بدأ اليوم الثاني للاجتماع السنوي للدبلوماسية الرومانية في يوم الأربعاء بتاريخ 8 أيلول 2021، بسلسلة من الجلسات العامة استضافها وأدارها وزير الخارجية الرومانية السيد بوغدان أوريسكو، وهي مكرسة لمواضيع مثل التحديات الأمنية الحالية والقدرة على الصمود أثناء الوباء وتعزيز التعاون بين الشركاء ودور رومانيا من منظور مؤتمر مستقبل أوروبا وعناصر الإصلاح القنصلي التي تم تنفيذها على مستوى وزارة الخارجية خلال العام الماضي، إلى جانب التدابير التي تم بحثها على هذا المستوى.
واستضافت الجلسة العامة الأولى لليوم الثاني، وعنوانها “التحديات الأمنية الحالية“، وزير خارجية جمهورية اليونان السيد نيكوس ديندياس، والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا اليدة هيلجا شميد كضيفين خاصين.
وسلط الوزير بوغدان أوريسكو في افتتاح الجلسة مع نظيره اليوناني الضوء على سلسلة من الأمور التي نوقشت خلال المشاورات الثنائية، بما في ذلك الدعم الأخير الذي قدمته رومانيا للجمهورية اليونانية في مكافحة الحرائق. وشدّد الوزير أوريسكو على أن تفعيل آلية الحماية المدنية الأوروبية في هذا السياق يثبت التضامن الأوروبي. وبخصوص موضوع الجلسة، صرّح الوزير الروماني إن مشاركة نظيره اليوناني هامّة من حيث خبرة والتزام الجمهورية اليونانية في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. كما شدد الوزير بوغدان أوريسكو على ظهور تحديات أمنية جديدة في كل من المنطقة والعالم، وضرب مثالاً بالأزمة التي تشهدها أفغانستان وعواقبها مع تأثيرها على دول مثل رومانيا والجمهورية اليونانية.
وأشار الوزير اليوناني في خطابه إلى التحديات الأمنية الحالية في المنطقة بما في ذلك طبيعتها المتنوعة، مؤكداً على الالتزام المشترك بين الجمهورية اليونانية ورومانيا فيما يتعلق بالامتثال للقانون الدولي. كما شدّد الوزير اليوناني على دعم دول الجوار الأوروبي مع التركيز على دول غرب البلقان، من أجل تقديم منظور أوروبي باعتباره الحل الوحيد المفيد للطرفين. كما نوّه المسؤول اليوناني إلى أن التضامن ضروري في معالجة التهديدات العابرة للحدود وهو يشكل أداة مهمة في زيادة مرونة الدول، شريطة احترام النظام الدولي والقيم والمبادئ المشتركة.
ودعا وزير الخارجية بوغدان أوريسكو خلال كلمته الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ليلقي الضوء أمام الحضور، على مدى التزام رومانيا بالأمن الشامل والتعاون الذي تم تعزيزه على مستوى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كما أظهر مشاركة رومانيا في التفاوض على جميع الوثائق الرئيسية للمنظمة. كما لفت الانتباه إلى التحديات الأمنية المعقدة الحالية، مثل النزاعات التي طال أمدها في المنطقة، وانعدام الثقة في القيم الديمقراطية ووباء كوفيدـ19 والتهديدات العابرة للحدود الوطنية، ولا سيما الإرهاب وتغيرات المناخ والتهديدات السيبرانية، وشدّد على أهمية التعاون، بما في ذلك مع الدول المجاورة والشريكة. وأشار إلى هدف رومانيا الاستراتيجي المتمثل في تعزيز مشاركة الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر في معالجة النزاعات التي طال أمدها في منطقة البحر الأسود.
وشدّد الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا من جانبه على أن الدبلوماسية متعددة الأطراف هي الحل الوحيد القابل للتطبيق للإدارة الفعالة للتهديدات الأمنية الحالية، بما في ذلك النزاعات التي طال أمدها والتهديدات الجديدة العابرة للحدود الوطنية التي تشكلها التطورات التكنولوجية أو تغير المناخ أو الهجمات الإلكترونية. وشدد على الأدوات المتاحة لمنظمة فيينا لمنع النزاعات وحلها، على أساس تدابير بناء الثقة وحماية حقوق الإنسان والالتزامات الواردة في وثيقة هلسنكي الختامية لعام 1975. و أشار الأمين العام على وجه الخصوص إلى أن آثار وباء جائحة كوفيدـ19 محسوسة بشكل خاص بين النساء، وسيستمر تعزيز المساواة بين الجنسين، بما في ذلك في سياق جهود الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء.
وتحدث خلال جلسة بعنوان “الصمود أثناء الجائحة. تعزيز التعاون مع الشركاء“ وزير التجارة والسياحة والاستثمار الأسترالي السيد دان تيهان، وكذلك وزير الشؤون الخارجية لجمهورية الهند السيد سوبراهمانيام جايشانكار، في تقنية المؤتمرات الفيديوية.
وشدّد الوزير بوغدان أوريسكو في افتتاح الجلسة على الأهمية المتزايدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ من حيث التنمية الاقتصادية العالمية والحاجة إلى خلق أوجه تآزر في المنطقة لضمان الأمن والاستقرار. وأشار الوزير الروماني إلى القيم المشتركة وتقارب الرؤى بين رومانيا وأستراليا بشأن القضايا العالمية الحالية، وكذلك التزام رومانيا بتعزيز علاقاتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في الإطار الذي توفره استراتيجية الاتحاد الأوروبي المستقبلية لمنطقة الهند المحيط الهادئ. كما أكد الوزير بوغدان أوريسكو على النجاحات الاقتصادية الأخيرة التي تم تسجيلها في التعاون الروماني الأسترالي، وأعرب عن ثقته في أن العلاقات الثنائية لديها إمكانات متزايدة للتنمية والتوطيد.
وفي إشارة إلى العلاقة الثنائية مع رومانيا، أعرب الوزير الأسترالي عن تقديره للنماذج الناجحة للتعاون الثنائي وسلط الضوء على إمكانات التنمية في عدد من المجالات مثل الطاقة المتجددة أو الأمن السيبراني. وشدد على أن تعميق علاقة أستراليا مع الاتحاد الأوروبي، وخاصة من خلال دفع المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة، حيث سيكون لها آثار مفيدة على العلاقات الاقتصادية الثنائية مع رومانيا أيضاً، معرباً عن أمله في أن تكتمل الإجراءات بهذا الشأن في عام 2022. وحدد الوزير تيهان خلال خطابه الأولويات الرئيسية لأستراليا لتعزيز المرونة، مع التركيز على ثلاثة مستويات: 1 – الصمود الوطني، 2 – الصمود الذي تم بناؤه مع الشركاء في جميع أنحاء العالم مع التركيز على المحيطين الهندي والهادئ، و 3 – مرونة النظام الدولي القائم على القواعد والقيم الديمقراطية.
كما أشار وزير الخارجية الرومانية بوغدان أوريسكو في ترحيبه بنظيره الهندي إلى دعم رومانيا للهند في سياق جائحة كوفيد -19 كدليل على التضامن. وشدد بهذا الشأن أيضاً على الحاجة إلى تعزيز الدفاع ضد الأوبئة والمعلوماتية والتهديدات المختلطة. ونظراً للحاجة إلى تعزيز التعاون العالمي، سلط الوزير أوريسكو الضوء على تقارب الرؤى بين رومانيا والهند، بما في ذلك في المنظمات متعددة الأطراف.
وشكر وزير الخارجية الهندي في كلمته الافتتاحية رومانيا على دعمها الإنساني في إطار الاستجابة الأوروبية للحد من آثار الموجة الثانية من الإصابات بفيروس كورونا الجديد التي تواجه جمهورية الهند. واستعرض وزير الخارجية الهندي الوضع الممتاز للحوار الدبلوماسي السياسي الثنائي. كما تناول المجالات الرئيسية الواعدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والأدوية وصناعة المعادن، وتقييم مجالات أخرى للتعاون القطاعي، ولا سيما الثقافة والتعليم والاتصالات بين الناس، والتي يمكن لعب دور متزايد في تكثيف التبادلات الثنائية على جميع المستويات في المستقبل.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين الهند والاتحاد الأوروبي، أشار إلى نتائج قمة الاتحاد الأوروبي والهند في بورتو في 8 أيار 2021 وشدّد على أن استراتيجية الاتحاد الأوروبي للهند، والشراكة بين الاتحاد الأوروبي والهند بشأن الاتصال والتفاوض الناجح في المستقبل بشأن الأسماء الجغرافية واتفاقيات الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي حيث ستكون الهند قادرةً أيضاً على تحقيق فوائد كبيرة في التعاون بين رومانيا والهند. وأكد على التحمل التدريجي للهند بمسؤوليتها، من خلال سياستها الخارجية الثنائية والإقليمية والعالمية المتعددة الأطراف، وأخذها دوراً أكثر بروزاً على المستوى الدولي. وأشار إلى أن الهند تعمل على زيادة مشاركتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كجهة مجاورة للمصالح الاستراتيجية ولكنها تعمل أيضاً على تنشيط علاقاتها مع دول إفريقيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وأكد الوزير جايشانكار في الختام مجدداً على تطلعات الهند، كشريك له رؤى مماثلة للمجتمع الغربي، إلى أن تصبح قطباً عالمياً للقوة. واستمر اليوم الثاني للاجتماع بعرض وزير الخارجية الرومانية للخطوات الرئيسية للإصلاح القنصلي خلال العام الماضي، بالإضافة إلى الإجراءات المنصوص عليها أدناه. واختُتم اليوم الثاني بجلسة خصصت لدور “مستقبل أوروبا ودور رومانيا“ والتي استضافت نائب رئيس المفوضية الأوروبية للديمقراطية والديمقراطية السيدة دوبرافكا زويكا كضيف خاص.
وأشار الوزير أوريسكو في افتتاح هذه الجلسة إلى أن الصمود يصبح مفهوماً رئيسياً لتطوير قدرة الاتحاد الأوروبي على إدارة أزمة الوباء الحالية وتحدياتها بما في ذلك في سياق التفكير الحالي حول مستقبل أوروبا. وسلط وزير الخارجية بوغدان أوريسكو الضوء على حقيقة أن الأزمة الحالية قدمت دروساً في جميع المجالات وطوّرت قدرة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على تحقيق نتائج ملموسة بما في ذلك من خلال التنسيق الوثيق بين الأعضاء والشركاء.
ووفقاً للوزير بوغدان أوريسكو، يجب أن يواصل الاتحاد الأوروبي تطوير صموده، بدءاً من الأبعاد الداخلية والخارجية للسياسات الأوروبية، ويجب أن تشكل هذه الأعمال عملية تحول وبِناء، بما في ذلك في اتجاه صمود دول غرب البلقان أو الجوار الشرقي وجنوبي.
وقدم نائب رئيس المفوضية الأوروبية في خطابه الأهداف والتوقعات المؤسسية المرتبطة بمؤتمر مستقبل أوروبا (CoFE) وسلط الضوء على حقيقة أن الصمود والمرونة الديمقراطية قد ازدادت أهمية منذ قمة الاتحاد الأوروبي في مدينة سيبيو، رومانيا، في عام 2019. كما أظهر تفشي الوباء أن التضامن هو المفتاح للتغلب على لحظات الأزمة. وأكد أن مؤتمر مستقبل أوروبا يوفر فرصة فريدة من نوعها وعالمية على الإطلاق لتعزيز الديمقراطية وشرعية الاتحاد الأوروبي كما أن المرونة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتحقيق هذه الأهداف. وقال المسؤول الأوروبي إنه من خلال مؤتمر مستقبل أوروبا يتمتع الاتحاد الأوروبي بفرصة فريدة لإلهام النماذج الديمقراطية والتشاور العالمي مع المواطنين. إنها عملية تهدف بروح من الديمقراطية والشفافية والشمولية إلى مساعدة الاتحاد الأوروبي في التطلع إلى المستقبل من أجل إدارة الآثار السلبية للوباء ولكن أيضاً في بيئة جيوسياسية تنافسية بشكل متزايد.
ونظراً لأهمية مشاركة المواطنين في عمليات النقاش الأوروبي وفي سياق إطلاق مؤتمر مستقبل أوروبا الذي تم في 9 أيار 2021 على المستوى الأوروبي، حضرت الجلسة (التي نُظمت ضمن إطار اجتماع RADR للدبلوماسية الرومانية) مجموعة من الشباب الرومانيين من عدد من جامعات البلاد. وطرح الطلاب الرومانيون على المتحدثين أسئلة سلطت الضوء على اهتمام الطلاب بتعزيز عمل الاتحاد الأوروبي في المجالات التي أثبت فيها قيمته المضافة في سياق الأزمة، مثل مجال الصحة. وأكدوا على الحرص على تعزيز مرونة الاتحاد من خلال مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز الأمن السيبراني. كما سلطوا الضوء على الحاجة إلى الاستجابة بشكل مناسب للاتجاهات المتشككة بشأن أوروبا والتي قد تؤثر على المشروع الأوروبي فضلاً عن الحاجة إلى التفكير المتعمق في الاتجاهات الديموغرافية الحالية على المستوى الأوروبي.
وشجع المسؤول الأوروبي الطلاب على اغتنام الفرصة ليصبحوا جزءاً من عملية التشاور التي يقدمها مؤتمر مستقبل أوروبا من خلال التسجيل على المنصة الرقمية المخصصة بحيث تنعكس أصواتهم وتوقعاتهم في النقاش الأوروبي ونتائجها حيث سيكون الشباب هم المستفيدون الرئيسيون من تمرين التفكير هذا حول مستقبل أوروبا.
(المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الرومانية mae.ro ، بتاريخ 08/09/2021)