ألقى رئيس رومانيا، السيد كلاوس يوهانيس، يوم الثلاثاء 29/1/2019 في قصر كوتروشين، كلمة في الاجتماع السنوي مع رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين في بوخارست.
هنا نص الكلمة:
“شكرا لك يا سيادة عميد السلك الدبلوماسي على كلماتك الرقيقة!
السيد الوزير،
أصحاب السعادة،
سيداتي وسادتي،
إنه لشرف لي أن أستضيف، في بداية هذا العام، الاجتماع التقليدي هذا مع أصحاب المعالي والسعادة. وأقدر جيداً التعاون الذي كان لدينا حتى الآن، وآمل بمواصلة تعزيز علاقاتنا خلال عام 2019. وكما تعلمون، يتم توجيه الكثير من الجهود التي نبذلها حالياً للقيام بأعباء وممارسة رئاسة ناجحة لبلدنا لمجلس الاتحاد الأوروبي. وكما قلت في اجتماعنا العام الماضي إنه كي تكون السياسة الخارجية والأوروبية لرومانيا قوية يجب على الدولة الرومانية أن تبقي الديمقراطية الليبرالية وسيادة القانون معززين بشكل كامل مع نظام قضائي مستقل وفعال. وتظل هذه الاعتبارات صالحة الآن ، أكثر من أي وقت مضى ، حيث اصبحنا نترأس مجلس الاتحاد. وأؤكد لكم أنني سأبذل قصارى جهدي كرئيس ، حتى لا تتأثر هذه القيم! وكذلك، أود أن أؤكد لكم أنه بغض النظر عن المشهد الديناميكي للسياسة الداخلية الرومانية ، والذي تعلمونه جيداً، وبخصوص الشؤون الأوروبية فإن جميع أصحاب القرار في رومانيا سيعملون معاً وبشكل فعال بحيث تكون رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي ضمن أفضل الظروف. ولكن ممارسة رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي لا تعني أن الثوابت والأولويات الاستراتيجية الأخرى في رومانيا ستكون ثانوية لمدة 6 أشهر.
وهكذا، فإن المفاهيم الاستراتيجية الثلاثة للسياسة الخارجية لرومانيا تبقى دون مساس: فبعيداً عن الهدف من زيادة دور رومانيا في الاتحاد الأوروبي، والتي سوف تزيد – متمنياً ذلك – من أداء الرئاسة، والحفاظ على الهدف الرئيسي لتعزيز وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وأيضاً زيادة دور ودعم رومانيا في إطار ومن أجل حلف شمال الأطلسي.
وهكذا فإن تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في جميع مجالاتها، ما زال يشكل أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الرومانية.
وأغتنم هذه الفرصة لأثني على تقدير جهود رومانيا بالمشاركة في نظام الدفاع الصاروخي للناتو، في قاعدة ديفيسلو Deveselu ، وفي تقرير الدرع الصاروخي الأمريكي Missile Defense Review الذي قدم مؤخراً من قبل الرئيس ترامب.
وفيما يتعلق بمنظمة حلف شمال الأطلسي، سيشكل هذا العام معلماً هاماً – الذكرى الـ 70 لإنشاء هذا التحالف السياسي والعسكري الأقوى في التاريخ، وأيضاً مرور 15 عاماً على انضمام رومانيا إلى حلف شمال الأطلسي- وستواصل رومانيا دعم وتعزيز التحالف وتعميق تماسكه، بما في ذلك تماسك الجهة الشرقية. وسيكون الاحتفال بالذكرى في نهاية هذا العام فرصة جيدة لمزيد من التقدم في هذا الصدد، وسوف تعمل رومانيا لهذا الغرض في عام 2019. وسوف نواصل تخصيص 2٪ من الإنفاق على الدفاع، كما تعهدنا بذلك على مستوى الحلفاء.
وفي مجال التعاون الإقليمي، ستواصل رومانيا دعم الصيغ التي أنشئت بالفعل والتي كانت ناجحة. وإنني أتطلع لمبادرة قمة بوخارست 9 في نهاية شهر شباط، في سلوفاكيا، كاستمرار للقمة الناجحة في وارسو والتي شاركتُ في ترأسها العام الماضي.
وأيضاً، القمة في العام الماضي لمبادرة البحار الثلاثة ، والتي نظمت في بوخارست، والتي عبرت بنتائجها الملموسة عن نضج السياسة المفاهيمية للمبادرة وأكدت على قيمتها المضافة بتطوير المنطقة.
لذلك، وأنا واثق من أن القمة في حزيران في سلوفينيا، ستكون خطوة أساسية لوضع علامات على التقدم المحرز في تنفيذ القرارات الحاسمة التي اتخذناها في قمة بخارست في عام 2018. وسنواصل هذا العام تعميق الشراكات والعلاقات الاستراتيجية بين رومانيا وفرنسا، حيث أعطينا زخماً جديداً للشراكة الاستراتيجية مع الرئيس ماكرون، بتوقيع إعلاناً جديداً العام الماضي حول الشراكة الاستراتيجية، وإطلاق موسم استثنائي ثقافي مشترك مع ألمانيا والذي من خلال حوار سياسي على المستويات العليا والقطاعية شهد العام الماضي دينامية ملحوظة. وإيطاليا، حيث كان لدينا في عام 2018 زيارة دولة جيدة للغاية، والتي أكدت على سلامة علاقتنا. وأما بولندا، فقد واصلنا تعزيز تعاوننا الأمني وفي المجالات الأخرى. ومع تركيا، واليابان، لإعطاء فقط بعض الأمثلة. ويضاف لها العلاقات مع دول الشرق الأوسط وآسيا.
وفي العلاقة مع جمهورية مولدوفا سنحافظ على اهتمامنا بها وعلى أولوية الشراكة الاستراتيجية من أجل التكامل الأوروبي مع هذا البلد ونحن نشجع بشدة استمرار الإصلاحات اللازمة لتقاربه مع الاتحاد الأوروبي. وعلى قدم المساواة، وأنا مقتنع أنه من الضروري أكثر من أي وقت مضى في هذه الفترة، أن يواصل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بناء على التزام سياسي واضح من قبل كيشيناو والدعم والالتزام بالتكامل الأوروبي لجمهورية مولدوفا.
ولا تزال الخطوط العريضة للعمل المذكورة في السنوات السابقة سارية المفعول، سواء كنا نتحدث عن منطقة غرب البلقان وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط أو كنا نتحدث عن آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
وهناك حاجة لإحراز تقدم في عمليات السلام الرامية إلى حل النزاعات في ليبيا أو سوريا أو اليمن أو بخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط. لقد أعلنت رومانيا ولا تزال تعلن عن إيجاد حل سياسي لها قائم على المفاوضات ووفقاً للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة .
وفي سجل آخر ، أكرر دعم رومانيا لتعددية الأطراف ، بما في ذلك دعم الأمم المتحدة. هذا الالتزام الدائم بالسلام والعدالة والتنمية المستدامة هو جوهر رسالة رومانيا في حملتها للفوز بمقعد غير دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي هذا العام.
أعتقد أن رومانيا لديها ترشيح قوي وأتمنى أن تمنح الدول التي تمثلونها ثقتها لرومانيا خلال انتخابات حزيران. كما أؤكد مجدداً على هدف رومانيا بأن تصبح عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأشكر جميع الدول الأعضاء في المنظمة على دعمهم الذي قدموه لرومانيا لغاية الآن ، والذي يعتبر أفضل ترشيح أوروبي على نطاق واسع، وأعول على حشد نشيط لهذا الدعم في عام 2019 أيضاً، آملاً بالخروج بنتائج حاسمة.
سيداتي وسادتي ،
تتم رئاسة رومانيا لمجلس الاتحاد الأوروبي في سياق ديناميكي، يتصف، كما تعلمون، بتحديات هامة مثل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تحديات الهجرة للأمن الأوروبي، وعملية التفاوض حول الإطار المالي المتعدد السنوات لفترة 2021 -2027 ، وانتخابات البرلمان الأوروبي وعملية التفكير برسم مستقبل أوروبا.
وتعتبر ممارسة رئاسة رومانيا لمجلس الاتحاد الأوربي فرصة للمساهمة في تشكيل مستقبل المشروع الأوروبي، من أجل الترويج لأوروبا وأقوى وأكثر تماسكا .
وفي هذا السياق ، ستكون قمة سيبيو في 9 أيار 2019 لحظة حاسمة. حيث نرغب في صياغة رؤية واضحة لخطوط العمل ذات الأولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي والتي ستسهم بشكل كبير في تحديد جدول الأعمال الاستراتيجي للأعوام 2020-2024.
وفي الوقت نفسه ، نقترح اعتماد إعلان سياسي لإعادة تأكيد تضامن الدول الأعضاء والتزامها ببناء اتحاد أقوى على المستويين الداخلي والخارجي. ومن الضروري أن تتطابق أجندة الأولويات التي ستناقش في سيبيو مع أجندة المواطنين وتوقعاتهم المشروعة بالاستفادة من نتائج ملموسة.
وفيما يتعلق بخروج بريطانيا Brexit ، فالاتفاق الموافق عليه بالفعل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بدوله الـ 27 هو أفضل وسيلة للحد من الآثار السلبية لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لضمان اليقين القانوني للأعمال التجارية وضمان حقوق المواطنين. وبعد أول رفض لهذا الاتفاق في البرلمان البريطاني، سنقوم كرئاسة لمجلس الاتحاد الأوروبي باتخاذ الإجراءات المناسبة – ضمن أي سيناريو محتمل- وذلك بالتنسيق مع المؤسسات والدول الأعضاء الأخرى. وبالتالي ، سنعمل على تسهيل اعتماد التدابير التي اقترحتها المفوضية الأوروبية لضمان أن الاتحاد مستعد بشكل صحيح لانسحاب المملكة المتحدة عبر أي سيناريو.
لقد كانت الأولوية التي تابعناها في المفاوضات مع لندن هي حماية حقوق المواطنين الأوروبيين في المملكة المتحدة وسنتابعها أكثر من أجل تقليل الآثار السلبية التي يمكن أن تؤثر على حياة المواطنين الأوروبيين ، بما فيهم طبعاً المواطنين الرومان.
وفيما يتعلق بالهجرة ، كرئاسة ، سنبذل كل جهد ممكن لدفع المفاوضات بشأن هذا الملف. تعتبر سلامة المواطنين عنصراً حاسماً ، وسنواصل ، كرئاسة متناوبة ، العمل باستمرار من أجل تعزيز حدود الاتحاد الخارجية وتطبيق الأدوات الأمنية بسرعة.
وفي هذا السياق ، أؤكد من جديد أن انضمام رومانيا إلى منطقة شنغن ما زال يمثل أولوية بالنسبة لنا. ونحن مقتنعون بأن هذا النهج يمكن أن يسهم إسهاماً كبيراً في تعزيز الأمن في منطقة حرية الحركة بأكملها التابعة للاتحاد الأوروبي.
وسنسعى أيضاً إلى تكثيف التعاون بين السلطات الوطنية المختصة وتبادل أفضل الممارسات في مكافحة التطرف ، من حيث حماية الأماكن العامة ، بهدف مكافحة الإرهاب.
ولقد أيدت رومانيا باستمرار تعزيز دور الاتحاد الأوروبي في مجال الأمن والدفاع ، وهو عنصر هام في المشروع الأوروبي ، بما في ذلك من خلال التزامات ملموسة بقوى وقدرات دعم المبادرات التي تم إطلاقها في هذا المجال.
ولقد تم إحراز تقدم كبير في هذا المجال في فترة زمنية قصيرة نسبياً ، إذا ما أشرنا إلى التطورات في الاستراتيجية العسكرية المشتركة لسياسة الأمن والدفاع، من خلال إطلاق التعاون المنظم الدائم أو اعتماد الاتفاق مؤخراً.
وسوف تعمل الرئاسة الرومانية لمجلس الاتحاد بشكل بناء لدعم خطوات دفع الأجندة الأوروبية في هذا المجال وفي نفس الوقت المضي قدماً في الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي. ويجب أن يضمن التكامل في العمل ، لتجنب الازدواجية غير الضرورية في الجهود والموارد.
وفي هذا السياق ، ستظل الشراكة عبر الأطلنطي أولوية رئيسية بالنسبة لرومانيا ، سواء خلال الرئاسة أو بعدها، كما كانت حتى الآن. وتعتبر هذه شراكة حيوية، خاصة إذا أردنا ألا تخلق ديناميكيات التغيير العالمية مخاطر متزايدة على أمن وازدهار جانبي شاطيء الأطلسي. ومن الأولويات الأخرى الهامة للرئاسة الرومانية تأتي سياسة التوسع التي تعتمد على التقييم الفردي للامتيازات الخاصة وتحقيق معايير الانضمام. وستواصل رومانيا جهودها من أجل عملية موثوقة لتسريع التوسع في غرب البلقان.
ولتكون سياسة الجوار مع الاتحاد متماسكة، ويتطلب التنفيذ المناسب للشراكة الشرقية اهتماماً خاصاً لتوسيع نطاق الاستفادة الناتجة عن اتفاقيات التجارة الحرة الحالية.
السيدات والسادة رؤساء البعثات،
إن تعزيز المشروع الأوروبي يجب أن يقوم على نهج موحد وشامل ومفتوح لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، مع تجنب الانقسامات. ولقد كان تحقيق المشروع الأوروبي ممكناً لأن الشعوب الأوروبية تشترك في مجموعة من القيم المشتركة. ويجب أن تظل هذ القيم في قلب العمل السياسي إذا أردنا إبقاء المشروع الأوروبي قريباً من المواطنين. وإن تعزيز التماسك ، كقيمة مشتركة للاتحاد ، هو عنصر أساسي في جهودنا لاستعادة ثقة المواطنين.
وفي نفس الوقت، فإن تعزيز القيم الواردة في المعاهدات، مثل التماسك والحرية والكرامة الإنسانية والمساواة والديمقراطية والعدالة والتضامن، تساهم في دعم حقيقي من “القاعدة” بالنسبة للمشروع الأوروبي.
سيداتي وسادتي ،
اختتم بالتمني لدولكم ومنظماتكم التمتع بسنة من السلام والازدهار والقدرة على التنبؤ ، ولكم شخصياً ولجميع الأشخاص القريبين الصحة والعمل لفائدة المجتمع الدولي بأكمله!
وأتمنى لكم “عيد ميلاد سعيد” وشكراً لكم! “
(المصدر: الموقع الالكتروني للرئاسة ، بتاريخ 29/01/2019)