حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كبرى شركات النفط الأجنبية من أي تنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وسمَّى أولئك الذين يتحدون أنقرة بـ “الأشرار” الذين يستحقون نفس المعاملة التي يتلقاها الإرهابيون في سوريا، وفقا لوسائل الإعلام الدولية.
وأضاف أردوغان في كلمته التي ألقاها خلال تسليم البحرية التركية سفناً جديدة “إن وضع اليد على الموارد الطبيعية في شرق البحر المتوسط من خلال استثناء تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية (RTCN) أمرٌ غير مقبول على الاطلاق.
الرد القبرصي
وكانت قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي والتي تمارس سيادتها فقط على ثلثي الجنوب، قد وقعت في السنوات الأخيرة عقود استكشاف عن الغاز مع شركات نفط عملاقة مثل ايني (ENI) الايطالية، شركة توتال (Total) الفرنسية والمجموعة الأمريكية إكسون موبيل (ExxonMobil).
إلا أن أنقرة، التي غزت قواتها في عام 1974 الثلث الشمالي من جزيرة قبرص رداً على انقلاب كانت يهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان، طلبت وقف أي تنقيب من قبل القبارصة اليونانيين للنفط والغاز طالما لم يتم العثور على حل بشأن تقسيم قبرص.
لكن هذا لم يمنع نيقوسيا في أوائل تشرين الأول 2018 من دعوة ايني (ENI) الايطالية، شركة توتال (Total) الفرنسية والمجموعة الأمريكية إكسون موبيل (ExxonMobil) لتقديم مناقصات لكتلة جديدة من الغاز (Offshore) ، وكتلة 7 (Blocul 7)، والكائن في “المنطقة الاقتصادية الحصرية” للجزيرة. وقد تم بالفعل منح الكتلة 10 (Blocul 10) إلى المجموعة الأمريكية إكسون موبيل (ExxonMobil) وإلى قطر بتروليوم (Qatar Petroleum).
وكانت شركة “نوبل للطاقة” (Noble Energy) من تكساس أول من اكتشفت في عام 2011 كمائن الغاز قبالة سواحل قبرص، في حقل أفروديت “الكتلة 12” (Blocul 12)، والتي يقدر احتياطيها بنحو 127.4 مليار متر مكعب من الغاز. وفي عام 2015 ، أثار اكتشاف مكمن “Offshore” البحري الضخم في مصر الأمل في إمكانية استخراج احتياطي غاز كبير في قبرص.
تركيا تستعرض عضلاتها
على مدى العامين الماضيين، قامت تركيا وبنجاح بحملات عسكرية في سوريا ضد الميليشيات الكردية والجهاديين من الدولة الإسلامية، الأمر الذي أدى بالقوات الموالية لأنقرة من السيطرة الفعلية على الجزء الشمالي من سوريا.
وقال أردوغان في حفل تسليم TCG Burgazada وهي السفينة القتالية الثالثة من نوع طراد بنيت في تركيا في إطار برنامج التجهيز العسكري الشامل للجيش التركي (Milgem) “سنعاملهم بنفس الطريقة التي جعلنا فيها الإرهابيين في سوريا يدفعون الثمن، نحن لن نستسلم لصالح أي من الأشرار”.
سفن حربية وتهديدات وعقود بمليار الدولارات: اكتشاف الغاز في شرق البحر المتوسط يولد آمالاً كبيرة، ولكن أيضاً توترات في منطقة متفجرة فعلاً. وفي شباط 2018، قامت سفن حربية تركية بعرقلة سفينة استأجرتها شركة ايني (ENI) للتنقيب قبالة سواحل قبرص، مما اضطر السفية على العودة من حيث أتت.
إسرائيل ، مهددة بشكل غير مباشر
قرار تركيا بتصعيد الصراع من خلال إرسال سفن حربية إلى منطقة هي محل نزاع، قد يؤدي إلى عرقلة الجهود الرامية إلى بناء خط أنابيب نقل الغاز في البحر الأبيض المتوسط كان لينقل الغاز من إسرائيل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، والحد من اعتماد أوروبا الكلي على الغاز من الاتحاد الروسي.
كلنا نذكر أنه في خريف عام 2017، أعلنت السلطات في اليونان وإسرائيل وقبرص عن تسريع خطط بناء خط أنابيب نقل الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط إلى أوروبا. وقد وافقت حكومات الدول الأوروبية وإسرائيل على مواصلة مشروع بناء خط أنابيب نقل الغاز من إسرائيل إلى أوروبا، والذي يتوقع أن ينتهي في عام 2025.
وبناء على ذلك ، تريد الدول الأوروبية تنويع إمدادات الطاقة وتعزيز اليونان لتكون مركز عبور للغاز من شرق البحر المتوسط إلى القارة الأوروبية. وقال رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في مؤتمر صحفي عقده في مدينة سالونيك، حضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس الذي أعيد انتخابه لهذا المنصب في شباط عام 2018 “لقد اتفقنا على تسريع الاجراءات المتعلقة باتفاق بناء مشروع كبير من شأنه توفير فرصا جديدة للتعاون الاقتصادي في شرق البحر المتوسط”.
هذا وقد أعلنت إيطاليا عن دعمها المالي والسياسي لهذا المشروع في كانون الاول عام 2017، حيث ترغب روما في استكمال كمية من الغاز التي سيتم نقلها عبر أنبوب نقل الغاز هذا.
مشروع استراتيجي
خط الانابيب الذي يبلغ طوله 2.000 كم، من شأنه أن يوحد حقول ومكامن الغاز قبالة سواحل إسرائيل وقبرص مع اليونان وإيطاليا، وتكلفة المشروع هي 6 مليارات يورو. ويرى نتنياهو أن ما يسمى بخط أنابيب شرق المتوسط ”ثوري، وقال “لدينا دراسات أولية يبدو أنها واعدة، ونحن متحمسون جداً”.
واستنادا إلى نتائج الاكتشافات في العقد الماضي ، سيكون لدى إسرائيل ، وبدرجة أقل ، قبرص كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، فقد اكتشفت إسرائيل أكثر من 900 مليار متر مكعب من الغاز (Offshore)، وأشارت بعض الدراسات إلى وجود احتياطيات تصل إلى 2200 مليار متر مكعب، تغطي السوق الأوروبية ، وهناك خيارات في تصدير الغاز إلى تركيا ومصر والأردن.
أما أفروديت (Aphrodite) وهي حقول النفط (مكامن الغاز) في قبرص فاحتياطيها هو 128 مليار متر مكعب، ولكن هناك آمالاً بوجود كميات أكبر في المياه القبرصية. ومن بين خيارات التسليم هناك خط أنابيب يربط الدول الثلاث، وخط أنابيب إلى تركيا، والاستفادة من قدرات تخزين الغاز الطبيعي المسال من مصر لنقله إلى أوروبا .
(المصدر: مركز كارادينيز للدراسات الاستراتيجية، 5 تشرين ثاني 2018)