سبع سنوات من الحرب الإرهابية على سورية يكاد لا يخلو فيها بيت سوري من قصة مؤثرة كانت المرأة فيها الشاهد والملهم والرمز لتتحول إلى أيقونة في البذل والتضحية والإرادة الصلبة فتوثق لنموذج نسائي يستحق الدراسة والتأمل والتقدير ويمكن له أن يكون بكثير من الجدارة مثلاً إنسانياً يثري مسيرة البشرية ويمنح لصورة المرأة عنواناً جديداً ومعنى أعمق مما هو في أي بقعة أخرى من العالم.
في يوم المرأة العالمي والذي يصادف الثامن من آذار من كل عام تتصدر نساء سورية المشهد برمته من خلال أمثلة حية تجسد السيدة عائشة باشا نصر من قرية العتيبة بريف دمشق واحداً منها فهي زوجة شهيد وأم لشهيدين أما ابنها الثالث فكان متطوعاً في الجيش وأصيب بشلل نصفي في معارك الدفاع عن سورية وذلك لم يثن ابنها الرابع عن الالتحاق بالفيلق الخامس منذ ستة أشهر بتشجيع من والدته التي ترى أن أبناء سورية هم حماتها وحراسها.
الأمر نفسه بالنسبة لـ ” أم إياد ” من ريف حماة التي تطوعت في الجيش العربي السوري لتشارك في حمل السلاح والدفاع عن وطنها مؤكدة أن “التضحيات التي تقدمها نساء سورية هي ما عزز صمود الوطن الذي سينتصر بتلاحم جيشه وشعبه وقيادته وتضحيات شهدائه وعطاء الأمهات اللواتي قدمن فلذات أكبادهن”.
ورأت “بدور أبو رشيد” مؤسسة مشروع “كوني الأمل” أن المرأة السورية لم تستسلم لليأس إنما خلقت الأمل من رحم الألم فدخلت سوق العمل واجتهدت فيها حتى أنها خاضت تجربة مهن كانت حكراً على الرجال ونهضت بتجارب ومشاريع صغيرة منزلية أبدعت فيها واثبتت جدارتها بالإضافة إلى أنها أخرجت للضوء مبادرات مجتمعية تدعم النساء وتشد من أزرهن في مواجهة مشاق الحياة وواجهت الفقر بالعمل والتطرف بالعلم والألم بالأمل فأدركت أن هذا هو الطريق لإعادة بناء المجتمع السليم المعافى.
في حماة لم تستسلم “نسرين دياب” للظروف القاسية بعد استشهاد زوجها “علي الزناتي” حيث وجدت فرصة عمل مكنتها من إعالة عائلتها المكونة من خمس بنات ومواصلة تعليمهن في مناخ من التحدي والتصميم على اجتراح المعجزات لتحقيق هذا الهدف.
وأكدت “سوزان ناصوري” المديرة التنفيذية لمؤسسة الشهيد بحماة أن “الحرب أظهرت الطاقات الكامنة لدى المرأة السورية فاندفعت إلى أرض المعركة دون أن تتخلى عن دورها التربوي تجاه أولادها وإدارة عجلة الاقتصاد في المنزل وحمل عبء الأعمال الزراعية وجني المحاصيل وتأمين مستلزمات البيت أثناء غياب الرجل”.
وقالت: “قامت مجموعة من زوجات الشهداء بالاهتمام والعناية بالجرحى ومتابعة قضاياهم ومحاولة المساعدة قدر الإمكان إلى جانب الاهتمام بذوي الشهداء وتأمين احتياجاتهم من مستلزمات مدرسية واحتياجات طبية وغيرها”.
في اللاذقية تحولت السيدة “كفا كنعان” أم الشهيد “مجد رزوق” إلى العمل في الشأن العام بفاعلية عالية حيث قامت بدعم أسر الشهداء وتقديم المساعدة لهم متخذة من إحساسها العميق بالفقدان حافزاً للعمل ومواصلة الطريق الذي بدأه ابنها الشهيد.
وأكدت أن “في سورية فقط تحث أم الشهيد أبناءها الباقين على الاستبسال في الدفاع عن الوطن بل تقاتل إلى جانبهم وتزرع في نفوسهم حب الأرض والاستماتة في الذود عنها”.
الأمر نفسه بالنسبة لـ “غادة الصفدي” أم الشهيد “طارق عقل” والتي أسست في السويداء عقب استشهاد ابنها جمعية “رايات الشهداء” المعنية بشؤون الشهداء والجرحى مؤكدة أن “المرأة السورية كانت الأكثر تضرراً في الحرب لكنها استمرت صامدة تستقبل ابنها شهيداً فترسل الآخر إلى جبهات القتال لتوثق بذلك نهجاً مقاوماً يقل نظيره”.
بدورها أشارت “إقبال حامد” رئيسة فرع جمعية “تنظيم الأسرة السورية” بالسويداء إلى أن النساء السوريات وقفن وقفة عز وفخار خلال سنوات الأزمة فكن معجزات فجرن غضبهن في وجه كل تآمر على الوطن.
وتعجز عبارات الامتنان والتقدير عن إنصاف المرأة التي بذلت الغالي والرخيص فداء لتراب الوطن على حد تعبير المعلمة “نوال حسن” أم الشهيد “غدير درويش” من طرطوس لأن ما قدمته من سخاء وعطاء يسمو فوق كل قول وهو ما أكدت عليه أيضاً “نسرين شدود” أخت الشهيد “وسيم شدود” لافتة إلى أن الأم السورية اثبتت خلال سنوات الأزمة أنها نموذج يحتذى به على مستوى العالم فهي الأم والمربية والمقاتلة التي اجترحت المعجزات لتكون على قدر المسؤولية خلال هذه السنوات الصعبة فواصلت تربية الأبناء وعاضدت الجندي السوري في أرض المعركة وانطلقت لتخفف الألم عن ذوي الشهداء والجرحى.
وقالت “بانا الحسن” مسؤولة استشارات اجتماعية بمركز مودة التابع لجمعية “رعاية الطفل” في حمص أن المرأة اضطلعت بأكثر من دور خلال الحرب بعد أن تم العمل على تمكينها اقتصادياً واجتماعياً حيث أثبتت قوتها وقدرتها على التكيف والتدبير وحسن التصرف.
رئيسة مكتب الإعلام والمعلوماتية بفرع شبيبة حمص “نهاد طهماز” أكدت من جانبها أن النساء السوريات صرن خنساوات عصرهن من خلال تجسيد أدوار عديدة بالإضافة إلى أدوارهن الأساسية في الأمومة وتربية أولادهن مبينة أن النساء السوريات حملن على عاتقهن مئات المبادرات المجتمعية والأعمال البطولية فأمسين سنديانات شامخة في تاريخ هذه الأرض.
(المصدر: وكالة سانا السورية للأنباء بتاريخ 08/03/2018)