بعد 60 يوما على تحرير مدينة دير الزور وإعادة الأمن والاستقرار إليها بزنود رجال الجيش العربي السوري باتت استعادة المدينة الاستراتيجية التي تشكل ثقلا اقتصاديا وبشريا شرق سورية لرونقها وحيويتها رهان المرحلة التالية حيث تصدرت أولويات الحكومة بعد أكثر من ألف يوم من حصار داعشي همجي سلبها معظم مقومات البقاء.
التجول في المدينة يوحي بحياة طبيعية ولكنه في الوقت نفسه يؤكد إرادة جامعة على المستويين الشعبي والرسمي لإعادة دير الزور درة الفرات الى مكانتها قبل تفشي الإرهاب في أزقتها وحواريها محدثا فيها الخراب و الدمار. لعل أبرز ما يطالعك به أهالي دير الزور وأنت تتجول في أحيائها وحاراتها ودكاكينها وأسواقها هو تركيزهم على ضرورة عودة جميع أبناء المدينة اليها كشرط أساس لنهوضها مجددا ولا سيما مع توفر عاملي الأمن والاستقرار بالتوازي مع توفر شروط الحياة المتمثلة بالحاجيات اليومية والاساسية للأهالي مع ملاحظة وفرة من البضائع والسلع الضرورية بلوائح أسعار متطابقة للوائح الأسعار في المحافظات السورية الأخرى التي تنعم بالأمن والاستقرار منذ فترة طويلة أو تلك التي لم يطالها الارهاب. التاجر يفرد منتجاته ويفاخر بتوفر تشكيلات متنوعة كما ونوعا على أمل أن يضاعف أعماله مع اكتمال عودة من بقي من الأهالي الى أحيائهم ومنازلهم ولا سيما أن أسعار منتجاته وجودتها تضاهي مثيلاتها في أسواق المحافظات والمدن الأخرى ويوضح أنه لو لم يكن يستورد المواد الأولية من حمص لكانت الأسعار أقل مما هي عليه الآن.
ورشات العمل أو ما يشبه مكاتب العمل لديها قوائم متخمة من الطلبيات من شركات ومؤسسات ومن الأهالي لتنفيذ أعمال بناء عقارات أو لترميم شقق ومنازل كان الارهاب قد نال منها ولكنها في المقابل تعاني ندرة في الأيدي العاملة التي لا يمكن تغطيتها الا بعودة المزيد من أهالي المدينة وكانت العبارة المتكررة “اللازمة” لأصحاب تلك الورشات أنه “في عمل وما في عمال”.
بالمنظور الاقتصادي يعد توفر فرص العمل وندرة العمالة مؤشرا ايجابيا ومشجعا ويعد بطفرة اقتصادية وخصوصا مع الازدياد المضطرد لعودة الأهالي الذين سيجدون آفاقا واسعة أمامهم للعمل وتجاوز معضلة البطالة التي تلازمهم مع وجودهم كمهجرين في المحافظات الأخرى ولا سيما في دمشق.
بائع الخضار والفواكه أيضا يفرد سللا من البندورة والخيار والباذنجان وصولا إلى الموز والتفاح وغيرها في دكانه أو على بسطته ويتقصد ابراز لوائح الأسعار المناسبة جدا للجميع قياسا بسنوات الحصار التي كان الحصول فيها على مستلزمات أي طبخة يعد انجازا خارقا للعادة وعندما تسأله كيف ترى سريان الأمور والأوضاع المعيشية لا ينتظر كثيرا ليقول لك “كل شيء متوفر والأمور دائما نحو الأفضل وأدعو جميع أهالي المدينة للعودة”. بجوار مركز لتوزيع اسطوانات الغاز المنزلي تطالعك تسعيرة ملصقة على جدار “جرة الغاز بـ 2800” وهو سعر اسطوانة الغاز نفسه في دمشق وفي اللاذقية وحمص. وعلى المستوى الحكومي تفقدت وفود متتالية من وزراء الحكومة على مدى الأشهر الماضية الأوضاع في مدينة دير الزور عبر جولات ميدانية شملت أحياء المدينة وأسواقها وصالات البيع الرئيسية وجميع مرافقها الخدمية واطلعت على الواقع الخدمي والمعيشي للأهالي وسبل توفير كل مستلزمات عوتهم تزامناً مع إعلان محافظ دير الزور محمد ابراهيم سمره تخصيص ملياري ليرة سورية لإعادة الإعمار قبل نهاية العام الماضي موضحا أن سيتم صرف 3ر1 مليار ليرة لبناء المدارس وإعادة تأهيل المشافي والاتصالات وإصلاح الكابل الضوئي الواصل لدير الزور إضافة إلى ترميم الشوارع والطرقات والأرصفة والصرف الصحي وإصلاح آليات فوج الإطفاء.
ملخص جولة كاميرا سانا في أسواق مدينة دير الزور أفادت بعودة تدريجية للحياة الطبيعية الى المدينة وهو أمر منطقي في مثل هذه الظروف …عودة تمثل فرصة لأبناء درة الفرات للتخلص من واقع أرهقهم على مدى سنوات الحصار للعيش كمهجرين في المحافظات والمدن الأخرى بالحدود الدنيا من شروط المعيشة. وتشهد مدينة دير الزور منذ اللحظات الاولى لفك الحصار عنها عودة العديد من العائلات يوميا بعد تسيير شركات النقل البري والسياحي رحلاتها إلى المدينة بأسعار مخفضة فضلا عن توافر المحروقات بجميع انواعها وتقديم مؤسسات الدولة خدماتها للمواطنين وتيسير أمورهم وأعمالهم اليومية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 5/1/2018)