ما هو الشيء الأكثر مللاً في الأيام الأولى من عام 2018 من الحديث عن التعليم وتأثيره على سوق العمل والأعمال التجارية والاقتصاد الروماني، ليس الآن ولكن بعد أكثر من 10-20-30 عاماً.
عندما معظمنا وكذلك من هم في السلطة الآن، ممن هم أصحاب القرار ويمكن أن يؤثروا على الأشياء، سنكون بالفعل قد تقاعدنا وبانتظار المال أو الملجأ نتيجة لمرض الزهايمر عندما لا ندرك ما يحدث حولنا، ولا نهتم.
وقالت دانييلا فيشيويانو، رئيسة التحالف من أجل التعليم للصحيفة المالية أن 40٪ من أجيال المستقبل الذين يجب أن يدعموا رومانيا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً هم من الأميين اجتماعياً ووظيفياً، أي سوف يكونوا دون فائدة ولن يكون لهم فعالية في المستقبل، كما هو عليه الآن، في سوق العمل، للأعمال وللاقتصاد الروماني.
ماذا يعني الأميون اجتماعياً ووظيفياً؟ لا يستطيعون أن يفهموا، لا يمكنهم التعبير، لا يستطيعون أن يشرحوا ما قرأوا، يمكنهم أن يفعلوا سوى الأشياء الأكثر من بسيطة، العمليات الميكانيكية، والجسدية.
أما الابتكار، والبحوث، والعمليات المعقدة، فلا يمكن الحديث عنها. ماذا يعني هذا بالنسبة لسوق العمل والاقتصاد: يعني الكارثة.
فالشركات في رومانيا، سواء أكانت رومانية أو أجنبية، لن تكون قادرة على تنفيذ عمليات أكثر تعقيدا على نطاق أوسع، بقيمة مضافة أعلى، وبالتالي لن تكون قادرة على دفع أجور أعلى، ويعني في نهاية المطاف الإقلال من إمكانات النمو الاقتصادي أو الاقتراب من بلدان أوروبا الغربية.
ولأنه لن يكون لديهم موظفين، فالأكثر تضررا ستكون الشركات الرومانية الكبيرة والمتوسطة. في الواقع، سوف تذهب رومانيا إلى أبعد من ذلك، ستذهب نحو نموذج أمريكا الجنوبية، مع دور كبير للشركات المتعددة الجنسيات، وعلى الطرف المعاكس، سيكون هناك العديد من الشركات الصغيرة جداً التي لديها أقل من 10 موظفين والتي لن يكون لديها أي قوة والتي لن تكون قادرة على أداء عمليات أكثر تعقيداً.
ما يحدث الآن في قطاع تكنولوجيا المعلومات هو مجرد استثناء لن يكون قادراً على دعم الاقتصاد برمته.
وتقول دانييلا فيشويانو إنه إذا أمكن خفض نسبة الأمية الاجتماعية والوظيفية للأجيال الجديدة إلى النصف، فقد يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي.
إلا أن هذا لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها لأن هذه التغييرات تتم على مدى عقود. ولكن يجب وضع الأسس منذ الآن، وهذا لا يحدث على الإطلاق.
تقول دانييلا فيشويانو أن 50٪ من ميزانية التعليم السنوي (2٪ من الناتج المحلي الإجمالي وقيمته 190 مليار يورو) يذهب إلى التعليم الجامعي، وهو خطأ كبير جداً.
مشكلة رومانيا ليست التعليم الجامعي، ولكن التعليم الابتدائي والثانوي، حيث يستند تعليم الأطفال، والتي تؤثر بعد ذلك على كل شيء في الاقتصاد والمجتمع.
وهناك 3 ملايين طفل في مرحلة التعليم قبل الجامعي والتعليم الابتدائي، في حين يوجد في الجامعات 500.000 طالب، ولكن مصاريف التعليم مناصفة.
وفي الواقع، فإن تخصيص 50٪ من ميزانية التعليم للجامعات ليس سوى “رشوة” لأولئك الذين هم نخبة البلد أو يجب أن يكونوا، كي يلزموا الصمت وعدم الاحتجاج ضد السياسة العامة، وعن كيفية تخصيص المال، وتجاه السياسيين، وتجاه الحكومة، بغض النظر عمن هي.
ولأنه لا يوجد هناك معلمين جيدين، ليس في التعليم العالي، ولكن في التعليم ما قبل الجامعي، تفتقد الأجيال الجديدة للمواد المنطقية -الرياضيات والفيزياء والكيمياء – وهو ما يعني أن يفتقدوا إلى تخصصات الهندسة، والأبحاث والابتكار وليس آخرا، مقاولة المشاريع، ذات التأثير الأساسي في الاقتصاد، وخاصة في اقتصاد المستقبل.
وبفضل الجهود غير العادية، مع الإصلاحات التي لن تنتهي أبداً ولا سيما مع الاستثمارات الأجنبية، بالكاد تمكنت رومانيا من الاقتراب من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 200 مليار يورو، بيد عاملة تعادل 4.9 مليون موظف، وعليها ديون خارجية على الدولة وديون على الشركات الخاصة تعادل 100 مليار يورو (في عهد تشاوشيسكو، كان الناتج المحلي الإجمالي 30-40 مليار دولار وقوة عاملة تعادل 8 ملايين موظف).
ولأنه ليس هناك متعلمين، ولأنهم لا يعرفون كيف وماذا يعملون بسبب السياسات العامة وكون الحكومة لا تشجع العمل فإن 3-4 مليون روماني في سن العمل لا يعملون، وبالتالي فإن الأزمة في سوق العمل تتفاقم. وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك 3 ملايين روماني يعملون في الخارج.
(المصدر: الصحيفة المالية بتاريخ 7/01/2018)