دفعت رومانيا على مدى عقدين متتاليين بجميع الأشكال لعدم وجود دبلوماسيين جيدين ومفاوضين جيدين. في عالم اليوم ليس المال هو المهم فقط، ولكن كيف تقدم نفسك، كيف تسيطر على الأمور، معرفتك الجيدة لما تريد وما تطلب. هذا فن يحتاج إلى دبلوماسيين مهنيين أو مدراء مدربين في مدارس مرموقة في إدارة الأعمال الكبرى أو في الشركات الكبيرة. وألا تكون نذلاً لا تعنيه سوى مصلحته الخاصة.
وأن تعتمد على نشطاء أشرار، وعلى أشخاص خنوعين يفتقدون إلى العقل وغيره من الأعضاء، وتعزز مراراً وتكراراً أشخاصاً عديمي الرؤية وجاهزين باستمرار لتقديم تنازلات لا نهاية لها، لهو أمر ضار ومكلف.
ولقد دفعت رومانيا على مدى عقدين متتاليين بكل الطرق لعدم وجود دبلوماسيين جيدين ومفاوضين جيدين، فمن هنا العقود المتهاوية، ومن هنا عدم وجود البنية التحتية والطرق السريعة، ومن هنا الطفيليين، ومن هنا إبعاد المسؤولين الرومانيين عن أي اجتماع دولي، ومن هنا زعيق الآخرين تجاه المسؤولين الرومانيين، ومن هنا عدم وجود شركات ذات اسماء لامعة في رومانيا.
تثبت زيارة الوفد الياباني برئاسة رئيس الوزراء شينزو آبي مرة أخرى أوجه القصور لدى المسؤولين الرومانيين المذكورين أعلاه. وبعيداً عن الجانب البروتوكولي للاجتماع، فإن المناقشات مع وفد ياباني تتخذ بعداً اقتصادياً مهماً للغاية، لأن الوفد ضم ممثلين عن أهم 20 شركة، من ذوي الأنشطة في مختلف المجالات، بدءاً من الصناعات الغذائية وأمن المعلومات، والنجارة، والبنية التحتية والصناعة الثقيلة، وبحجم أعمال تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
هناك تقليد أصيل يثبت السياسي الروماني فيه فقدان للذاكرة لافت للنظر، ولذلك فإنه من الجيد أن نتذكر العديد من المرات التي اعتمد فيها اليابانيون على رومانيا، بأناقة وتواضع، في أوقات تلقى فيها الرومانيون من الغرب تربيت تشجيع على الكتف.
وفي عام 1996، كانت رومانيا قد تجاوزت 15 عاماً منذ أن اختفت من أسواق رأس المال الدولية. في ذلك الوقت كان في خزينة المصرف الوطني الروماني 500 مليون دولار وقدمت الدراسات الدولية رومانيا البلاد على أنها الأسوأ انخفاضاً لمؤشر التنمية البشرية، أسوأ مما كانت عليه بنين أو بابوا غينيا الجديدة.
وبعد اجتماع مع خبراء نومورا للأوراق المالية في كانون الاول عام 1995، وفي شهر أيار من العام التالي تم في السوق اليابانية أكبر إصدار للسندات حتى الآن، حاصلة على ما يقرب من 500 مليون دولار ضمن شروط جيدة في تلك الأوقات. وتلا ذلك فترة ثقة في الأسواق، والاتفاقات مع المؤسسات المالية الدولية، وأخيراً، القبول في الناتو والاتحاد الأوروبي.
واليابان حاليا واحدة من المستثمرين الرئيسيين في العالم، ولها اهتمام في البنية التحتية لرومانيا، وفي قطاع الطاقة وفي تكنولوجيا المعلومات ويجب الاستفادة منها بحكمة.
وحالياً، أكثر من 70 شركة كبرى تعمل في رومانيا، وهناك حوالي 50 مصنعاً مملوكاً لشركات يابانية وهي توفر أكثر من 30.000 وظيفة.
ويجب على سكان مدينة تلي أورمان ان يكونوا ممتنين لليابانيين لشراء مصنع الرولمان في الكساندريا من قبل شركة كويو سايكو الأمر الذي أنقذ المصنع ووفر وصول منتجاته إلى الأسواق الدولية؛ ودعونا لا ننسى أن الخصخصة جرت في وقت لم يكن فيه الرومانيون يميزون تماماً بين المستثمرين الجديين والمستثمرين المحتالين.
وكان من الجيد أن تتضاعف تجربة مصنع تيل اورمان بمقدار 100 أو 1000 مرة، لأنه من الممكن أن يكون التشيكيون والهنغاريون والبولنديون يعتبرون الاستثمارات اليابانية بقيمة 4 مليارات دولار لمئات من المصانع، في حين لا تتجاوز الاستثمارات الجديدة قيمة 500 مليون دولار. ولكن من الذي يتفاوض، ومن الذي يقترح ومن الذي يتقابل مع الشركاء اليابانيين المحتملين؟.
ونأمل أن الشراكة التي كان تحدث عنها الرئيس يوهانيس تتحقق وأن ينظر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والشركات بأناقة وحكمة للمسؤولين الرومانيين والأخطاء الخاصة بهم.
(المصدر: وكالة ميديا فاكس للأنباء بتاريخ 17/01/2018)