الصحفي يون كريستويو: الأمور الغريبة التي توحي بأن الأزمة الحالية تخفي أكثر بكثير من مجرد لعبة فخر

 

كتب الصحفي يون كريستويو مقالاً تحليلياً لما يحدث في السياسية الرومانية حالياً نورد فيما يلي نصه الكامل:

“الأزمة في تحالف يمين الوسط، بعد أسبوع من تفشيها، لم تنته مساء يوم أمس الاثنين في اجتماع التحالف وذلك لأنها تبدو أعمق بكثير من مجرد لعبة فخر بسيطة.

إن نظرة استرجاعية موجزة لتطور الفضيحة الناجمة عن الإقالة المفاجئة والوحشية وبنوع من عديم الضمير لفلاد فويكوليسكو من وزارة الصحة ومنصبه كوزير تشير إلى سلسلة من الحقائق الأقل شيوعاً في وضع حدوث أزمة من هذا الحجم داخل تحالف حاكم. ومما لا شك فيه في الائتلاف الحاكم وخاصة في تحالف مثل التحالف بين PNL و USRPLUS و UDMR، حيث تم تشكيل الائتلاف على عجل وتحت ضغط كلاوس يوهانيس، تظهر الآن التوترات والصراعات ولحظات من الأزمات مثل الأزمة الحالية.

ولكن في هذه الحالة لدينا منذ البداية اختلاف جوهري عن الأزمات المعتادة في الائتلافات الحاكمة في رومانيا لما بعد ثورة كانون الأول 1989 وذلك واضح منذ بداية الأزمة الحالية.

لنتذكر أنه منذ البداية، أي حتى من مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية، تخلى حزب PNL بشكل مفاجئ عن جميع الوزارات التي تجلب الأموال وخاصة الوزارات التي ستستخدم الأموال الواردة من الاتحاد الأوروبي، في حين تصرف USR-PLUS على عكس ذلك تماماً على الرغم من أنه أخذ في الانتخابات النسبة الأقل من الأصوات. لقد مر أقل من أسبوع أو أسبوعين منذ تنصيب الحكومة وقام وزراء USRPLUS بشن هجوم انتخابي واسع النطاق مستهدفاً PNL. وظهرت فكرة الإرث الكارثي من الشيوعية في رومانيا ولأول مرة في فترة ما بعد ثورة كانون الأول 1989 وليس فيما يتعلق بحزب المعارضة بل ضد الحزب الذي بقي في التحالف الحاكم. وندد وزير النقل ووزير الصناديق الأوروبية ووزير الصحة علناً بالإرث الكارثي الذي خلفه وزراء حزب PNL أي زملائهم في الحكومة.

وفي حالة الأزمة في الائتلاف الحالي فقد فوجئنا منذ البداية بالطابع المتفاخر والوحشي والمتعمد لإقالة فلاد فويكوليسكو.

ولم يكن فلاد فويكوليسكو إرهابياً أخذ رهائن. ولو كان قد أخذ جميع المسؤولين من وزارة الصحة كرهائن لكان من الطبيعي أن تكون عملية طرده من قبل قوات كوماندو بشكل غير متوقع كما حدث الآن.

وكان فصله مفاجئاً كما لو أنه هناك شخصاً ما يخشى كثيراً من رد فعل فلاد فويكوليسكو وخاصة رد فعل حزبه USR-PLUS. ولم يتم الإعلان عن الشريك الحاكم فحسب بل لم “يتعب رئيس الوزراء نفسه” بعد ذلك لتوضيح سبب إقالة فلاد فويكوليسكو، سواء علناً أو في اجتماع مع USR-PLUS.

ويبدو واضحاً أنه كان عملاً من جانب كلاوس يوهانيس لأنه وراء الضربة الاستفزازية إجراء يهدف إلى قلب USR-PLUS على ظهره وهذا النوع من التصرف الذي تجبر فيه الزوج الآخر على مبادرة الطلاق. ولم نرى بعد الإعلان عن سحب دعم حزب USR-PLUS لرئيس الوزراء فلورين كتسو لا من PNL ولا من السيد كتسو نفسه أي إشارة رغبة في المصالحة أو تجسين العلاقة.

وإذا افترضنا أن هذه الحركة كانت تهدف إلى إقالة فلاد فويكوليسكو فقط، لكان من الطبيعي أن يترك حزب PNL لحزب USR-PLUS إشارة إمكانية الاستسلام لخلق الظروف لصالح USR-PLUS للاستسلام مع الحفاظ على مظهر الانتصار وذلك لإنقاذ التحالف. بل على العكس من ذلك حاول PNL وجاهداً عدم إعطاء USR-PLUS أي إمكانية أو فرصة للخروج النظيف من هذه الفضيحة وأشرح:

1 – رفض فلورين كتسو صراحةً أن يشرح لشريكه الحاكم سبب إقالة فلاد فويكوليسكو.

2 – أعلن فلورين كتسو أنه لن يقبل أبداً اقتراحاً من حزب USR-PLUS فيما يتعلق باتفاق مكتوب يحصل بموجبه رئيس الوزراء على موافقة الحزب الذي ينتمي إليه الوزير قبل إقالته.

3 – لودوفيك أوربان ، بصفته زعيم أكبر حزب التحالف، كان من الممكن أن يلعب دور الشرطي الطيب، لكنه أضاف الغاز على النار كما يقال، معلناً أن هؤلاء من حزب USR-PLUS يجب أن يقدموا كتابياً تصريحاً أن وزيراً لن يهاجم رئيس الوزراء. ومثل هذا الشرط ليس غريباً وعبثياً في حكومة تحالف فقط بل حتى في أي حكومة. رئيس الوزراء لم يتم اختياره من قبل الشعب، فهو ليس لا نيكولاي تشاوشيسكو ولا البني موسى الذي اختاره الله بحيث لا يمكن مناقضته. إنه أحد المنتخبين ويمكن انتقاده حتى من قبل وزراء حزبه PNL. ولا أفهم كيف يمكن أن يتضرر “جلالة” السيد فلورين كتسو بسبب كلمات أحد الوزراء.

وتأتي هذه الحقائق التي حدثت بعد الأزمة لتؤكد على الفرضية القائلة بأن هذه الإقالة تشكل إجراءً ليس لإزالة فلاد فويكوليسكو شخصياً بل كان إجراءً أوسع من ذلك، وبلا شك بدعم من جنرالات القصر الرئاسي كوتروتشين ونظام مؤسسات القوة لتنظيم العلاقة داخل التحالف بشكل نهائي وبتعبير أدق لتغيير طبيعة الحكومة من حكومة التعاون بين PNL و USR-PLUS كما تم تشكيلها في البداية إلى حكومة حول PNL، كما أراد قادة PNL. وحدثت الآن العملية التي أقامها كلاوس يوهانيس شخصياً بسبب ما تم اعتباره في كانون الأول 2020 “استسلاماً مؤقتاً” أمام حزب USR-PLUS حتى يمكن تشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن.

فأجدد الآن ما كتبته سابقاً في تعليق آخر: في رأيي نحن نتعامل مع خطتين: الخطة أ والخطة ب وأكرر: إنها خطتين ليس لفلورين كتسو وليس للودوفيك أوربان ولكن لكلاوس يوهانيس لأنه صاحب هذا الانقلاب:

الخطة (أ) والتي تتكون من إذلال ودوس أولئك الذين ينتمون إلى USR-PLUS على افتراض بقائهم في التحالف وإذا بقي حزب USR-PLUS في الائتلاف ولم أنضم إلى المعارضة يبدو الأمر وكأنه أنهم لم يعودوا في السلطة. وهذه اللحظة هي لحظة حاسمة في العلاقة بين طرفين وكذلك بين شريكين وهي اللحظة التي يحاول فيها أحد الشريكين (PNL) الحصول على سلطات مطلقة على الآخر (USR-PLUS) والتعامل معه كأنه قطعة قماش لمسح الأرضية. وإذا بقي USR-PLUS وفقاً لهذه الخطة في الحكم على الرغم من هذه الضربات بالجزمة في الفم فإن PNL ستحكم عملياً بمفرده وسيكون USR-PLUS العجلة الخامسة في عجلة الحكومة.

وناهيك عن أن التنازل عن حملة USR-PLUS في آخر أسبوع دون الحصول على أي رضا سيؤدي إلى انخفاض كبير في استطلاعات الرأي.

وتأخذ الخطة (ب) في الاعتبار خروج USR-PLUS من الحكومة وهناك حكومة أقلية مدعومة وبالطبع بالضجة اللازمة من قبل PSD وسوف يبرر هذا الحزب الدعم الممنوح لحكومة الأقلية هذه بأزمة الوباء وبالمسؤولية التي يجب أن تتحملها الأطراف بسبب الأزمة الصحية وبأزمة شبه جزيرة القرم وبأزمة الكوكب وغيرها من الكلمات الفاضية المعروفة للسياسيين.

وبالطبع، يتساءل البعض كيف يمكن أن تكون مثل هذه الحكومة بدعم من PSD ممكنة دون الخسائر في صناديق الاقتراع.

نعم، يمكن أن يتراجع PNL في استطلاعات الرأي لكن دعونا لا ننسى أنه لن يكون لدينا انتخابات حتى عام 2024 وبحلول هذا العام يأمل حزب PNL في الفوز برأس مال انتخابي ضخم بالأموال القادمة من الاتحاد الأوروبي والتي سيستخدمها بعد الأزمة الصحية والتنازل عن القيود الحالية.

وفقط فرضية الخطة أ والخطة ب، كما قلت، التابعتان للقصر الرئاسي أي نظام مؤسسات القوة بقيادة جهاز الاستخبارات SRI تشرح الأشياء الغريبة التي ظهرت في تطور هذه الأزمة بما في تلك الغريبة جداً وهي  أن الرئيس كلاوس يوهانيس، الذي جعل من تشكيل هذا التحالف هدفاً محورياً لولايته الثانية، ساهم بشكل حاسم في الأزمة التي قد تؤدي إلى حل هذا التحالف نفسه.

(المصدر: الموقع الإلكتروني لوكالة ميديافاكس للأنباء mediafax.ro ، بتاريخ 19/04/2021)