أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري رفض سورية تقرير آلية التحقيق المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول حادثة خان شيخون لأنه غير حيادي ولا مهني وبنى اتهاماته الباطلة لسورية على عملية فبركة الأدلة والتلاعب بالمعلومات.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس حول تقرير آلية التحقيق المشتركة “استوقفني ما ورد في إحاطة رئيس الآلية المشتركة إدموند موليه من أن الولاية المناطة به وبآلية التحقيق المشتركة للتحقيق بما جرى في خان شيخون مسألة ليست سياسية وقال أن هذه المسالة غير سياسية والمفارقة الغريبة في نشر الإحاطة هي أن موليه اعتبر أن استخدام الكيميائي في خان شيخون هو ممارسة للإرهاب الكيميائي” متسائلا “منذ متى يعتبر الإرهاب الكيميائي مسألة فنية بحتة غير سياسية”.
وأضاف الجعفري “كيف يمكن لرئيس آلية التحقيق المشتركة أن يقول إن المعلومات ذات الصلة باستخدام المجموعات الإرهابية للمواد الكيميائية وتهريبها عبر دول الجوار وهي المعلومات التي قدمتها حكومة بلادي له ولبعثة تقصي الحقائق قبله وللجان مكافحة الإرهاب قبلهما وللجنة القرار 1540 قبل كل هؤلاء ولمجلس الأمن 130 رسالة خلال السنوات الخمس الماضية حول استخدام السلاح الكيميائي من قبل المجموعات الإرهابية في سورية وتهريبه من دول الجوار .. إن كل الجرائم التي نقلناها له وذهب ضحيتها آلاف السوريين هي مسألة فنية بحتة وليست سياسية وبالتالي خلت إحاطته من أي فهم للمشهد السياسي المعقد في بلادي ولا يمكن أن تكون ولاية آلية التحقيق المشتركة فنية فهذا الكلام غير مقنع”.
وبين الجعفري أن حكومات بعض الدول تدعي الأخلاق وتنصب نفسها وصيا على احترام أحكام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة في الوقت الذي تمارس فيه سياسات تزدري من خلالها هذه المبادئ النبيلة وتسيء استخدامها لتحقيق أجنداتها التدخلية التدميرية.
وأشار إلى أن ذلك ينطبق أيضا على بعض لجان الأمم المتحدة التي يفترض فيها الحيادية والمهنية والمصداقية في الوقت الذي أثبت عملها وتقاريرها أنها لجان منحازة ومسيسة وغير أخلاقية وتبرع في عملها باستخدام شهود زور ومصادر تسميها مفتوحة وأدلة مفبركة وهذا هو حال بعثة تقصي الحقائق وآلية التحقيق المشتركة.
وأوضح الجعفري أن تقرير آلية التحقيق المشتركة غير حيادي ولا مهني وبنى اتهاماته الباطلة لسورية على عملية فبركة الآدلة والتلاعب بالمعلومات وعلى استخدام عبارات ماكرة ومصطلحات غامضة لا يجوز لتقرير جنائي أن يستند في اتهاماته إليها حيث استخدم كلمتي “من المرجح” و”من غير المرجح” 32 مرة في معرض مناقشة آدلة علمية لا يجوز أن تحتمل سوى اليقين.
وبين الجعفري أن الفقرة 54 في تقرير الآلية المشتركة أوردت أن سورية لم توافها بنتائج التحقيق الداخلي الذي تم إعلامها بفتحه من قبل اللجنة الوطنية السورية علما أنني سلمت رئيس البعثة في السادس عشر من آب الماضي في مكتبه نسخة من تقرير لجنة التحقيق الوطني السورية في حادثة خان شيخون وأبلغته أنه هو المسؤول الأممي الوحيد الذي يملك نسخة من هذا التقرير.
وقال الجعفري “أورد التقرير مرات عدة أن تنظيم جبهة النصرة هو الذي يسيطر بشكل رئيسي على مدينة خان شيخون بما يشمل مسرح الجريمة .. إذا فالتقرير يقول صراحة أن من أعد الآدلة وفبركها ونقلها إلى تركيا هو تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وأن من قدم العينات المزعومة إلى الاستخبارات الفرنسية والبريطانية والتركية والأمريكية هو التنظيم ذاته وأن من قدم شهود الزور في غازي عنتاب التركية هو التنظيم وأن من أعد مسرح الجريمة ثم طمره وتلاعب به هو “جبهة النصرة”.
وتساءل الجعفري “هل يعقل بعد كل هذا وذاك أن تكون قيادة الآلية مطمئنة وواثقة من أن النتائج التي وصلت إليها بناء على ما يسمى سلسلة حفظ الآدلة والعهدة لم يتم التلاعب بها من قبل “جبهة النصرة” المصنفة من قبل مجلس الأمن كتنظيم إرهابي…”.
وأضاف الجعفري.. إن التقرير أشار في الفقرة التاسعة من الملحق الثاني إلى قيام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمجموعات المتحالفة معه في 21 آذار 2017 بشن هجوم على القوات السورية في اتجاه مدينة حماة وبين التقرير أن الجيش العربي السوري استعاد السيطرة وتوغل حتى تاريخ 3 نيسان 2017 إلى مسافات أعمق في المناطق التي كان قد خسرها أي قبل يوم واحد من وقوع حادثة خان شيخون.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة “السؤال المطروح للجميع إذا كان الجيش العربي السوري يحقق الانتصارات الحاسمة تلك كما ورد في التقرير وبات على مشارف مدينة خان شيخون قبل يوم واحد من الحادثة في المدينة التي يسيطر عليها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي فلماذا افتعال هذه الجريمة مع تداعياتها المعروفة للجميع… لماذا استخدام الكيميائي ومن هو المستفيد الحقيقي منه… إن المستفيد الوحيد هو تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وحكومات الدول التي توجه الاتهام للحكومة السورية وذلك بهدف عرقلة تقدم الجيش العربي السوري ضد الإرهابيين”.
وتابع الجعفري لماذا لم تقم بعثة تقصي الحقائق وآلية التحقيق المشتركة بزيارة خان شيخون… وهل يمكن إجراء تحقيق في جريمة ما عن بعد علما أن إدارة الأمن والسلامة في الأمم المتحدة أكدت إمكانية القيام بهذه الزيارة… ولماذا سارع تنظيم جبهة النصرة الذي يسيطر على خان شيخون إلى تغطية الحفرة بالإسفلت ولماذا تلاعب بمسرح الجريمة… إذا لم يكن لدى رعاة هذا التنظيم الإرهابي ما يخفونه لكان حريا بهم تسهيل التحقيق ومنع التلاعب بمسرح الجريمة.
وتساءل الجعفري.. لماذا لم تقم آلية التحقيق المشتركة بجمع العينات من قاعدة الشعيرات الجوية التي ادعت الإدارة الأمريكية أنها كانت منطلقا للهجوم الكيميائي والمفارقة العجيبة في هذا الأمر أن موليه أعلمني بنفسه أنه هو الذي اتخذ القرار بعدم الذهاب إلى خان شيخون وأنه هو الذي قرر بأنه ليس من اختصاص الآلية أخذ عينات من مطار الشعيرات والسؤال المهم جدا هو معرفة ما الذي دفع موليه لاتخاذ قرارات خطيرة كهذه تؤثر على مصداقية استنتاجات الآلية.
وأضاف الجعفري.. أشارت الآلية في الفقرة 30 الى حصولها على معلومات تتضمن تفاصيل عن وجود طائرة تبعد خمسة كيلومترات عن خان شيخون وإلى أن الخبير الذي استشارته الآلية قد خلص إلى أنه من الممكن اعتمادا على عدد من المتغيرات مثل الارتفاع والسرعة ومسار التحليق المتخذ إسقاط قنبلة جوية من هذا القبيل على البلدة من المسافة سالفة الذكر .. وعلى الرغم من أنه لا يمكن من الناحية التقنية لطائرة سوخوي 22 توجيه ضربة إلى البلدة وفق المسار الذي حددته الآلية فإن الخبير الذي استشارته الآلية أطلق عبارة ماكرة ومضللة وغير حاسمة قائلا “من الممكن توجيه الضربة” فهرعت الآلية لاعتماد استنتاجه هذا دون نقاش.
وبين الجعفري أن التقرير أورد في الفقرة 41 أن الآلية بحثت أيضا إمكانية أن تكون الحفرة ناجمة عن جهاز متفجر يدوي الصنع وفي حين لم تستبعد هذه الإمكانية تماما فهل لقيادة الآلية أن تفسر كيف لا تستبعد إمكانية أن تكون الحفرة ناجمة عن جهاز متفجر يدوي الصنع وفي نفس الوقت تقول إنها واثقة بأن الحفرة ناتجة عن إلقاء قذيفة جوية .. كيف يستوي هذان الإدعاءان.
وأضاف الجعفري أشار التقرير في الفقرة 45 إلى أن أحد الأدلة التي استند إليها في توجيه الاتهام للحكومة السورية هو أن عينات السارين قد أنتجت من السليفة الكيميائية المستمدة من المخزون الأصلي للجمهورية العربية السورية وأسموها السليفة “دي أف” متسائلا عن سبب إصرار الآلية المشتركة على تضليل كل من يقرأ التقرير من خلال الإيحاء بأن هذه العينة ترقى لأن تكون بصمة “دي أن إيه” لا يمكن تصنيعها إلا من قبل الحكومة السورية مع العلم أنه يمكن لأي مخبر غربي مختص أن يصنع مثل هذه العينة.
ولفت الجعفري إلى أن المخزون الكيميائي السوري تم إتلافه على متن السفينة الأمريكية “أن في كاب ري” في البحر المتوسط وبالتالي فإنه من المرجح أن تكون الجهة التي أتلفت هذا المخزون قد قامت بإستبقاء جزء منه لديها لأنهم غير قادرين على صناعة ما صنعه علماؤنا .. السليفة “دي أف” هي ماركة سورية بحتة لا أحد يستطيع أن يصنعها فقط علماء سورية .. الأمريكان لا يستطيعون صناعة مثيلتها ولذلك قد يكونون حافظوا على قسم من المخزون السوري الذي كانوا مؤتمنين على تدميره في البحر المتوسط .. العلماء الأمريكيون يتعلمون من علمائنا في الكيمياء”.
وأضاف الجعفري “ألا يدل عدم وجود ذيل القذيفة في مسرح الجريمة وفقا لما أشارت إليه الفقرة 58 على أن هناك جهة ما تلاعبت به من خلال الإيحاء بأن قذيفة تم إلقاؤها من الجو آخذين بعين الاعتبار أن الآلية نفسها قد قالت إن عدم وجود تشين أوف كاستدي “سلسلة حفظ الأدلة” للبقايا الموجودة يفقدها قيمتها الإثباتية ومع ذلك لم يمنع هذا الشك الآلية من الجزم بأن الحادث نتج عن إلقاء قذيفة من الجو.
وقال الجعفري أشار التقرير في الفقرات من 74 إلى 79 إلى وجود تضارب في المعلومات وشهادات الشهود وإجراءات غير مألوفة أو غير ملائمة وأشير هنا إلى مثال واحد للاستدلال على حجم التلاعب وهو ما ورد في الفقرة 78 بأن تحليل الدم في العينة رقم 13 بين عدم وجود السارين أو مادة شبيهة بالسارين فيها في حين أن تحليل عينة البول لنفس الشخص بين أنها تحتوي على هذ المادة وأن الخبراء الطبيين الذين استشارتهم الآلية قالوا بأن الجمع بين النتيجة السلبية في الدم والنتيجة الإيجابية في البول مستحيل علميا ومع ذلك أصرت الآلية على القول بأنه ثبت استخدام السارين في التحاليل الطبية لهذا الشخص ومن المستحيل علميا أن يكون لا يحتوي الدم على السارين في حين يحتوي البول على السارين.
وأضاف الجعفري.. رغم كل هذه التناقضات فإن التقرير يعترف بأن قيادة الآلية لم تبذل أي جهد لمعرفة أسبابها في حين أن السبب واضح ويعود إلى سيناريو التلاعب بالأدلة والمعلومات لتوجيه الاتهام للحكومة السورية تماما مثلما حصل في استنتاجات قيادة الآلية السابقة في تقريرها الثالث والرابع وهي الاستنتاجات المضللة التي تم توظيفها من قبل الإدارة الأمريكية والبناء عليها للعدوان على قاعدة الشعيرات الجوية.
وقال الجعفري إن سورية “تعيد التأكيد على أنها التزمت باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية نصا وروحا وأنه لم يعد لديها أي مواد كيميائية سامة محظورة بموجب الاتفاقية منذ انضمامها في العام 2013 الأمر الذي أكدته رئيسة البعثة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية سيغريد كاغ في تقريرها المقدم إلى هذا المجلس في شهر حزيران 2014”.
وأردف الجعفري إن “بلادي تعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية عملا غير أخلاقي ومدانا في أي مكان وفي أي زمن وتحت أي ظرف كان”.
وقال الجعفري “مع صدور هذا التقرير بنتائجه المفبركة أصبح رعاة الإرهاب عراة فحجم التلاعب بالأدلة والحقائق الذي تضمنه هذا التقرير غير مسبوق وتجاوز بكثير حدود التلاعب الذي كانت هذه القاعة قد شهدته بتاريخ 5 شباط 2003 ولعل التاريخ الدبلوماسي المتآكل يعيد نفسه في مشهد تمثيلي مؤسف يذكر العالم بالإدعاءات الملفقة التي ساقها حينها الوزير كولن باول عندما قال “لدينا أدلة ومعلومات” أسماها حقائق واستنتاجات مستندة إلى معلومات استخبارية موثوقة وذلك لتبرير عدوان بلاده على العراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل.
وأضاف الجعفري.. من المثير للاستغراب أن الوزير جون كيري عاد بتاريخ 26-8-2013 لاستخدام عبارات باول نفسها لتضليل الرأي العام العالمي والتبرير المسبق لشن عدوان على سورية آنذاك ويبدو أن هذه المتلازمة هي ملكية حصرية للإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وتابع الجعفري إن السؤال الذي يشغل بال كل سوري هو إلى متى ستستمر معاناة السوريين من الإرهاب الذي دعمته حكومات غربية وهي الحكومات التي لا ترى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلا ذراعا غليظة لمصالحها أو شركة تجارية لتحقيق أهدافها .. فحكومات قانون القوة هذه لم تترك من المحرمات شيئا إلا وارتكبته بحق الشعب السوري وحكومات قانون القوة هذه دأبت على الاعتقاد أن بإمكانها ممارسة القتل والتدمير والخداع والكذب دون مساءلة من أي قانون مسكين.
وقال الجعفري إن “الحرب الإرهابية التي استهدفت بلادي سورية قد كلفت الحكومات الراعية لها حتى الآن 137 مليار دولار وذلك باعتراف أحد عملائها وهو رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم والحرب الإرهابية هذه باعترافه لوسائل الإعلام منذ أيام قليلة فقط كانت مخططا مشتركا جمعهم بشكل رئيسي مع السعوديين والأتراك والأمريكيين والإسرائيليين والأردنيين وكانت سورية وشعبها بالنسبة لهذه الحكومات مجرد فريسة تتنازع عليها الضباع”.
وأضاف الجعفري إن بلادي “ترفض شكلا ومضمونا ما جاء في تقرير آلية التحقيق المشتركة لجهة اتهامها في الحادث المؤلم الذي وقع في خان شيخون كما ترفض أن تكون سورية بإرثها الحضاري الذي يمتد آلاف السنين صيدة أو فريسة للحكومات الراعية للإرهاب وسنستمر في حربنا على الإرهاب وسنعيد بناء بلدنا وتحقيق طموحات مواطنينا بدمائنا وعرقنا وجهدنا وبدعم أصدقائنا ممن يحترمون القانون الدولي ويرفضون خرق الميثاق ويتصدون لسياسات الهيمنة ودعم الإرهاب العالمي.
سافرونكوف: نتائج تقرير حادثة خان شيخون تعتمد على معطيات مرتبطة بالإرهابيين
من جهته نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف أكد أن التقرير يتضمن تناقضات وعيوبا وثغرات عديدة واعتمد على أدلة غير كافية لاتخاذ أي قرار حول ما حصل وعلى معطيات قدمتها “معارضة” مرتبطة بالإرهابيين بما في ذلك أصحاب “الخوذ البيضاء”.
وقال سافرونكوف إن آلية التحقيق “رفضت مبدئيا النظر في فرضية تدبير حادثة خان شيخون بغرض تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن استخدام السلاح الكيميائي” مشددا على أن فريق التحقيق لم يزر مدينة خان شيخون وأن آلية تتمتع بمثل هذه المسؤولية الكبيرة لا يمكنها مواصلة العمل في هذا النهج.
ولفت نائب مندوب روسيا إلى أن العينات التي استخرجت ليست من خان شيخون بل من دولة أخرى وهذا أمر غير مقبول داعيا إلى إعادة بناء نظام العمل للآلية المشتركة بشكل جذري لأنها ستبقى في حال عدم القيام بذلك “أداة عمياء” لمحاسبة الحكومة السورية.
مندوب الصين لدى الأمم المتحدة أشار إلى أن بلاده تؤيد الآلية المشتركة في تحقيقها من أجل أن تتوصل إلى أدلة تستند إلى الحقائق بشكل شامل ومحايد مؤكدا أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في سورية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 9/11/2017)