(العربية) الأمم المتحدة تجدد مطالبتها “إسرائيل” بالامتثال للقرارات المتعلقة بالجولان المحتل. الجعفري: تجب محاسبة الحكومات المنخرطة في عمليات نهب الآثار في سورية والعراق

جددت الامم المتحدة مطالبتها “إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال بأن تمتثل للقرارات المتعلقة بالجولان السوري المحتل ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 الذي يعتبر أن قرار إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائية واداراتها على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم بأغلبية ساحقة القرار المعنون “الجولان السوري المحتل” بعد أن كانت لجنة المسائل السياسية الخاصة وتصفية الاستعمار “اللجنة الرابعة” قد اعتمدته بتاريخ 17-11-2015 وأحالته لنظر الجمعية العامة حيث صوتت اليوم لصالح القرار 161 دولة بينما صوتت اسرائيل وحدها ضده.

وطالب القرار اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال بأن تلغي قرارها بضم الجولان على الفور معتبرا أن “جميع التدابير والاجراءات التشريعية والادارية التي اتخذتها أو ستتخذها اسرائيل بهدف تغيير طابع الجولان السوري المحتل ووضعه القانوني لاغية وباطلة وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي واتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب وأن ليس لها أي أثر قانوني”.

كما طالب القرار”إسرائيل” أن تكف عن فرض الجنسية الاسرائيلية وبطاقات الهوية الاسرائيلية على المواطنين السوريين في الجولان السوري المحتل وأن تكف عن التدابير القمعية التي تتخذها ضد سكان الجولان السوري المحتل.

وشجب القرار انتهاكات “إسرائيل” لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب مجددا الطلب من الدول الاعضاء في الامم المتحدة عدم الاعتراف بأي من التدابير والاجراءات المخالفة للقانون الدولي التي اتخذتها “إسرائيل” في الجولان المحتل.

الجعفري: تجب محاسبة الحكومات المنخرطة بشكل مباشر في عمليات نهب الآثار في سورية والعراق

من جانب آخر دعا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري الى ضرورة التصدي للتهديدات التي تطول الممتلكات الثقافية في سورية والعراق عبر محاسبة الحكومات التي تنخرط مباشرة في عمليات نهب وتسويق اللقى الأثرية أو تغض النظر عنها.

وقال الجعفري خلال الجلسة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة البند رقم 10 المعنون بـ “إعادة أو رد الممتلكات الثقافية إلى بلدانها الأصلية” في نيويورك اليوم.. يجب محاسبة تلك الحكومات التي كانت السبب وراء جلب نفايات الإرهابيين المرتزقة الأجانب من بقاع الأرض إلى سورية والعراق لتسرق وتهدد ممتلكاتهما الثقافية وتحديداً النظام التركي الذي يستمر دون حسيب أو رقيب وبالتعاون مع الأنظمة الراديكالية الأخرى في المنطقة بدعم وتجنيد وتمويل الإرهابيين وتسهيل عبورهم إلى سورية والترويج لجرائمهم على أنها شكل من أشكال الجهاد مؤكدا ان نظام رجب أردوغان والمافيات التركية المرتبطة به هم المسوقون الرئيسيون لعمليات سرقة الآثار السورية ومبادلتها بالأسلحة والذخائر والأموال للإرهابيين.

وقال الجعفري.. لعل ما تتعرض له الممتلكات الثقافية في الشرق الأوسط وبالتحديد في بلادي سورية والعراق وفلسطين المحتلة هو أحد الأمثلة المفجعة للاستهداف الممنهج للتراث العالمي موضحا ان سورية لا تعاني من نزيف يصيب إنسانها وبنيتها التحتية واقتصادها فحسب بل هي وبحكم كونها بلاد الحضارات الإنسانية العظيمة المتعاقبة وبلاد الأبجدية العالمية الأولى في “أوغاريت” تعاني من نزيف يصيب ثرواتها الثقافية والتاريخية التي تعد ملكاً للبشرية جمعاء.

وأوضح الجعفري ان اقدام وحوش تنظيم “داعش” الإرهابي على تدمير “قوس النصر” و “معبد” و “بعل شمين” الأثريين في مدينة تدمر الأثرية وتفخيخه لمدرجها التاريخي ناهيك عن قيامهم وإرهابيي “جبهة النصرة” بنبش قبور تعود لفلاسفة ورجال دين معروفين للعالم عدا عن استهدافهم لعلماء الآثار السوريين كعالم الآثار الراحل خالد الأسعد وكذلك أديرة معلولا والمسجد الأموي بحلب ومسجد خالد بن الوليد بحمص يحاكي ما كان قد قام به آباء وأجداد “داعش” بتدميرهم تماثيل “بوذا” في باميان بأفغانستان في العام 2001.

وأعرب الجعفري عن الأسف لأن كل تلك الجرائم تجري في ظل صمت عالمي مستهجن ومخجل لم يتعد الإدانة والشجب في أحسن الأحوال بينما خلا من أي إجراء عملي يعين سورية على الحفاظ على تراثها ويعيد آثارها المسروقة إليها وقال.. في عصر توجد فيه الأمم المتحدة وأحكام للقانون الدولي للأسف هنالك من يريد رسم طريق جديد اسمه “طريق النهب” وليس “طريق الحرير”.. طريق يبدوءه الإرهابيون وتجار الدم بسرقة الآثار السورية والعراقية ومن ثم ينقلونها إلى دول الجوار وينتهون بتسويقها إلى مقتني الآثار ممن لا يأبهون البتة بحقيقة أنهم يساهمون بتعاملاتهم بالآثار واللقى المسروقة سواء قصداً أو دون قصد بدعم العمليات الإجرامية للإرهابيين واستمراريتهم في سورية والعراق ناهيك عن استخدام “طريق النهب” الجديد هذا للإتجار بأعضاء السوريين وسرقة نفطهم.

كما أعرب الجعفري عن “القلق الكبير” إزاء القصور الدولي واكتمال حلقة سرقة الآثار السورية بعدما يتمكن الإرهابيون عبر المافيات التركية من تسويق تلك الآثار بشكل علني وغير مشروع في معارض دولية وفي مواقع إلكترونية منها أوروبية وأمريكية وكذلك في المتاحف والمزادات الدولية مؤكدا ان ذلك يعد دليلاً قاطعاً على استهتار البعض في هذه المنظمة بالتزاماتهم الدولية وبمضمون قرار مجلس الأمن رقم 2199 .

وأشار الجعفري الى ان القائمة تطول حول فصول التدخل التركي السلبي السافر في شؤون سورية الداخلية قائلا.. ان جميعكم شاهد وخاصة حلفاء النظام التركي من الدول التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان كيف تاجر هذا النظام بأرواح اللاجئين الموجودين على الأراضي التركية وحياة أبنائهم ومستقبلهم واستخدمهم كورقة ابتزاز لأوروبا سياسياً وماليا وهو ما اتضح في الاتفاق الأخير بين الاتحاد الأوروبي وتركيا والذي حصلت الأخيرة بموجبه على ثلاثة مليارات يورو مكافأة لها على هذا الإتجار الرخيص بحياة الناس المساكين.

وأضاف الجعفري.. ان الكل أصبح على درايةٍ تامةٍ بانخراط النظام التركي بعمليات سرقة مصانع سورية ومن ثم نقلها وبيعها عبر تركيا وبأن هذا النظام يعد المسوق الأول لنفط “داعش” المسروق من حقول النفط السورية والعراقية عبر مافيات تركية يحميها ويسيطر عليها نجل الرئيس التركي الحالي ليسوق جزءا منه محلياً والقسم الآخر لبعض الدول الأوروبية وإسرائيل عبر ميناء “جيهان” التركي في لواء اسكندرون السوري.

وأشار الجعفري الى ان هذه الحقائق كانت قد كشفتها صحيفة “لا كروا” الفرنسية التي بينت أن حجم العائدات التي كسبها تنظيم “داعش” الإرهابي في العام 2014 فقط بلغت 8ر2 مليار دولار أمريكي 55 بالمئة منها من عوائد بيع النفط عبر تركيا بمعدل تصدير بلغ 90 ألف برميل في اليوم مذكرا بالتقارير المصورة التي نشرتها مؤخرا وزارة الدفاع الروسية ووثقت نقل مئات الصهاريج “لنفط داعش” إلى تركيا.

وبين الجعفري وجود إعلانات موضوعة على مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي فيس بوك لأتراك في تركيا يروجون علناً ويعربون عن استعدادهم لشراء الآثار السورية والعراقية المسروقة على حدود البلدين مع تركيا لافتا الى ان هذه المعلومات متوفرة لدى وفد سورية الدائم لدى الامم المتحدة لمن يشاء الاطلاع عليها.

وقدم الجعفري الشكر للوفد اليوناني على تقديمه مشروع القرار الهام في إطار هذا البند وعلى جهوده في الوصول إلى توافق للآراء حوله مشيرا الى ان وفد الجمهورية العربية السورية شارك بفاعلية في المشاورات غير الرسمية حول مشروع هذا القرار وانضم إلى قائمة متبنيه إيماناً بأهميته وملامسته للواقع الخطير الذي يعيشه تراثنا الثقافي الصامد منذ آلاف السنين أمام كافة أشكال الهمجية دفاعاً عن قيم إنسانية مشتركة.

وشدد الجعفري في ختام بيانه على أهمية التزام الدول الأعضاء بمضمون مشروع القرار المطروح والذي أكد على الحاجة الملحة للتصدي لخطر الإرهاب على التراث العالمي وعلى أهمية التعاون الدولي والتنسيق مع الدول المتضررة ومنظمة اليونيسكو في التصدي للتهديدات التي تهدد تراثنا العالمي وخاصة بسبب الهجمات الإرهابية مطالبا بضرورة بذل الدول الأعضاء لكل جهد ممكن لإعادة ورد الممتلكات الثقافية السورية المسروقة إلى بلدها الأصلي سورية.

وعبر الجعفري عن تأييد وفد سورية لدى الأمم المتحدة لما تضمنه مشروع القرار الحالي من تذكير بضرورة احترام وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2199 مؤكدا ان تطبيق هذا القرار سيكفل قطع مصادر التمويل عن الإرهابيين وعن عملياتهم الإجرامية ضد السوريين وحضارتهم وممتلكاتهم الثقافية ولقمة عيشهم ومؤسساتهم وسيضمن أيضاً الحفاظ على التراث السوري الأصيل القائم على قيم الاعتدال والعيش المشترك وسيدفع بجهود إيجاد الحل السوري السياسي المنشود للأزمة في سورية قدماً نحو الأمام.

(المصدر: وكالة سانا للأنباء، تاريخ: 10/12/2015)