاقة وهذا الوضع العام الصعب لرومانيا) لوضع رغبته على الرغم من حاجات الشعب الحقيقية العاجلة، فكلاوس يوهانيس مجنون بالفعل ويجب تعليقه من مهامه كرئيس الدولة.
(المصدر: الموقع وكالة ميديافاكس للأنباء https://www.mediafax.ro ، بتاريخ 13/10/2021)