يقع نصف حجم الأعمال في الاقتصاد المحلي وقدره 290 مليار يورو تحت راية الأجانب، وبصمة المستثمرين من خارج الحدود الرومانية أمر حاسم في القطاعات الرئيسية للاقتصاد.
ففي القمة، حيث حجم دوران الأعمال يصل إلى مليارات الليات، فإن قطاعات مثل التجارة، وصناعة السيارات، والصناعات الثقيلة أو صناعة المواد الغذائية هي مناطق مخصصة حصراً للشركات ذات رأس المال الأجنبي. وأما في مجالات البناء أو النقل فلا يزال يسيطر الرأسمال الروماني، العام والخاص، ولكن الأعمال تستند على نموذجين متعاكسين حيث تلعب الدولة دورها: أرباح قياسية، من بين أعلى المعدلات في الاقتصاد ( خاصة في قطاع الطاقة)، مقابل خسائر قياسية وخاصة في مجال النقل.
فالرسملة، والمعرفة وتطوير الأعمال والمساهمة الواضحة برفاهية المناطق النامية هي بعض من سمات الاستثمار سواء أكان أجنبياً أم رومانياً. وخلال 28 عاماً من الرأسمالية يبدو بالعين المجردة كيف ازدهرت الشركات الرومانية والأجنبية وكذلك القطاعات التي يسيطر عليها الرأسمال الأجنبي أو المحلي.
ووفقاً لدراسة “رأس المال الخاص الروماني” التي قامت بها الصحيفة المالية ZF مع نقابة المستثمرين المحليين في رومانيا PIAROM، فإن الشركات الأجنبية تمثل أكثر من 80٪ من إنتاج التبغ، ومعالجة النفط، وتصنيع السيارات، والمعدات الكهربائية، والاتصالات، والصناعات المعدنية، والمشروبات، وتصنيع الآلات والمعدات.
ويساهم رأس المال الأجنبي في قطاع السيارات بشكل حاسم في الصادرات الرومانية، نظراً إلى أن ثلث أكبر 100 شركة من المصدرين المحليين يأتي من مصانع السيارات.
كما وأجرى مجلس المستثمرين الأجانب (FIC) في عام 2017 بالتعاون مع أكاديمية الدراسات الاقتصادية دراسة عن تأثير ودور الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في الاقتصاد الروماني.
وتبين هذه الدراسة أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الكهرباء والغاز والمياه ارتفع عشرة أضعاف في الفترة 2004-2015 كنسبة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، أي من 1٪ إلى 10٪ من إجمالي الاستثمارات، وعلّق اريك ستاب رئيس مجلس المستثمرين الأجانب (FIC) والرئيس التنفيذي لإنجي رومانيا Engie România : ” الأمر الذي يدل على أن قرار الاستثمار قد تم اتخاذه بالنسبة للمدى الطويل “.
وإقليمياً، في عام 2015، شغلت رومانيا ثاني أدنى قيمة لأسهم الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، بعد بلغاريا أي 62.2 مليار يورو. وعلاوة على ذلك، إذا نظرنا إلى ميزان الاستثمار الأجنبي المباشر للفرد الواحد، نرى أن رومانيا تأتي في المركز الأخير بقيمة 3.130 يورو للفرد الواحد، في حين أن جمهورية التشيك (9.703 يورو/ للفرد الواحد) والمجر (8.386 يورو / للفرد الواحد ) لديها قيم أعلى بكثير، وحتى بلغاريا (5.270 يورو للفرد الواحد) تجاوزت رومانيا في هذا المؤشر. ونشأت هذه النتيجة من حقيقة أنه خلال فترة الأزمة الاقتصادية في 2009-2015، انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بحدة إلى رومانيا، إلى غاية 2.6 مليار يورو في المتوسط سنوياً.
ويقول اريك ستاب: “خلال الفترة 2016-2017، بدأ تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في النمو، ولكن يجب أن تكون رومانيا على علم بأن المزايا التنافسية التي ميزت السنوات الأولى من الانفتاح على اقتصاد السوق يمكن أن تؤدي إلى التراجع بسرعة في غياب استثمارات كبيرة في التعليم والبنية التحتية من أجل الحفاظ على نفس وتيرة التنمية الاقتصادية “.
لقد اجتذبت رومانيا العديد من الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة. ووفقاً لدراسة أجرتها اللجنة المالية، فقد استثمرت الشركات الأجنبية لغاية عام 2015 فقط أكثر من 22 مليار يورو في هذا القطاع، ويقول اريك ستاب: “أعتقد أن هناك بعض الأسباب التي تفسر هذه الديناميات. أولاً، رومانيا هي سوق لـ 20 مليون مستهلك، واقتصادها ديناميكي، وموقعها الجغرافي يعطي لها العديد من المزايا، وليس آخرا، فيها الموارد الطبيعية والبشرية التي تشكل رصيداً هاماً لأي مستثمر “.
ومن جهة ثانية فإن الطاقة هي المجال الذي بحكم طبيعته، يتطلب استثمارات كبيرة لا يمكن ان تكون معتمدة فقط على الموازنة العامة للدولة والشركات العامة.
إذا رجعنا إلى الفترة 2004-2008، عندما اجتذب اقتصاد رومانيا أكبر الاستثمارات – تقدر بـ 7 مليارات يورو سنوياً – لم يكن قطاع الطاقة مخالفاً لهذه الديناميات، فالعديد من شركات الطاقة الكبرى تم خصخصتها في تلك الفترة. ويقول اريك ستاب أنه في ذلك الوقت شكّل ضخ رأس المال الأجنبي والمعرفة الحل الوحيد لخصخصة الشركات عديمة الكفاءة والمملوكة للدولة وتم تحويلها إلى فعاليات اقتصادية متطورة وحديثة وذات سلوك اقتصادي متكيف مع السوق الحرة.
(المصدر: صحيفة الأعمال businessmagazin بتاريخ 05/3/2018)