لأن الحكومة الجديدة هي في بداية طريقها، فإنه من المفيد أن نرى من أين تنطلق هذه السلطة التنفيذية من حيث بيانات الميزانية المتوفرة أمامها. والمرآة الأكثر دقة هي ميزانية عام 2017. فقد بلغ العجز في الميزانية بحدود 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ووصل بالضبط إلى 2.88٪. وبمصطلحات النسبة المئوية، للوهلة الأولى قد لا يقلق هذا الرقم. أي أنه يمكن القول بأن رومانيا لا تخرج عن المستوى الذي تفرضه المعاهدات الأوروبية. وهذا نهج مضلل لأن رومانيا اتبعت في السنوات الأخيرة سياسة تضييق توازن الميزانية. أعني أنها فعلت شيئين في الوقت نفسه: زادت الأجور والمعاشات وخفضت الضرائب والرسوم. ولهذا السبب فإنه في هذا العام لم يكن هناك مجال للمناورة، الأمر الذي شوهد أيضاً من خلال اعتدال التدابير الضريبية الشعبية.
ولكن نظرة إلى ميزانية العام الماضي تبين لنا عدداً من الأمور المثيرة للقلق من حيث عجز الميزانية. فمن حيث القيمة الاسمية، بلغ العجز 24 مليار لي، بزيادة 6 مليارات لي عن العام السابق. والأكثر إثارة للاهتمام هو أنه، في مسألة العجز، فقد سجل في شهر كانون الأول لوحده عجزاً أكثر مما سجل في الأشهر الـ 11 الأولى من السنة.
وعلى وجه التحديد، كان العجز في الميزانية في كانون الأول 2017 قد وصل إلى 14 مليار لي، في حين أن الأشهر الـ 11 الأولى سجلت 10 مليار لي فقط. وهو شيء غريب في الاقتصاد الروماني.
ويمكننا إيجاد تفسير في البيانات المتعلقة بتخصيص الأموال للحكومات المحلية. فعلى سبيل المثال، ازدادت التحويلات إلى الحكومات المحلية زيادة كبيرة في الشهر الأخير من العام الماضي. ولا يزال من غير المفهوم سبب قيام البلديات بتسوية استثماراتها في الشهر الأخير من العام. وهذه حالة تكررت لسنوات، ولكن ينبغي تغييرها من قبل السلطة التنفيذية الجديدة.
وفي وقت سابق من العام الماضي، بالكاد تم تثبيت الحكومة، ألقى التحالف “فرقعة”. حينها قال مسؤولون سياسيون إن الحكومة السابقة تركت “ثغرة في الميزانية” تبلغ 10 مليارات لي. ومع ذلك، فقد كان مفهوماً مؤخراً أنه ليس هناك اختفاء للمال، على الشكل الذي أوحت به اللغة المستخدمة، ولكن كان هناك فرق بين إيرادات الميزانية المتوقعة وتلك التي تم تحقيقها بالفعل. وهنا نجد أن بيانات الميزانية لعام 2017 قد اتاحت لنا الفرصة لمعرفة ما تركته حكومات العام الماضي من “ثغرة في الميزانية”. ويبلغ هذا المبلغ حوالي 3 مليار لي، وهو الفرق بين إيرادات الميزانية التقديرية والمقبوضات الفعلية.
ويمكن القول بقوة إن إيرادات الميزانية قد حققت معدل نمو أعلى مما كان متوقعاً في العام السابق. وهو نمو بنسبة 12.5٪ مقارنة مع عام 2016.
ولكن لا بد من تحليل هذا النمو. حيث أنه يأتي من مصدرين: من زيادة مساهمات الضمان الاجتماعي بنسبة 17٪، ومما يسمى بالإيرادات غير الضريبية بنسبة 21٪. وفي الواقع، استندت زيادة إيرادات الميزانية إلى مقياسين: أدت زيادات الأجور إلى زيادة الإيرادات من المساهمات الاجتماعية، وثانياً، بسبب توزيعات الأرباح التي تدفع مرتين في السنة من قبل الشركات المملوكة للدولة. ولكن هذا الأمر لن يكون ممكناً هذا العام. فمن المؤكد أن الإنفاق على أجور الموظفين لن تزيد بنسبة 22٪، كما تم في العام الماضي. وبالمثل، فإن الشركات المملوكة للدولة لم يعد لديها أموال لدفع أرباح إضافية. ومن ثم، فقد يتأثر مستوى إيرادات الميزانية.
(المصدر: راديو فرنسا الدولي بتاريخ 30/01/2018)