الخلاف بين قطر وجيرانها يمكن أن يسبب خسارة المليارات من الدولارات (رويترز)

 قد يكلف قطع العلاقات الدبلوماسية بين قطر ودول الخليج المجاورة -المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين -مليارات الدولارات بسبب التباطؤ في التجارة والاستثمار، فضلاً عن زيادة تكاليف الاقتراض لبلدان المنطقة، وفقاً لتحليل نشر يوم الاثنين.

وبرر جيران قطر أعمالهم بأن الدوحة تقدم ” الدعم للإرهاب، بما في ذلك تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر ودول الخليج ‘إرهابية’.

وتقدر أصول صندوق الاستثمار السيادي لقطر، بنحو 335 مليار دولار، ويمكنها أن تساعد الإمارة بتجنب أزمة اقتصادية بعد أن قررت يوم الاثنين كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين قطع العلاقات البرية والجوية والبحرية مع الدوحة متهمة الإمارة بدعم الإرهاب.

وبفضل توسيع مرافق الميناء مؤخراً، يمكن لقطر أن تواصل صادراتها من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، الأمر الذي ساعد في الإمارة في شهر نيسان على تحقيق فائض تجاري قدره 2.7 مليار دولار، ويمكن استيراد المنتجات التي جاءت حتى الآن من المملكة العربية السعودية.

لكن بعض قطاعات الاقتصاد القطري قد تعاني بشدة إذا طال أمد الأزمة، المتعلقة بمزاعم الرياض بأن الدوحة تدعم “الإرهاب”، لشهور وهو الخطر الذي دفع سوق الأسهم القطرية للانخفاض أكثر من سبعة بالمئة يوم  الاثنين.

ومن المرجح أن تواجه شركة الخطوط الجوية القطرية، والتي تعتمد عليها الإمارة كثيراً في تعزيز السياحة خسائر كبيرة، بعد أن تم منعها من الوصول إلى بعض من أكبر المطارات في منطقة الشرق الأوسط.

وتقترض الحكومة القطرية في الداخل والخارج لتمويل إنفاق على البنية التحتية يناهز المئتي مليار دولار مع استعدادها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022. وينبئ تراجع أسعار السندات القطرية يوم الاثنين بأن تكلفة الاقتراض ستزيد الأمر الذي قد يكبح بعض المشاريع.

ولم يطرأ تغير يذكر على سندات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى يوم الاثنين لكن بعض المصرفيين الأجانب قالوا إن تكاليف الاقتراض قد تزيد على المنطقة كلها إذا استمرت التوترات الدبلوماسية.

وقال مصرفي ببنك أجنبي مقيم في الخليج طالبا عدم نشر اسمه بسبب الحساسيات السياسية “إذا استمر هذا الخلاف لفترة فقد تكون التداعيات هائلة”.

“مديرو الأصول لن يفرقوا بين قطر وسائر الخليج ولن يمس المديرون الأجانب أي ائتمان من مجلس التعاون الخليجي. إذا أصبحت قطر بمنزلة ممول للإرهاب أو مبعث قلق بخصوص قواعد الامتثال فإن مديري الأصول سيتوخون الحذر.”

بسبب اعتمادهم الكثيف على صادرات النفط والغاز فإن علاقات التجارة والاستثمار بين دول مجلس التعاون الخليجي الست ضعيفة مما سيحد من التداعيات الاقتصادية للأزمة. فالإمارات أكبر شريك تجاري خليجي لقطر لكن ترتيبها العالمي هو الخامس فحسب.

وعلى نحو مماثل فإن السعودية ودول الخليج العربية الأخرى لا تسهم بأكثر من خمسة إلى عشرة بالمئة من تداولات سوق الأسهم القطرية، وفقا لبيانات البورصة، مما يعني أنه حتى الانسحاب الكامل لن يهوي بالسوق.

لكن قطر ستواجه تكاليف أعلى في بعض المجالات. فواردات قطر من الغذاء البالغة 1.05 مليار دولار في 2015 كان نحو 309 ملايين دولار منها من السعودية والإمارات. وجزء كبير منها، وبخاصة منتجات الألبان، كان يأتي برا عبر الحدود السعودية وسيكون على قطر أن توفر ترتيبات بديلة. وقد ترتفع تكاليف الإنشاءات في قطر مما سيغذي التضخم بسبب عدم إمكانية استيراد الألومنيوم ومواد البناء برا.

وكانت السعودية والإمارات والبحرين سحبت سفراءها من قطر لثمانية أشهر في 2014 بدعوى دعم الدوحة لجماعات إسلامية لكن لم يكن لذلك أثر يذكر على السوق أو الاقتصاد لأنه لم يشمل قطع خطوط النقل. واستمرت العلاقات التجارية والاستثمارية دون تغير يذكر.

لكن السعودية تعهدت هذه المرة “بالبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن”.

ومن غير الواضح ما إذا كانت الرياض ستنجح في إقناع مزيد من الدول بقطع العلاقات مع الدوحة. لكنها قد تحاول حمل الشركات الأجنبية على الاختيار بين العمل مع قطر أو دخول سوقها، الأكبر بكثير، التي تعكف على تحريرها في إطار إصلاحات اقتصادية.

وقال مصرفيون في القاهرة يوم الاثنين إن بعض البنوك المصرية أوقفت بعض المعاملات مع نظيرتها القطرية. ومن غير الواضح ما إذا كانت البنوك الخليجية ستحذو حذوها لكن مصرفيين ببنوك تجارية إماراتية أبلغوا رويترز أنهم ينتظرون توجيهات البنك المركزي.

وتراجعت أسواق الأسهم في دبي وعدة دول خليجية يوم الاثنين -لكن ليس بقدر التراجع الحاد الذي شهدته قطر -في مؤشر على قلق المستثمرين بأنحاء المنطقة.

وقال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي لأبو ظبي الوطني للأوراق المالية “الأمر برمته غير جيد. لا أعتقد أن المنطقة مرت قط باضطراب بهذا القرب من قبل. وأعتقد أن الجميع يحاولون التكهن بمدى تلك الخطوات في المستقبل. “يأمل الجميع في تدخل الحكماء وأن تهدأ الأمور. لكن ما نراه هو تصعيد تدريجي.”

(المصدر: وكالة الأنباء أجير برس، 05/06/2017)