أكد مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة في جنيف السفير حسام الدين آلا أن “إسرائيل” تستمر في عرقلة اضطلاع اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الاسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة بولايتها وتمنع وصولها إلى الأراضي المحتلة وتمعن في مساعيها لتكريس احتلالها وفي تنفيذ مخططاتها الاستيطانية الممنهجة بمصادرة الأراضي وسرقة المياه والاستخراج غير القانوني للموارد الطبيعية في الجولان العربي السوري المحتل.
وقال السفير آلا في بيان أمام اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الاسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة: إن “قرار المجتمع الدولي بإنشاء هذه اللجنة بعد أقل من عام على احتلال اسرائيل للجولان العربي السوري وللأراضي العربية الاخرى المحتلة عام 1967 كان رسالة واضحة من المجتمع الدولي برفضه لهذا الاحتلال وخطوة مهمة في العمل على فضح ممارسات وانتهاكات سلطات الاحتلال للقانون الدولي الانساني وللحقوق الاساسية للمواطنين السوريين في ذلك الجزء المحتل من الأراضي السورية”.
وأضاف السفير آلا: من المؤسف أن “إسرائيل” التي تتحدى المجتمع الدولي وإرادته وترفض إنهاء احتلالها عملت طوال الأعوام الماضية على تكريس احتلالها تحت انظار المجتمع الدولي من خلال سياسات وممارسات استيطانية تنتهك الشرائع الدولية وتحرم أصحاب الأرض الأصليين من حقوقهم الأساسية وهي تستمر حتى اليوم بالقيام بذلك مستفيدة من المظلة السياسية التي وفرتها لها دول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي منعت المجلس في الكثير من المحطات من ادانة السلوك الاسرائيلي ومن الزام سلطات الاحتلال بالامتثال لقرارات الامم المتحدة ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي بما في ذلك قرارات المجلس نفسه.
وأكد أن “إسرائيل” التي تستمر في عرقلة اضطلاع اللجنة بولايتها وتمنع وصولها الى الاراضي المحتلة تمعن في مساعيها لتكريس احتلالها وفي تنفيذ مخططاتها الاستيطانية الممنهجة بمصادرة الاراضي وسرقة المياه والاستخراج غير القانوني للموارد الطبيعية في الجولان السوري المحتل كما تمعن في انتهاك الحقوق الأساسية للمواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال وذلك رغم أن المجتمع الدولي دأب من خلال مئات القرارات التي اعتمدتها الامم المتحدة منذ العام 1967 على تأكيد رفضه المتكرر للاحتلال الاسرائيلي ومطالبته “إسرائيل” بالانسحاب من كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وقد أعادت الجمعية العامة هذا الموقف مؤخرا في قرارها رقم /69/25 المعنون الجولان السوري وقرارها رقم 69/94 الذي حددت فيه مطالبة /إسرائيل/ بالامتثال لقرارات الامم المتحدة المتعلقة بالجولان السوري المحتل ولا سيما قرار مجلس الامن رقم 497/1981/ الذي نص على بطلان قرار سلطات الاحتلال بفرض قوانينها القضائية وادارتها على الجولان السوري المحتل واعتبره لاغيا وباطلا ولا أثر قانونيا له.
وقال السفير آلا: إن “إسرائيل” رغم كل ذلك تستمر باعتقال الاسرى السوريين في سجونها بشكل تعسفي وتفرض قيودا على حركة وتنقل المواطنين السوريين وعلى تواصلهم مع ذويهم في وطنهم الأم سورية اضافة الى حرمانهم من موارد رزقهم ومن ممارسة حقوقهم الاساسية في المأوى والصحة والتعليم وقد وثقت لجنتكم هذه الانتهاكات في التقارير الدورية التي قدمتها إلى الجمعية العامة.
وأشار إلى أن النشاط الاستيطاني غير القانوني الذي اطلقته السلطات الاسرائيلية فور احتلالها للأراضي العربية عام 1967 وما ارتبط به من ممارسات وانتهاكات ممنهجة للقانون الدولي الانساني من مصادرة للأراضي وسرقة للمياه والموارد الطبيعية كان احد الجوانب التي غطتها تقارير لجنتكم خلال السنوات السابقة وقال: إن “إسرائيل” تستمر بانتهاك كل القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة ولاسيما القرارين 446/ عام 1979 و/465/ عام 1980 الصادرين عن مجلس الامن وقرارات الجمعية العامة ومجلس حقوق الانسان واخرها القراران 69/92 و 28/26 والتي أكدت جميعها على عدم مشروعية الانشطة الاسرائيلية وبناء المستوطنات في الجولان السوري المحتل وطالبتها بالكف عن تغيير الطابع العمراني والتكوين الديموغرافي والهيكل المؤسسي والوضع القانوني للجولان السوري المحتل وبشكل خاص الكف عن اقامة المستوطنات وغيرها من الانشطة الاستيطانية.
وأضاف: في هذا المجال قامت /إسرائيل/ إمعانا في تحديها لهذه القرارات بمصادرة آلاف الدونمات من اراضي الجولان السوري المحتل تنفيذا للمشروع الاستيطاني المسمى مشروع المزارع الذي تخطط من خلاله لإقامة 750 مزرعة تستقدم لها 750 عائلة للاستيطان فيها استقدمت 90 عائلة منهم خلال العام الحالي مبينا أنه وفق المعلومات المتاحة لدى سورية فان المعدل العام لاستقبال القادمين الجدد من المستوطنين في الجولان يبلغ حوالي الالف مستوطن سنويا وذلك في اطار خطط استيطانية يتم العمل من خلالها لزيادة المستوطنين في الجولان الى 23 ألف نسمة خلال السنوات الخمس القادمة وهي خطط تعمل سلطات الاحتلال مع الوكالة اليهودية العالمية للترويج لها من خلال حوافز واغراءات مالية متنوعة حيث تقوم الوكالة المذكورة بمنح كل عائلة استيطانية في منطقة الجولان منحة مالية بقيمة 12 ألف دولار.
وأوضح انه في اطار هذه الخطط الاستيطانية صدقت سلطات الاحتلال على بناء 380 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات القائمة في اراضي الجولان السوري المحتل إضافة إلى توسيع البناء في مستوطنات اخرى مثل مستوطنة كفار خروب المقامة على انقاض قرية كفر حارب السورية المدمرة مشيرا إلى أن النشاط الاستيطاني يترافق مع قيام /اسرائيل/ بسرقة المياه واستنزاف مصادرها لاستخدامها في تلبية احتياجات المستوطنين الاسرائيليين وإرواء مشاريعهم الزراعية كما حدث عندما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بسحب مياه بحيرة مسعدة وتحويلها إلى مزارع المستوطنين الامر الذي أدى إلى كارثة بيئية واقتصادية كبدت المواطنين السوريين هناك خسائر مادية قدرت بعشرين مليون دولار امريكي اضافة الى استغلال الثروة المائية في الجولان من أنهار وبحيرات طبيعية واصطناعية وينابيع غزيرة والخاضعة بالكامل الى سيطرة شركات الاحتلال في مشاريع سياحية ومشاريع تجارية لبيع المياه المعدنية بالشراكة مع شركات اجنبية مثل شركة أكوا الامريكية.
وقال السفير آلا: إن هناك تقارير تفيد بأن الشركات التابعة لسلطات الاحتلال تصدر المياه المعدنية المعبأة من الجولان العربي السوري المحتل الى 18 دولة اوروبية وذلك في انتهاك صريح للقانون الدولي الانساني ولقرار مجلس الامن رقم /497/ لعام /1981/ ولقرار الجمعية العامة رقم 69/241 المعنون السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الارض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية وبالإضافة الى ذلك باشرت شركة افيك الاسرائيلية اعمال التنقيب عن النفط في عشرة مواقع بالقرب مما يسمى مستوطنة ناطور امعانا من سلطات الاحتلال في انتهاك القرار المذكور والقانون الدولي الانساني.
وشدد على أن وفد سورية لدى الامم المتحدة سبق ان بين في مراسلاته مع هيئات الامم المتحدة والتي كان اخرها المذكرة المرسلة من البعثة السورية لدى الامم المتحدة الى المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان بتاريخ 8-5-2015 إن “إسرائيل” مستمرة في انتهاكها لحقوق الانسان في الجولان السوري المحتل ولاسيما في اعتقال الاسرى السوريين بشكل تعسفي موضحا ان سلطات الاحتلال قامت في 25 شباط 2015 بإعادة اعتقال المناضل السوري صدقي مقت الذي كانت قد افرجت عنه في شهر اب 2012 بعد 27 عاما قضاها في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي والذي يستمر احتجازه التعسفي دون مبرر وفي ظروف سيئة من التعذيب والمعاملة القاسية التي يتعرض لها والتنكر لحقوقه التي ضمنها له القانون الدولي وشرعة حقوق الانسان واتفاقيات جنيف.
وأشار إلى أن /إسرائيل/ استمرت بانتهاكاتها لحقوق الانسان في الجولان السوري المحتل بقيامها مؤخرا باعتقال العشرات من أبناء الجولان المحتل بعد مساهمتهم في فضح الدور الاسرائيلي الداعم للإرهاب في سورية وقيامهم باعتراض السيارات التي تنقل ارهابيي تنظيم /جبهة النصرة/ المصنف من قبل مجلس الامن الدولي تنظيما ارهابيا مرتبطا بتنظيم القاعدة الارهابي لمعالجتهم في المشافي الاسرائيلية واعادتهم بعدها الى منطقة الفصل لمتابعة أعمالهم التخريبية وجرائمهم ضد المدنيين السوريين والبنى التحتية الخدمية في سورية وقال.. ان سلطات الاحتلال لا تزال تحتجز الشيخ جولان ابو زيد والسيدة بشيرة محمود وابنها الصغير.
وطالب مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة في جنيف بالضغط على “إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال لتأمين ظروف صحية أكثر انسانية للأسرى المعتقلين السوريين في سجونها في الوقت الذي نؤكد فيه “رفضنا للمحاكمات الصورية بحقهم” داعيا في هذا الإطار للضغط على سلطات الاحتلال للإفراج الفوري غير المشروط على جميع السوريين في سجونها ومعتقلاتها.
وقال: لقد أضافت “إسرائيل” مؤخرا الى سجل ممارساتها المشبوهة انتهاكا خطيرا بتوفير الدعم اللوجيستي المباشر للتنظيمات الارهابية التي اتخذت من منطقة فصل القوات مرتعا لها بعد انسحاب عناصر قوات الاندوف من مراكزهم اثر تعرض افراد من عديدهم لعمليات خطف على يد هذه الجماعات وقد بلغ الدعم الذي تقدمه “إسرائيل” للتنظيمات الارهابية في منطقة الفصل في الجولان حد القيام باعتداءات حربية مباشرة دعما لهؤلاء الارهابيين في أكثر من مرة وذلك في انتهاك سافر وخطير لاتفاق فصل القوات وللقانون الدولي معربا عن أمله في ان تعكس التقارير القادمة للجنة المعنية بالتحقيق في الممارسات الاسرائيلية حقيقة الدعم اللوجيستي الذي تقدمه /اسرائيل/ للتنظيمات الارهابية في منطقة الجولان السوري وهو دعم اقرت تقارير الاندوف وجوده كما اقرت به وسائل الاعلام الاسرائيلية للكشف عن تأثيره كأداة للضغط على ابناء الجولان لفك ارتباطهم الوثيق بوطنهم ودفعهم للتحالف ضده مع الارهابيين ومع الاحتلال الاسرائيلي.
وأشار إلى أن معاناة أهلنا في الجولان السوري المحتل تفاقمت بسبب سيطرة تنظيم “جبهة النصرة” الارهابي على معبر القنيطرة بدعم مباشر من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي الأمر الذي أدى من جملة امور الى منع طلاب الجولان السوري المحتل من العبور إلى وطنهم الام سورية لمتابعة دراستهم الجامعية.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: إن تقارير لجنتكم منذ انشائها عام 1968 وثقت الممارسات والجرائم والمجازر التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد السوريين والفلسطينيين في الاراضي العربية المحتلة والانتهاكات المستمرة لحقوقهم الاساسية التي كفلتها القوانين الدولية واتفاقيات جنيف مؤكدا ان تقارير هذه اللجنة تكتسي أهمية خاصة في ظل الظروف السائدة في المنطقة العربية حيث تسعى “إسرائيل” للاستفادة من تلك الظروف لتكريس احتلالها وفرضها كأمر واقع على المجتمع الدولي في الوقت الذي تستمر فيه سلطات الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنوها المتطرفون بحرمان السوريين من أبناء الجولان المحتل من كل حقوقهم ومستلزمات عيشهم وموارد رزقهم والتضييق عليهم للقبول بالاحتلال أو الرحيل عن أرضهم وبيوتهم.
وجدد السفير آلا دعم سورية واستعدادها للتعاون مع اللجنة لتمكينها من الاضطلاع بولايتها مشيرا إلى أهمية قيام اللجنة واعضائها بزيارة سورية في إطار زيارتهم للمنطقة لتوثيق الممارسات الاسرائيلية بالاستناد الى معلومات وشهادات من المواطنين السوريين من ابناء الجولان الذين عانوا من الممارسات الاسرائيلية العنصرية التي حرمتهم من العودة ومن التواصل مع ذويهم في الجولان المحتل.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 4/8/2015)