كتب الصحفي مارتن شولوف في صحيفة الجارديان البريطانية:” إن اختفاء الصحفي جمال خاشقجي في تركيا هز الثقة في نظام الرياض حتى بين أقرب حلفائه”.
وفي عام 2016، عقد محمد بن سلمان عدة اجتماعات مع مسؤولين بريطانيين في عاصمة بلاده. وقد كشف اثنان منهم في وقت لاحق أن الشخص الذي أصبح اليوم الأمير الوريث للمملكة العربية السعودية ليس لديه سوى قلق واحد: فلاديمير بوتين، حسبما نقل المصدر.
وبدا الأمير البالغ من العمر 30 عاماً فضولياً بشأن آخر “القرارات” للرئيس الروسي، الذي شهد دوره في الشرق الأوسط توسعاً مفاجئاً. وكذلك فإن بوتين في صراع مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهكذا، في محادثاته مع الزعيم الروسي، تناول محمد بن سلمان قضايا مثل التخويف، والتسريب، وإنكار الحقائق الواضحة. لكن فضوله الكبير كان، في الواقع، كيف يمكن الفرار دون عقاب.
ووفقاً لتشولوف ، يتذكر أحد المسئولين الحاضرين في اجتماع الرياض قبل ثلاث سنوات قائلاً: “لقد كان مفتوناً بالرئيس بوتين، وكان يبدو وكأنه يحبه، وكان يحب ما كان يفعله” . وبعد عامين، واجه الأمير الوريث الأزمة الأكثر خطورة حتى الآن، باتهامه بإصدار الأوامر بقتل وحشي، في بلد أجنبي، لأحد منتقدي نظام الحكم، وهي ممارسة معروفة في روسيا.
لقد نجح مقتل الصحفي خاشقجي في زعزعة الثقة في الأمير الوريث حتى بين حلفائه المقربين الذين دعموا، في غضون أسبوع، برنامجه الطموح للإصلاح في المملكة العربية السعودية.
ويصر مسؤولو المخابرات التركية وكبار المسئولين على أن الصحفي السعودي جمال خاشقجي قد قُتل في قنصلية المملكة العربية السعودية في اسطنبول على يد مجموعة من 15 رجلاً قادمين من الرياض في اليوم نفسه، وجميعهم على صلة بأجهزة أمن الدولة.
ومع الكشف عن أدلة ظاهرة -بما في ذلك تسجيلات صوتية وتسجيل فيديو جزئي لحظة قُتل الصحفي السعودي -اتهم مسؤولون في الهيئة، الذين زعموا في البداية أنه خرج على رجليه من القنصلية، اتهموا بوجود مؤامرة من صنع قطر المنافسة بدعم من حلفائها في أنقرة.
كما تابع تشولوف بأن الحادث أجبر ترامب على تبني لغة حذرة، لكنه قال إنه سيكون هناك “عقاب شديد” للرياض إذا تبين أن خاشقجي قد قُتل بالفعل في القنصلية.
ومع ذلك، وبالنظر إلى أن المملكة العربية السعودية تشكل نوعاً من حاجز حماية للولايات المتحدة ضد إيران، فإن الاتهامات تشكل عائقاً بالنسبة للقادة الأمريكيين، أكثر من شيء يمكن أن يغير العلاقات بشكل جذري، كما قال تشولوف، مذكراً بالعلاقات الوثيقة للولايات المتحدة مع النظام في الرياض من قبل صهر ترامب ، جاريد كوشنر ، ووزير الخارجية مايك بومبيو.
ومع الأدلة التي تمتلكها تركيا ضد السعودية فإن كل من أنقرة والرياض يتوجهان إلى واشنطن لإيجاد حل لهذه الأزمة التي تبدو أبعادها بلا نهاية.
ووافقت تركيا يوم الجمعة على إجراء تحقيق مشترك مع السعودية، ليس لأنها تحتاج إلى مساعدة ولكن لحاجتها لتغطية سياسية لحل هذه المشكلة، والتي قد يكون لها تداعيات خطيرة على التجارة والاستثمار.
وتواجه الرياض حالياً تهديداً بضربة لأجندة أعمالها التجارية، حيث أن مؤتمر الاستثمار، المقرر في 23 تشرين الأول الجاري، يواجه خطر مقاطعة الشركاء الإعلاميين والشركات الدولية الكبرى.
وقال مارتن شولوف، عن اعتقاد أحد المسؤولين في اجتماع عام 2016 مع الأمير الوريث: “لقد اكتشفا متأخرين ما هو الرهان، ومحمد بن سلمان صُدم عندما علم بأن السلطة المطلقة التي له في الداخل لا يملكها في الخارج.” وحتى في تركيا فإن هناك قواعد. وبوتين تعلم نفس الشيء في بريطانيا. وإذا نجح هذا الرجل في التغلب على الأزمة، فإنه سيظل مدينًا لأنقرة وتركيا لعدم كشفهما الحقيقة المروعة.”
(المصدر: وكالة مولد برس للأنباء، تاريخ: 11/10/2018)