أرسل الرئيس الروماني السيد كلاوس يوهانيس يوم الخميس بتاريخ 9/12/2021 رسالة خلال منتدى بوخارست 2021 ، وهو حدث نظمه معهد أسبن رومانيا ASPEN وعُقد تحت الرعاية السامية لرئيس رومانيا. وقدم الرسالة السيد كوزمين مارينيسكو المستشار الرئاسي في إدارة السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
ونورد فيما يلي نص الرسالة:
“أهنئ معهد آسبن رومانيا بالذكرى المزدوجة لتأسيسه: 15 عاماً على تأسيس المعهد وعقد منتدى بوخارست الأول.
لقد قدمنا رعاية عالية لهذه الدورة السنوية تقديراً للجهود التي بذلها مؤسسو وممثلو معهد آسبن لتعزيز الحوار المتعمق، بين الحكومات والقطاع الخاص في مجالات رئيسية مثل الأمن والاقتصاد والطاقة والانتقال الأخضر والرقمي.
وبعد عامين تقريباً على ظهور هذا الوباء العالمي العميق أصبح الحوار المفتوح اليوم أكثر ضرورة من أي وقت مضى. إن الأزمة الصحية ليست درساً صعباً فحسب، بل هي أيضاً فرصة لإحداث تغيير في أنماط التنمية للدول وظهور نموذج جديد في الاقتصاد، مع التركيز على الصحة أو الطاقة أو الأمن الغذائي.
وفيما يتعلق بأمن الطاقة نواجه هذا العام أزمة ناجمة عن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة. وأعتقد أن هناك حاجة إلى نهج متقارب على المدى المتوسط والطويل عبر الاتحاد الأوروبي، يستهدف المشاكل الهيكلية لقطاع الطاقة، ولكن أيضاً السوق المشتركة في مجال الطاقة.
إن تقليل الاعتماد على موردي الطرف الثالث خارج الاتحاد، وزيادة استقلالية الطاقة وتنويع إمدادات الطاقة، ليست سوى بعض الحلول المستدامة التي نحتاج إلى الاعتماد عليها.
ولهذه الغاية طلبت في الشهر الماضي من المفوضية الأوروبية إدراج الطاقة النووية والغاز الطبيعي في القانون الملحق لحزمة التصنيف TAXONOMY ، والذي سيتم تقديمه في أقرب وقت ممكن.
وتستفيد رومانيا من مزيج متوازن من الطاقة، لكننا بحاجة إلى قدرات طاقة مستدامة جديدة والتي من شأنها أن تؤكد إمكانية أن تصبح لاعباً إقليمياً مهماً في هذا المجال.
إن مشاريع الغاز الطبيعي البحرية في البحر الأسود هي فرصة يجب علينا اغتنامها بمسؤولية. أنا مقتنع بأن مشروع نيبتون ديب Neptun Deep الذي ستديره شركة OMV-Petrom وشركة Romgaz سيبدأ في أقرب وقت ممكن وسيكون نموذجاً للمبادرات المستقبلية.
وفي مجال الطاقة النووية لدينا تعاون جيد للغاية مع شريكتنا الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية والتي أبرمنا معها مؤخراً اتفاقية تستعد بموجبه رومانيا لدمج مفاعلات وحدات صغيرة في نظام الطاقة الوطني.
وتهدف رومانيا إلى تحقيق توازن فعال على المدى الطويل بين مفاعلات CANDU والتقنيات الجديدة معتمدين بهذا المعنى على التعاون الوثيق مع فرنسا، بناءً على شراكتنا الاستراتيجية.
أيها السيدات والسادة، ترتبط قدرة الاقتصاد على التكيف ارتباطاً وثيقاً بدرجة الرقمنة. لقد أدى الوباء بشكل حاد إلى تسريع الاتجاهات نحو الروبوتات واستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات سلسلة الكتل blockchain وكذلك الحاجة إلى الأمن السيبراني الكافي. تنمو الاستثمارات في الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي وتتخذ أشكالاً أكثر فأكثر.
واقترحت رومانيا للفترة المقبلة أكثر من مجرد استعادة للثغرات في مجال المجتمع الرقمي وبالتالي فإن تدابير دعم التحول الرقمي تمثل خُمس الإجمالي (29 مليار يورو) من الخطة الوطنية للتعافي والصمود.
ويمكن أن تدعم هذه التدابير قفزة تكنولوجية كبيرة إلى الأمام من خلال استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ومن خلال دعم الابتكار ودمج التقنيات الجديدة وتطوير المهارات الرقمية المعدلة.
وتحتل بلادنا المرتبة الرابعة في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد الخريجين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقد حان الوقت للاستفادة من هذه الأصول القيمة. ومن خلال المشاركة المباشرة لبيئة الأعمال في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الروماني، أنا مقتنع بأنه يمكننا أن نصبح مركزاً للابتكار الرقمي.
ويسعدنا في هذا الصدد أن رومانيا أصبحت الدولة المضيفة للمركز الأوروبي الصناعي والتكنولوجي والبحثي للأمن السيبراني، مع دور أساسي في ضمان الأمن الرقمي وكذلك شبكات الكمبيوتر في المجالات الحيوية مثل الصحة أو النقل أو الطاقة أو أسواق البنوك المالية.
لقد أظهرت لنا الأزمة الصحية أن الأمن والصمود يظلان جوهر كل دولة. ومع ذلك فإن الأدوات اللازمة للحماية الكاملة من إساءة استخدام التقنيات الجديدة تتجاوز قدرات دولة واحدة، بحيث أن تقليل الخوف من المخاطر التي تسببها هذه الأخطار لا يمكن إلا بتضافرنا معاً.
وتؤيد رومانيا الحاجة إلى حوار دولي موسع لتحديد القواعد المتعلقة بالتكنولوجيات الناشئة، بما يتماشى مع المبادئ والقيم الديمقراطية التي نحددها: حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام سيادة القانون.
ومن هذا المنظور من المهم بشكل خاص ضمان التنسيق والتكامل بين المبادرات التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
ويشمل هذا الجهد المشترك أيضاً مبادرة من رومانيا لإنشاء المركز الأوروبي الأطلسي للصمود في بوخارست، والذي سيشكل قطباً للتميز ومقدماً للخبرة لحلف الناتو والمجتمع الأوروبي.
لن تتوقف تحديات الصحة أو الطاقة أو الأمن عن الوجود، لذلك يجب علينا حشد أنفسنا بشكل صحيح بما يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الوطنية والإقليمية لضمان صمودنا وأمننا.
أهنئ مرة أخرى معهد أسبن رومانيا على إنشاء منصة حوار منتدى بوخارست. وفقط من خلال الحوار المتسق بين الهيئات المحلية والدولية ومجتمع الأعمال والمجتمع المدني، سنتمكن من تحديد الأدوات المثلى فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية. إن الطريقة التي نتصرف بها اليوم تشكل قدرتنا على الاستجابة غداً.
(المصدر: الموقع الإلكتروني للرئاسة الرومانية https://www.presidency.ro ، بتاريخ 09/12/2021)