ألقى الرئيس الروماني، السيد كلاوس يوهانيس، يوم الأحد بتاريخ 22 كانون الأول 2019، في دار الموسيقى “الأثنيه الروماني” خطاباً في حدث احتفالي نُظم بمناسبة الذكرى الثلاثين للثورة الرومانية في كانون الأول من 1989 ونورد فيما يلي نص الخطاب:
“السيد رئيس الوزراء،
السيد رئيس الأكاديمية الرومانية،
أصحاب السعادة،
سيداتي وسادتي،
نحن هنا في اجتماع للاحتفال باليوم من التاريخ الذي حول فيه الأبطال حلمنا إلى حقيقة.
نحن هنا لنبكي معاً على فقدان أبناء وبنات الأمة الذين لم يعرفوا الحرية بل ماتوا من أجلها.
نحن هنا لأن علينا واجب أن نتذكر نجاح جيل بنى رومانيا الأوروبية حتى نتمكن من العيش الحر والآمن بين حدود بلدنا.
إن الهواء الدافئ اليوم يذكرنا بهواء الحرية الذي تنفسناه قبل 30 عاما. كان في المكان الذي نحن فيه الآن في عام 1989 مليء بالدخان وبكاءات الناس، وأزيز الرصاص وهدير آلات القتال.
وبينما كان الستار الحديدي يغادر دول حولنا مثل بولندا والمجر وألمانيا الديمقراطية وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا تاركاً وراءه فرصة للتحرير.
وبعد ستة أيام من المعارك الدامية في تيميشوارا وفي أماكن أخرى جرت المعجزة في بوخارست: تم تحرير الرومانيين من قمع الطغيان خلال الثورة المعادية للشيوعية وكان صوت الحرية من محطة الإذاعة “أوروبا الحرة” في تلك الأيام الأولى يقول “إنها بداية في كل هذه النهاية”.
وقد استشهد من أجل الحرية في ساحة الجامعة “بياتسا أونيفيرسيتاتسيي” وفي ساحة “رومانا”، وفي دار الصحافة الحرة” وفي ساحة “فيكتوريا” وفي أماكن أخرى كثيرة في هذه المدينة الكثير من إخواننا.
وهكذا انفصل الرومان عن الطغيان وأصبح أحراراً أمام العالم كله مطاردين الدكتاتورية والكذب والإرهاب والخوف من أرواحهم ومنازلهم وبلدهم.
واليوم، بعد 30 عاماً، أنحني بامتنان واحترام عميق نيابة عن الدولة الرومانية في ذكرى أبطالنا وشهدائنا الذين قُتلوا بالعصي وقتلوا بالرصاص وتم سحقهم بالدبابات وقُتلوا بسبب الكراهية الرهيبة لنظام إجرامي.
سيداتي وسادتي،
إن وجوه الناس في هذه الصور التي تحيط بنا هي وجوه الحياة والأمل. إنهم جزء من جيل الشرف الذين عرفوا أن هناك دولاً يمكنها إلى أن تولد من جديد.
لذلك أجد أن هنا في هذا الإطار من المناسب للغاية – والمكان رمزي – دار الموسيقى “الأثينيه الروماني” – لأؤكد أن أفضل محاربة للنسيان هو استحضار الحقائق وذكرى أبطالنا.
كما أناشد جميع الرومانيين بمناسبة الاحتفال بيوم انتصار الثورة والحرية الرومانية، أن يتحدثوا بوضوح وبصراحة عن ثورة 1989. كانت الثورة المعادية للشيوعية موجودة في تاريخنا، تماماً كما كان النظام الشيوعي موجوداً في تاريخنا أيضاً وهو شوه مصير هذا البلد! دعونا نتحدث عن هذه الحقيقة التاريخية من خلال حب البلاد الذي دافع عنه أبطالنا وشهدائنا، و من ناحية أخرى بسبب الكراهية والطغيان في أيدي ديكتاتور وأتباعه. لذلك نريد تقديم المذنبين أمام العدالة. نريد الحق والعدالة!
يحتاج مجتمعنا إلى الشفاء، لأن رومانيا طبيعية وآمنة ومزدهرة ويمكن التنبؤ بها تحتاج إلى الحقيقة! تحتاج الأجيال القادمة إلى هذا العمل العدل لأن الروح الحرة لا تنشأ إلا من العدالة.
إن كلمات السيدة (آنا بلانديانا – Ana Blandiana) مناسبة للغاية: “عندما تفشل العدالة في أن تكون شكلاً من أشكال الذاكرة، يمكن أن تكون الذاكرة وحدها شكلاً من أشكال العدالة”.
أعزائي الحضور،
إن هدايا الحرية لا تقدر بثمن. نعلم جميعاُ أن الديمقراطية لها نقاط ضعف خاصة بها ولكن كيف يمكن أن تكون الحريات التي دافع عنها كل منا؟ للإجابة على هذا السؤال اخترت كلمات امرأة ذات قوة مدهشة ورمز النضال ضد الشيوعية وهي السيدة (دوينا كورنيا – Doina Cornea) التي قالت لنا كيف يمكنك الصمود في وجه الخطر المحيط بك: “ما يجب علي فعله هو الحفاظ على جودتي الداخلية وقيمي الأصلية: الحب والإيمان والأمل، الشجاعة والحرية؛ أفكار الحقيقة، العدالة، الخير؛ بكلمة واحدة أن تعيش في حياتي حياة الروح وأن تساهم في إيقاظ إخواني الرجال”.
كان أبطالنا وشهدائنا معاً ونجحوا معاً. لذلك أن نبقى معاً كأمة يعني الاستمرار في الحفاظ على الثورة الرومانية في عام 1989! أن نكون معاً يعني دعم المثل العليا التي ماتوا شبابنا من أجلها: دولة حرة، مرتبطة بالقيم الأوروبية، مع مجتمع قوي، قائم على المساواة والعدالة، تحترم فيها المبادئ الأساسية للديمقراطية.
وشكراً لكم!”
ِتمّت الترجمة في سفارة الجمهوريّة العربيّة السوريّة في بخارست نقلاً عن موقع الرئاسة الرومانيّة