لا يمكن الفصل بين اجتياح إرهابيي داعش لتدمر، وبين ما جرى ويجري في سورية والمنطقة عموماً خلال سنوات “ربيع الخراب”.. فالمخطط الصهيوأمريكي الرجعي العربي لا يستهدف فقط الضغط على محور المقاومة لتبديل “سلوكه”، حسب التعبير الأمريكي، بل تدمير كل ما يمتّ للحضارة والتراث الإنساني بصلة بأدوات تكفيرية تتخذ من الوهابية السعودية نهجاً وسلوكاً لتنفيذ ما يطلب من غرف العمليات في الأردن وتركيا.
فبعد فشل حكام الخليج ونظام أردوغان في إسقاط سورية، وتنفيذ المخطط التفتيتي للعراق، وباتت هزيمة آل سعود في اليمن على الأبواب، بدؤوا التفتيش عن منجز يحرف الأنظار عن خيباتهم، فكانت العين على تدمر، وذلك في محاولة جديدة لإلحاق الأذى بالإرث الحضاري، والانتقام من السوريين الذين رفضوا الرضوخ والاستسلام.
وبالتالي، فإنَّ هجوم الدواعش على تدمر هو استكمال لما حصل في مدينة نمرود ومتحف الموصل، وقبله سرقة الآثار ونبش القبور في سورية والعراق، دون أن نسمع ولو كلمة إدانة ممن يدعون الحرص على الإنسانية وتاريخها، الذين اكتفوا بذرف دموع التماسيح على ما اقترفته أيادي مغول العصر، وهذا يدلّل على أن من صنع ودعم “داعش” هو من أعطى الأمر بمهاجمة تدمر.
لقد شكّل دخول الإرهابيين إلى تدمر حدثاً صادماً للسوريين الذين طالما فخروا بأنهم يملكون هكذا إرث عظيم على أرضهم، لكن في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها وطنهم، والحرب النفسية التي ارتفعت وتيرتها ضدّهم مؤخراً، بهدف إحباطهم والحد من عزيمتهم، فإنَّهم باتوا يدركون أن حربهم طويلة مع الإرهاب، ولا سيما أن التجارب أكدت أنه قد يسيطر التكفيريون على منطقة في ظرف ما، لكن لن يطول الوقت حتى تعود لأهلها، فالجيش العربي السوري، الذي أقسم على الدفاع عن حياض الوطن، والذي كانت أولويته في هذه المعركة الحفاظ على أرواح المدنيين وتأمين خروجهم من المدينة، لن يتأخر في استعادة السيطرة عليها وتنظيفها من رجس القتلة التكفيريين، ولن يطول الوقت حتى يطمئن الشعب السوري بأن مملكة زنوبيا التي صمدت في مواجهة الإمبراطورية الرومانية ستصمد مجدداً وستستعيد ألقها على أيدي أبطال جيشنا الميامين.
لسنوات أربع خلت، حاربت سورية التنظيمات التكفيرية نيابة عن العالم، وقدّمت للرأي العام العالمي دروساً في الصمود والتضحية في سبيل الحفاظ على الوطن وإرثه التاريخي والحضاري الذي يُعد جزء منه تراثاً إنسانياً تفتخر به الإنسانية جمعاء، ولذلك يستحق الشعب السوري من شعوب العالم وقفة تضامن تشد من أزره وتضغط على الحكومات المشاركة في الحرب على سورية لوقف دعمها للإرهاب، الذي بدأ يتحوّل إلى سرطان يهدد أمن العالم برمته.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 22/5/2015)