في كل مرة يزور الأبناء الوطن تودع الأم وصاياها بأن العودة خيار وأنها والوطن في الانتظار .. فهي الحضن والعطاء وهم في غربتهم يتغنون بالوطن الأم لأن كليهما الأمل الحاضر في أحلامهم و طموحاتهم.
وترسل الأم السورية خير عطائها ونتاج محبتها للعالم سفراء يمثلون الوطن ففي كل إنجاز يحققه السوريون في المغترب ينسب فضله للأم حيث تجسد صور العطاء في نماذج تربوية ووطنية عديدة .
نبيلة درويش أم لستة أبناء خمسة منهم في المغترب تتحدث لسانا “حاول أبنائي إقناعي بأن أسافر للعيش معهم لكني رفضت وفضلت الانتظار كي أشدهم للعودة فهنا أصلهم وجذورهم وليس لهم غنى عن الوطن”.
وتتابع نبيلة بأن عطاء الأم غير المحدود يمنح الأبناء المحبة ويقوي تماسكهم فيما بينهم من جهة ومع أفراد المجتمع من جهة أخرى فهو أهم دور ومسؤولية تقوم بها الأم لبناء أسرة ومجتمع وبالتالي وطن.
كما تمثل الأم السورية المغتربة حضنا يلم شمل أبنائها ويربطهم بالوطن فهي مصدر اللغة والعادات والهوية حيث تعتبر أميرة الشريطي المقيمة في البرازيل أن مهام الأم في المغترب تضاف عليها مسؤولية تعزيز تواصل الأبناء بالوطن عن طريق اللغة والتعريف بالتقاليد والحفاظ على ثقافتنا وتاريخنا وترسيخ هوية انتمائهم وإلا سيكونون عرضة لمجتمعات وعادات غريبة قد تسلخهم من مجتمعنا ووطننا.
أميرة التي توفي زوجها قبل عقود أصرت أن تحتضن أبناءها الخمسة وتكون لهم الوطن في الغربة مؤكدة أنها سعيدة بما قدمت ولا تزال تقيم منتديات
فكرية للسيدات السوريات والعربيات لتعزيز المعرفة والثقافة الوطنية ونقلها للأبناء.
كما تتجه أنظارنا في عيد الأم إلى أرضنا المحتلة في الجولان السوري حيث صور الألم والفراق التي تعانيها أمهات ينتظرن تحرير أبنائهن من أسر الاحتلال وأخريات انشطر قلبهن بين ضفتي وطن سلبت أحد أجزائه و حكايات من ألم وصبر حيث تصف أميرة الغوطاني من الجولان السوري المحتل الأم الجولانية بالمقاومة والمناضلة وأنها أم البطولة والوفاء وتخجل بقوتها وعطائها كل العالم.
وتقول الغوطاني “أمهات الجولان تهنئن الأمهات الشامخات المفجوعات بأبنائهن البررة في الوطن الجريح فهنيئاً لكل أم لف ولدها بالعلم السوري وتوارى جسده الطاهر تحت تراب الوطن الغالي” مضيفة تحياتنا ومحبتنا إلى أمنا الكبرى سورية منتظرين عودتنا إلى حضنها الدافئ قريبا.
بدوره يختصر المغترب بسام بازر باشي المقيم في السعودية بقوله “البعد عن الأم هو بحد ذاته غربة لأنها الوطن الأول الذي ينتمي إليه الإنسان ويتعلم منها كيف ينتمي لوطنه المقدس الذي لا تغنيه عنه دول العالم قاطبة” فيما يقول فادي عبد الرازق المقيم في أمريكا.. والدتي توفيت وهي توصينا بالعودة إلى الوطن وعدم التخلي عن البيت والأهل والوطن فكانت في حياتها ومماتها وطننا داخل الوطن.
وتبقى اللغة عاجزة عن وصف الأم السورية في شتى صورها حيث ترى الكاتبة والشاعرة ماجدة عبد الحق أن أجمل العبارات التي تختصر معنى وقدسية ودور الأم هي تلك التي نرددها الأم تلم فهي المعنية بجمع الأبناء وصونهم من الشتات والغربة مضيفة.. إن اللغة شاهدة على ذلك إذ ان الشاعر السوري نزار قباني بعد ترحاله وسفره لم يجد امرأة تعتني به وتجمل له الحياة وتحميه كأمه وكذلك الشاعر كريم معتوق حين اعترف بخيانة اللغة له بقوله “ما قلت والله يا أمي بقافية إلا وكان مقاما فوق ما أصف”.
مها الأطرش