السيدات والسادة السفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية
السادة الحضور
الأصدقاء الأعزاء
أرحب بكم في هذا المؤتمر الذي يعقد اليوم تحت عنوان “إعادة الإعمار في سورية بين تطوير الصمود الاقتصادي وفرص الشركات الرومانية الخاصة “
واسمحوا لي أن أتقدم بالشكر الجزيل للسيد فلافيوس كابا – ماريا رئيس معهد السياسية والاقتصاد للشرق الأوسط ,على مبادرته الطيبة لعقد هذا المؤتمر. ..كما أتقدم بالشكر لكل من مؤسسة يوريسك، الممثلة بالسيد ليفيو موريشان، والمؤسسة الأوروبية الممثلة بالسيد أدريان ناستاسي والسيد فلورين لوكا .
السادة الحضور
بداية، وقبل الدخول في صلب أعمال المؤتمر، أودّ الإشارة إلى علاقات الصداقة والتعاون التاريخية بين سورية ورومانيا، والتي تمتد لعقود طويلة..، تحكمها علاقات مؤسساتية وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً لاسيما في العام 2010 ,عندما تم توقيع حزمة من الاتفاقيات الثنائية في كافة المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية.
وجميعنا يعلم مدى مساهمة رومانيا بتطوير الاقتصاد السوري، من خلال المنشآت الضخمة، مثل مصافي البترول، ومعامل الاسمنت، والفوسفات وعمليات استصلاح الأراضي .. الأمر الذي يجعلها الدولة الأجدر بمتابعة صيانة وتطوير هذه المنشآت التي تخشى الدولة السورية أن تتحول في فترة ما، إلى منشآت قد تغير بلد منشئها.
وفي هذا الإطار فقد خرّجت الجامعات الرومانية عشرات الآلاف من الطلاب السوريين ,الذين ساهموا بشكل فعال بالنهضة الاقتصادية والعلمية في سورية .. كما ساهم من بقي منهم في رومانيا بالاقتصاد الروماني، من خلال آلاف الشركات السورية، ولم تنقطع العلاقات يوماً بين البلدين حتى خلال سنوات الأزمة السورية ,حيث استمرت خطوط النقل البحري دون توقف واستمرت الصادرات الرومانية وإن كانت بوتيرة أقل.
أيها الأعزاء
لقد تعرضت سورية في العام 2011 لحرب إرهابية دولية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها ,تمّت على أيدي تنظيمات إرهابية تنتمي بفكرها الجهادي إلى تنظيم القاعدة الإرهابية والجماعات المرتبطة بها، وقد ارتكبت جرائم فظيعة في سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن، مدعومة من دول غربية وإقليمية مثل الولايات المتحدة ، وفرنسا ، وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر..،
لأسباب سياسية يطول الحديث عنها الآن، وأختصرها بالقول: إنها كانت تهدف إلى تدمير سورية وتفتيتها إلى كيانات إثنية وطائفية، والسيطرة على ثرواتها ومقدراتها البشرية والاقتصادية، ولتحقيق هذا الهدف قامت بتجنيد مئات الآلاف من الإرهابيين جلبتهم من أكثر من مئة دولة ,وسهلت لهم المرور لاسيما عبر الحدود التركية، وسلّحتهم وموّلتهم بمليارات الدولارات وخاصة من السعودية ، وقطر، للقيام بما أطلقوا عليه الجهاد في سورية.
وكمثال بسيط على تمويل الإرهاب والإرهابيين في سورية .. فقد صرّح رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم ، على عدد من محطات التلفزة، بأنه تم صرف أكثر من 137 مليار دولار ,لدعم هذه التنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح.
وعندما كانت تعجز هذه التنظيمات الإرهابية عن تحقيق أهدافها، كانت هذه الدول تتدخل بنفسها، وتباشر بشن عدوانها على سورية تحت ذرائع وحجج كاذبة، ورغم كل الخطط والأموال الهائلة التي تم ضخها لتدمير سورية ومؤسساتها، فإن سورية تخرج اليوم منتصرة بفضل صمود شعبها ,والتفافه حول قيادته وجيشه، وبفضل الانتصارات البطولية للجيش العربي السوري ، وبدعم من الحلفاء والأصدقاء.
أيها الأعزاء، أيها الأصدقاء.
إن الحكومة السورية تسيطر اليوم على أكثر من 90% من الأراضي السورية، بما فيها غالبية المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، التي حررها الجيش العربي السوري بعد قضائه على المجاميع الإرهابية فيها، وقد أخذت الحياة الطبيعية تعود إلى كافة المدن والمناطق السورية، وبدأ المهجرون يعودون بمئات الآلاف وخاصة من لبنان والأردن وبعض الدول العربية والغربية إلى مدنهم وقراهم، وتقوم الحكومة بتهيئة وتوفير كافة الخدمات لهم، مع الإشارة بأن أعداد اللاجئين العائدين من أوروبا لسورية بلغت حوالي300 ألف شخص.
وقد باشرت الحكومة السورية بوضع الخطط لإعادة أعمار ما دمرته الحرب، من بنى تحتية ومنشآت دمرت أو تضررت من اعتداء الجماعات الإرهابية عليها، وهذه الخطط تشمل كافة القطاعات الاقتصادية والصحية والتربوية، وغيرها من القطاعات الحيوية.كما تمت المباشرة بإعادة تأهيل هذه القطاعات، علماً بأن الحكومة بكافة وزاراتها ومؤسساتها لم تتوقف أعمالها وخدماتها طيلة أيام الحرب على سورية في جميع المحافظات السورية.
إلا أن إعادة إعمار هذه القطاعات يتطلب جهداً وتعاوناً من قبل السوريين في الداخل والخارج، ومشاركةً من الدول الصديقة والحليفة ومنها رومانيا، ودول البريكس، وبهذا المجال بدأت الدول الصديقة تتواصل مع الحكومة السورية وترسل وفوداً رسمية ,وبرلمانيين وممثلي شركات ورجال أعمال لهذا الغرض، لكي يكون لها دور في مرحلة إعادة الإعمار ,بحيث تستفيد من الفرص المتاحة, والدولة السورية تحقق الغاية المنشودة من عملية البناء،..
وفي ظل تحسن الأوضاع السياسية والأمنية، أقيم معرض دمشق الدولي منذ العام الماضي بعد انقطاع دام خمس سنوات، كما أقيم المعرض هذا العام 2018 وشاركت فيه 50 دولة، وحوالي 900 شركة من جميع أنحاء العالم، ومنها شركات أوروبية.
السادة الحضور
إن الحياة الطبيعية تعود فعلياً إلى غالبية المناطق السورية، مع الإشارة هنا بأن معظم المدن السورية، لم تنقطع يوماً فيها الحياة، ولم يطالها الدمار طيلة السنوات الماضية كما صوّرها إعلام الدول الراعية للإرهاب، وهناك أصدقاء رومان لقد زاروا سورية وشاهدوا معالم الحياة الطبيعية ونشاط الناس في الأسواق في العديد من المدن السورية , لكن الإعلام المعادي مارس دوراً سلبياً في تضليل الرأي العام ..،الذي أصبح يتغير لصالح سورية بعد أن أدركت غالبية الدول حقيقة الحرب في سورية، وبأنها حرب ضد الإرهاب الذي امتد إلى دول إقليمية وأوروبية .. وبالتالي فسورية تواجه الإرهاب نيابة عن العالم كله.
أيها الأصدقاء،
لقد اتخذت القيادة السورية قرارات هامة تتعلق بإعادة الإعمار، حيث أعلنت عن ترحيبها بمشاركة الدول الصديقة والحليفة، وتُعتبر رومانيا من بين هذه الدول التي كانت مواقفها إيجابية تجاه سورية، وما استمرار عمل سفارتي البلدين في دمشق وبوخارست إلا دليلاً على ذلك.
ومن هذا المنطلق فإن سورية ترحب بالأصدقاء الرومان للمشاركة بإعادة الإعمار، خصوصاً وأن لرومانيا تجربة رائدة في مجال البناء والاستثمار التي يمكن أن تلعبها في سورية، ولدينا مزايا تساعد المستثمرين الأجانب، من الاستفادة من كافة التسهيلات والامكانيات المتوفرة لدى القطاعات الاقتصادية الثلاث العام والخاص والمشترك، نظراً للعلاقة التشاركية فيما بينها.
كما أن الحكومة السورية هي المعنية مباشرة بإصدار الموافقات وإبرام العقود للشركات المستثمرة في سورية، وكل ما يقال عن وجود شركات كبرى تابعة لهذا البلد الصديق أو ذاك ,وبأنها مسؤولة عن توزيع العقود هو عار عن الصحة…والجهات المعنية في سورية جاهزة لاستقبال الوفود الرومانية, سواء الرسمية منها، أو الخاصة من رجال الأعمال والشركات.. لمناقشة كافة القضايا المتعلقة بالمشاركة بإعادة الأعمار والاستثمار.
وقد أصدرت الدولة السورية العديد من المراسيم والقرارات المشجعة على الاستثمار. مع التنويه هنا بأنه يوجد لدينا في سورية هيئة مستقلة للاستثمار، ويوجد على موقعها الرسمي خارطة للاستثمار تشمل جميع المحافظات السورية. ونحن في السفارة السورية برومانيا مستعدون لتقديم كافة المساعدات الممكنة.
السادة الحضور.
أودّ الإشارة بهذا المؤتمر إلى مسألة هامة جداً هي موضوع العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي المفروض على سورية، وبهذا المجال يمكن القول بأن بعض الدول الأوروبية انقادت وراء هذه العقوبات التي أضرت بشكل مباشر بالمواطن السوري.
أيها الأعزاء،
إن العام 2019 سيكون عام الانفتاح على سورية وعام انطلاق مسيرة إعادة الإعمار بوتيرة عالية…ونحن بهذا المؤتمر ندعو الأصدقاء الرومان للمشاركة في عملية إعادة الإعمار.
وختاماً أتوجه مرة ثانية بالشكر والتقدير للمنظمين والمشاركين بهذا المؤتمر الذي نعتبره بادرة طيبة في مسار تعزيز علاقات التعاون والعمل المشترك بين البلدين، وخطوة مشجعة للمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار في سورية …وشكراً لكم جميعاً