تمثل معركة ميسلون التي قادها القائد البطل يوسف العظمة وزير الحربية في الرابع والعشرين من تموز عام 1920 علامة فارقة في تاريخ سورية والمنطقة ومهدت لثقافة المقاومة والتصدي للاحتلال حتى تحقيق الجلاء من المستعمر.
وتأتي الذكرى المئة لمعركة ميسلون البطولية لتعيد إلى الأذهان يوم وقف الشهيد العظمة مع رفاقه بشجاعة منقطعة النظير بمواجهة قوات الاحتلال الفرنسي الغازية بقيادة الجنرال غورو التي دخلت الأراضي السورية عبر الحدود اللبنانية ولكنها وجدت نفسها مجبرة على التوقف في منطقة خان ميسلون قرب دمشق تحت وطأة ضربات الجيش الوطني الذي يقوده البطل يوسف العظمة.
ورغم معرفة القائد العظمة بأنه يواجه عشرة آلاف جندي فرنسي مجهزين بأحدث الأسلحة التي كانت معروفة آنذاك إلا أنه أبى الرضوخ لما يسمى إنذار غورو المشؤوم وخرج يقود نحو أربعة آلاف جندي إلى جانب كوكبة من المتطوعين الأبطال لم يتجاوز عددهم 1500 مقاتل وتقدموا بشجاعة وخاضوا معركة العزة والكرامة في ميسلون ليسطروا بتضحياتهم أحرفا من نور في فصل مضيء من تاريخ سورية.
معركة ميسلون لم تكن متكافئة من حيث العدد والعدة إلا أن الشهيد البطل العظمة أراد من خلال تصديه مع رفاقه لجحافل الاستعمار الفرنسي أن يضرب بذلك أروع أمثلة الفداء والتضحية دفاعا عن الوطن وهو ما حدث فعلا إذ لم يهنأ المستعمر الفرنسي لحظة في سورية واستمر السوريون على نهج العظمة ورفاقه في مقاومة سطرت أروع ملاحم العز والكرامة مقدمين الشهيد تلو الآخر حتى نالت سورية أخيرا استقلالها وجلاء آخر جندي فرنسي عام 1946.
سورية التي حملت لواء المقاومة باكرا أثبتت للعالم أجمع من خلال مسيرتها النضالية ودماء شهداء ميسلون تصميمها على حماية قرارها المستقل وسيادتها ووحدة أراضيها وأنها عصية على الخنوع لأي طامع بثرواتها مشكلة قاعدة صلبة للشرفاء والأحرار ضد قوى الإمبريالية والاستعمار البغيض في المنطقة والعالم.
وما زالت معركة ميسلون التي خاض غمارها العظمة ورفاقه الأبطال تشكل حتى يومنا هذا شعلة منيرة ترسم معالم طريق يسير عليه جيشنا الباسل في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف سورية منذ أكثر من تسعة أعوام بدعم من دول غربية وإقليمية يقف خلفها الكيان الصهيوني تحاول تنفيذ أهداف المستعمر الفرنسي ذاتها في مؤامرة قديمة متجددة تهدف للنيل من وحدة وسيادة سورية وقرارها المستقل إلا أن إرادة السوريين منتصرة لا محالة كما انتصرت عبر التاريخ.
وسيم العدوي