السيد رئيس الجمعية، السيد الأمين العام، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، هذه هي مناقشتنا العامة الثانية خلال جائحة كوفيد-19 والتي غيرت طريقة حياتنا بشكلٍ جذري.
ولكن على الرغم من أن الوباء قد أثر على كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً، فقد أتاح لنا أيضاً فرصاً للتعلم والتكيف وتحسين الأمور. وتتطلب التحديات العالمية حلولاً مشتركة وتضامناً وتعاوناً، وتؤمن رومانيا بقوة بأن القيم الديمقراطية والنظام الدولي القائم على القواعد، المستند إلى الأمم المتحدة، أساسيان لبناء مستقبل أفضل وأكثر أماناً، وتعد تعددية الأطراف الفعالة والمنصفة، التي تفيد مواطنينا بشكل مباشر، ضرورية. وكما أظهر الوباء أننا بحاجة إلى إيجاد طرق لإعادة البناء بشكل أفضل وأكثر ملاءمة للبيئة، نحن بحاجة إلى إعادة الانخراط في عملية تطوير الاقتصادات المستدامة، وكذلك المجتمعات المرنة والعادلة والشاملة. ولا بد من التضامن في العمل، لكي تكون فعالة في تحقيق هذا الهدف. ونحتاج أيضاً إلى نهج متكامل ومبتكر للتصدي في وقت واحد لمجموعة واسعة من التحديات المترابطة، مثل الصحة والتغير الديموغرافي والهجرة والموارد المحدودة وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والفقر والجوع.
نحن بالفعل في “نقطة تحول”، ورومانيا ترحب بالتقرير الجديد المنشور حول “جدول أعمالنا المشترك”، وتؤيد استنتاجاته الرئيسية وتشجع الأمين العام للأمم المتحدة على مواصلة جهوده لتنفيذها.
لا تزال رومانيا ملتزمة بالمساهمة في الجهود الجماعية الرامية إلى الحد من التأخيرات في النهوض بأهداف التنمية المستدامة وتعويضها.
يجب أن نعمل معاً لحماية كوكبنا وأنظمتنا البيئية، إن آثار تغير المناخ ليس لها حدود، وتقع مسؤولية إدارتها بفعالية على عاتقنا جميعاً. ويمثل التعاون مع الدول والمنظمات الدولية الأخرى للاستجابة لتغير المناخ إحدى أولويات ولايتي الحالية كرئيس لرومانيا، وينبغي أن يكون عام 2021 قفزة إلى الأمام في منع تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي.
في الآونة الأخيرة، تمكنا من مراقبة إمكانات التقنيات الرقمية، نحن بحاجة إلى ضمان الوصول الآمن إلى الإنترنت، وتعزيز الأمن السيبراني، وتعزيز السلوك المسؤول في الفضاء السيبراني، مع معالجة قضية خطاب الكراهية والمعلومات المضللة في البيئة الرقمية.
كما تساهم بوخارست من خلال استضافة المركز الأوروبي للأمن السيبراني، والذي سيحسن البحث حول المرونة والأمن السيبراني في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
لقد جعلنا الوباء أن نعمل معاً لتقوية النظم الصحية الوطنية وجعلها أكثر مرونة، ومن الأولويات الملحة ضمان الوصول العالمي المنصف والمتاح إلى لقاحات وعلاجات كوفيد-19، وتؤكد رومانيا من جديد دعمها لمنصة COVAX والتي ساهمت في مبادرة “فريق أوروبا” لمساعدة العديد من البلدان في إدارة تأثير الوباء، وتؤيد رومانيا بشكلٍ كامل اعتماد صك قانوني دولي بشأن التأهب لمواجهة الأوبئة والتصدي لها.
السيدات والسادة، تقع المسؤولية الرئيسية عن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها على عاتق دولنا، نحتاج جميعاً إلى التأكد من أن القيود المفروضة بسبب انتشار الوباء لا تضخم انتهاكات الحقوق.
كما ستظل رومانيا ملتزمة التزاماً راسخاً بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم.
اعتمدنا هذا العام أول استراتيجية وطنية لرومانيا لمنع ومكافحة معاداة السامية وكراهية الأجانب والتطرف وخطاب الكراهية.
السيدات والسادة، هناك حاجة إلى عمل دولي مشترك لضمان الأمن البشري، لأنه لا يوجد أحد في مأمن حتى يصبح الجميع آمنين.
أدرجت رومانيا اللاجئين والأشخاص المعرضين للخطر في التأمين الصحي العام الوطني، كما منحناهم إمكانية الوصول إلى جميع المرافق الطبية اللازمة وحملات التطعيم، بما في ذلك ضد فيروس كوفيد-19.
وخلال هذه الفترة، ننظر إلى أفغانستان والموضوع الأكثر إلحاحاً هو الإجلاء الآمن للأفغان الذين يريدون مغادرة البلاد، لقد استقبلنا مؤخراً مجموعات من المواطنين الأفغان في رومانيا، كما أنه من الضروري ضمان احترام حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق النساء والأطفال والأقليات، نحتاج أيضاً إلى التأكد من إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية.
السيدات والسادة، كدولة تتولى رئاسة مجتمع الديمقراطيات، ستواصل رومانيا العمل من أجل احترام جميع المبادئ الديمقراطية.
وبالتالي فإننا نشجع جميع الدول على ضمان حسن سير عمل المؤسسات الديمقراطية، واحترام سيادة القانون، وضمان الحقوق والحريات الأساسية.
الحضور الكرام، لا تزال النزاعات المسلحة والانقسام العرقي وعدم المساواة حقائق قاسية، إنه الوقت المناسب لتحويل أزمة COVID-19 وتأثيرها على الأمن إلى فرصة لتنشيط أجندة السلام والأمن، مع التركيز مجدداً على منع نشوب النزاعات وتعزيز عمليات السلام، ولكن لا تزال النزاعات المطولة في جوار رومانيا تهدد أمن أوروبا.
كما تؤيد رومانيا الحل السلمي والدائم لهذه الصراعات، من خلال المفاوضات السياسية بشكلٍ خاص.
كما يجب علينا تكثيف جهودنا والتصدي مباشرة للتهديد العالمي للإرهاب، والعمل بطريقة منسقة، إذ تحافظ رومانيا على التزامها الكامل بمنع الإرهاب ومكافحته على الصعيد الدولي، بالبناء على الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب المنقحة مؤخراً.
يعد مفهوم المرونة عنصراً مهماً في أمننا، كما أنه عامل رئيسي في حماية الديمقراطية.
بالنسبة لرومانيا، يعد ضمان المرونة الاستراتيجية، على مستوى الدولة والمجتمع، أولوية، وهذا ما أبرزه المركز الأوروبي الأطلسي للصمود الذي أنشأناه في رومانيا.
ويهدف المركز، الذي سيكون متاحاً لجميع البلدان الشريكة، إلى إدارة البرامج المختلفة وتعزيز المرونة، سواء كانت مجتمعية أو في مجال التقنيات الناشئة والمدمرة، ومرونة أنظمة الاتصالات والأنظمة البيئية التكنولوجية، والقدرة على الصمود في مواجهة الأزمات المعقدة وحالات الطوارئ، وضمان الاستمرارية والخدمات الأساسية، فضلاً عن مرونة البنية التحتية للنقل.
السيدات والسادة، تؤمن رومانيا إيماناً راسخاً بإمكانية مساهمة القانون الدولي في الأمن الدولي.
ونؤكد من جديد تقديرنا لعمل محكمة العدل الدولية. وإن قبول اختصاص المحكمة يخدم قضية السلام الدولي، وبهذه الروح، تقوم رومانيا، مع مجموعة من الدول الداعمة، بالترويج لبيانٍ حول هذه القضية وتدعو جميع الوفود المهتمة إلى المصادقة عليه ودعم هذه المبادرة.
أخيراً وليس آخراً، اسمحوا لي أن أذكركم بأن قوة المنظمة الدولية تُعطى من خلال مقياس الرغبة السياسية للدول الأعضاء في جعلها ذات صلة ومناسبة للأوقات التي نعيش فيها، فلنوحد جهودنا جميعا لتحقيق الأهداف النبيلة للأمم المتحدة! وشكراً لكم.
(المصدر: الرئاسة الرومانية، بتاريخ 22-9-2021)