أكد مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير حسام الدين آلا أن التقرير المعروض على لجنة حقوق الإنسان حول سورية حافل بالتناقضات والمعلومات الملفقة ويفتقد للمصداقية ويتلاعب كما سابقيه بالتوصيف القانوني للأحداث، مبيناً أن تقارير لجنة التحقيق الدولية تستمر في كونها أداة رئيسية في الحملات السياسية التي تصر على تشويه الحقائق وتمارس التضليل وتنشر الأكاذيب.
وقال السفير آلا خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان: تم تنظيم ثلاثة اجتماعات حول الوضع في سورية خلال أسبوع واحد تم فرضها على جدول الأعمال بذرائع مختلفة حيث افتعلت بريطانيا مبررات واهية الأسبوع الماضي لعقد جلسة وتمرير قرار ضد سورية وأشرفت على تفاصيل المسرحية وعلى اختيار مشاركين من لون واحد في الندوة التي شهدتها هذه القاعة صباح «اليوم» بهدف تشويه صورة الحكومة السورية، إضافة إلى هذه الجلسة التي تمهد لاعتماد قرار بريطاني آخر يجدد الولاية المسيّسة للجنة التحقيق الدولية ويحدد مسار عملها.
ولفت السفير آلا إلى أن السلوك الذي تتبناه بريطانيا بالنيابة عن الولايات المتحدة وحلفائها يتكرر ويثير تساؤلات حول مصداقية دور المجلس في ظل تسخير آليات الأمم المتحدة وتحويلها إلى شاهد زور لخدمة أهداف حفنة من الدول.
وأوضح السفير آلا أنه من المؤسف أن تقارير لجنة التحقيق الدولية تستمر في كونها أداة رئيسية في هذه الحملات السياسية بعيداً عن معايير المهنية والنزاهة المفترض أن تحكم عملها وبذلك تتحول جلسة مايسمى بالحوار التفاعلي مع اللجنة المذكورة إلى حوار عقيم أدواته تقارير مسيّسة تفتقر للقانون والمنطق يعاد تدويرها في كل جلسة.. وبيانات سياسية تصر على تشويه الحقائق وتمارس التضليل وتنشر الأكاذيب.
وأضاف السفير آلا: انتقاداتنا الموجهة إلى اللجنة وإلى طرائق عملها تنطلق من الخلل الهيكلي الذي يحكم ولايتها ومنهجية عملها التي لا يمكن الركون لموثوقيتها وقانونيتها ومن استناد مصادر معلوماتها لأطراف غير محايدة ودول لا تخفي عداءها لسورية بدليل الأرقام غير الواقعية التي أطلقها رئيس اللجنة باولو بينيرو في بيانه صباح «اليوم».
وقال السفير آلا: التقرير المعروض عليكم حافل بالتناقضات المثيرة للسخرية مثل الاتهامات التي ترد في ملحق التقرير حول مسؤولية القوات الحكومية عن حوادث استخدام مزعوم للسلاح الكيميائي في بعض مناطق الغوطة رغم إقرار اللجنة بعدم قدرتها على تأكيد تلك الادعاءات أو تحديد نوعية المواد المستخدمة أو وسيلة إيصالها وكذلك استناد اللجنة إلى صور مجهولة المصدر جلبها شهود مجهولون لاتهام القوات الحكومية باستخدام القنابل العنقودية.
وبيّن السفير آلا أن السياق السياسي الذي تصر اللجنة على إقحامه في تقاريرها يكشف موقفاً مسبقاً من الأحداث في سورية ويتبنى روايات مضللة ويتجاهل اعترافات مسؤولين سعوديين وقطريين حول تورطهم بدعم الإرهاب منذ اليوم الأول للأحداث.
وشدّد السفير آلا على أن هذا التقرير المفترض به الاستقلالية والحياد يتلاعب كما سابقيه بالتوصيف القانوني للأحداث ويتجاهل جرائم الجماعات الإرهابية التي تستهدف الأحياء السكنية بالقصف العشوائي وتحجب المساعدات الإنسانية عن المدنيين وتفرض الحصار عليهم من داخل المناطق التي تسيطر عليها وتتخذهم دروعاً بشرية ويتخاذل عن إدانة جرائم «التحالف الأمريكي» المارق على الشرعية ضد المدنيين وقصفه المتعمد للبنى التحتية في سورية.
وأشار السفير آلا إلى أن هذا التقرير يفتقد المصداقية عندما يتهرب من توصيف غارة أمريكية استهدفت مدرسة تستخدم كمركز لإيواء النازحين في ريف الرقة أودت بحياة 150 مدنياً باعتبارها جريمة حرب وعندما يقدم سرداً لقصف جوي أمريكي أدى لمقتل 30 مدنياً في مدينة الرقة من دون توصيف قانوني لتلك الجريمة أو تسمية الطرف المسؤول عنها، موضحاً أن المثير للسخرية هو أن اللجنة التي تتقاعس عن توثيق تلك الجرائم والتحقيق فيها توصي مرتكبيها الأمريكيين بالتحقيق.
ولفت السفير آلا إلى أن الغارات الجوية الأمريكية دمرت مدينة الرقة بذريعة مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي لكن التقرير الذي يقر بهذه الحقيقة وبأن القصف أدى لمقتل آلاف المدنيين وشرّد عشرات الآلاف يكتفي بتقديم وصف سردي أيضاً لما حدث من دون تحقيق ومن دون توصيف قانوني.
وقال السفير آلا: رغم أن العدوان التركي الهمجي على مدينة عفرين وقراها تسبب بمقتل وإصابة مئات المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال ودمر بشكل متعمد الممتلكات والبنى التحتية وأدى الى تهجير قسري لعشرات الآلاف من السكان من بيوتهم فإن اللجنة لا تمتلك معلومات عن العدوان التركي حسبما ذكر رئيسها في مؤتمره الصحفي الأسبوع الماضي، متسائلاً: أي مصداقية تتوقعها اللجنة في ظل هذا التلاعب؟.
وأكد السفير آلا التزام الحكومة السورية بالقوانين الدولية والوطنية التي توجب عليها مسؤولية ضمان أمن وسلامة مواطنيها وإعادة الاستقرار لبلدها ورفضها الاتهامات المسيّسة التي يتبناها التقرير استناداً لشهود زور ومصادر ترتبط بالجماعات الإرهابية من قبيل «منظمة الخوذ البيضاء».
وأضاف السفير آلا: الحكومة السورية تعتبر دعوات اللجنة المرفوضة لإحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية وما يسمى بالولاية القضائية العالمية تجاوزاً لصلاحيتها وتجدد تأكيد موقفها الذي تم إبلاغه للأمين العام بخصوص العيوب القانونية التي شابت القرار 71/248 المتعلق بما يسمى الآلية الدولية للتحقيق والمساءلة.
كذلك أكد ممثل وفد روسيا لدى منظمات الأمم المتحدة في جنيف يوري ميخييف أن التقرير الذي قدمته ما تسمى «لجنة التحقيق» حول حالة حقوق الإنسان في سورية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة غير موضوعي ومنحاز ويعاني من ازدواجية في المعايير وخاصة بالنسبة لتغطية الأوضاع في الرقة ودير الزور.
وقال ميخييف في كلمة أثناء اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف: هذا التقرير شأنه شأن سابقيه غير موضوعي ومنحاز وفي حقيقة الأمر يهدف إلى تفعيل المواقف السياسية لعدد من الدول التي بادرت إلى تأسيس لجنة التحقيق حول سورية، مضيفاً: الحديث عن نشوء الأزمة في سورية يخلو من أي كلمة حول إذا ما كانت ولا تزال تغذى من القوى الساعية إلى «تغيير» الحكومة السورية الشرعية بالقوة.
وتابع ميخييف: يتكون انطباع بأن لجنة التحقيق تصمت بشكل متعمد عن استخدام القوة العشوائية وغير المتوازنة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن الذي قام بتسوية مدينة الرقة بالأرض في حقيقة الأمر كما أن معدي التقرير وفي معرض حديثهم عن المناطق المحاصرة يتحدثون فقط عن حلب والغوطة الشرقية ولا يذكرون شيئاً عن دير الزور أو الفوعة وكفريا وغيرها.
وأعرب ميخييف عن استغرابه من إدانة اللجنة لإجلاء المسلحين من بعض المناطق، لافتاً إلى أنها تجري على أساس اتفاقات.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 14/03/2018)